مطار النجف
مطار النجفويكيبيديا

أصبح مَنجمًا لأحزاب عراقية.. مطار النجف خارج نطاق الدولة

أحمد عبد

شكّل مطار النجف الدولي مصدر تجاذبات وصراعات بين الإدارة المحلية للمحافظة والحكومة المركزية في بغداد..

ففي الوقت الذي تسعى فيه سلطة الطيران المدني لتحكم قبضتها على المطار، تصر الأحزاب المحلية على السيطرة على عائداته المالية، باعتباره منجمًا لن ينضب، مستخدمة قوة مسلحة لبسط نفوذها والامتناع عن تنفيذ أوامر بغداد.

قوة السلاح

وفجّر قرار لمجلس محافظة النجف يقضي بإعفاء مدير المطار، علي أحمد الساعدي، من منصبه جدلًا، وأزمة كبيرة في المحافظة، مع رفض الأخير مغادرة منصبه واستعانته بقوة مسلحة طوقت المطار ومنعت المدير البديل من تسلّم إدارته.

وكان مجلس محافظة النجف قرَّر في الـ16 من أبريل الجاري، "إعفاء علي الساعدي، من مهام مدير مطار النجف الدولي، وتكليف حسين عباس بمهام مدير المطار لمدة ستة أشهر، ومنحه الصلاحيات الإدارية والمالية التي تمكّنه من أداء مهامه، وربط المطار إداريًّا بمحافظ النجف، وإخضاعه لإشراف ورقابة مجلس المحافظة".

وعدَّ مجلس محافظة النجف تنصيب الساعدي مخالفًا للقانون، لأنه "تم بواسطة سلطة الطيران، وبغياب مجلس المحافظة"، كاشفًا عن عجز مالي في إيرادات المطار يصل إلى "150 مليون دولار".

وعشية قرار مجلس المحافظة بإقالة الساعدي، طوَّقت قوة "مسلحة" لم تُعرف عائديتها مطار النجف، ومنعت أيَّ قوة أخرى من الاقتراب من المطار، في وقت اجتمع فيه محافظ النجف ورئيس مجلسها مع قائد شرطة المحافظة بهدف تهيئة قوة أمنية لاقتحام المطار، وتنصيب المدير الجديد.

السوداني في واشنطن

وفي خضم هذه التطورات، ما زال رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في زيارته لواشنطن، ولم يَصدر من مكتبه أيُّ تصريح علني يشير إلى حل النزاع القائم على مطار النجف.

وأكد رئيس مجلس محافظة النجف، حسين العيساوي، عزم الإدارة المحلية على استرداد ما سمّاها "حقوق المحافظة" عبر حصر إدارة مطار النجف بالسلطة المحلية لا سلطة الطيران.

وأشار العيساوي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "مطار النجف هو مشروع استثماري صرفت أموال إنشائه من موازنة تنمية الأقاليم المخصصة للمحافظة، لهذا فهو يعد مُلكًا للحكومة المحلية".

ومن جانبه، قال مصدر في سلطة الطيران المدني، إن "المدير المُقال علي الساعدي، طلب تدخلًا أمنيًّا من بغداد لإبقائه في منصبه، بعد أن رفضت سلطة الطيران تنفيذ أمر مجلس المحافظة".

وأكد المصدر، لـ"إرم نيوز"، أن "القوة المسلحة التي استخدمها الساعدي لمنع تسليم المنصب قدِمت من بغداد، لكن لا تُعرف عائديتها، ومن أصدر الأوامر لها بالتوجه نحو مدينة النجف".

وكان رئيس الوزراء العراقي، أصدر في الـ8 من مارس عام 2023 قرارًا بإنهاء تكليف مدير مطار النجف حكمت أحمد، وتعيين علي الساعدي بديلًا عنه، ثم تلاه إعلان رئيس سطلة الطيران المدني عن عودة مطار النجف الدولي إلى إدارة السلطة، ووصل الساعدي حينذاك إلى المطار عبر طائرة عسكرية برفقة عدد من مديري الأقسام في سلطة الطيران المدني والجهات الرقابية.

أخبار ذات صلة
العراق.. ضبط "درون" بحوزة مسافر تركي في مطار النجف (صورة)

موارد المطار

وفي فبراير 2023، أعلن رئيس سلطة الطيران المدني، عماد الأسدي، في حديث متلفز، عن عدم معرفة سلطته بعائدية مطار النجف، وكم يجني المطار، ولأي جهة تذهب وارداته، حيث شكل هذا التصريح في حينه صدمة كبيرة داخل الأوساط الشعبية في البلاد.

وبدورها، دعت عضو لجنة النقل والمواصلات النيابية، زهرة البجاري، إلى عقد جلسة خاصة لمجلس النواب العراقي للوقوف على تطورات الأحداث في مطار النجف.

وقالت البجاري، لـ"إرم نيوز"، إن "لدى لجنتها ملاحظات عديدة على العقد الاستثماري الذي منح بموجبه المطار لإحدى الشركات الاستثمارية، وبيان الموقف القانوني لإيرادات المطار المالية، وأين تذهب هذه الواردات".

وأكدت أنها تتابع عن كثب هذه الملفات، وأن لجنتها ستستضيف رئيس سلطة الطيران المدني ومحافظ النجف لبيان تلك الملفات.

وشهد مطار النجف مع توسيعه تصاعدًا في وارداته خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث تعتبر النجف وجهة لآلاف الزائرين الأجانب من إيران ولبنان وباكستان للسياحة الدينية وزيارة المراقد "الشيعية" في المحافظة، إلا أنه ليس هناك جهة رسمية تعلن عن واردات المطار على غرار الشفافية في الواردات المالية لمطارات بغداد وأربيل والبصرة والسليمانية.

مسافرون في مطار النجف
مسافرون في مطار النجف أ ف ب

صراع المغانم

وفي عام 2008، قررت محافظة النجف تحويل مطارها العسكري إلى مطار مدني يستوعب الرحلات القادمة إلى المحافظة، وقدمت رئاسة الوزراء حينذاك مبلغ 50 مليون دولار لإعادة تأهيل المطار، ومنح حق إدارته وتشغيله إلى شركة العقيق الكويتية لمدة خمسة أعوام، على أن تستثمر الشركة خلال هذه المدة 50 مليون دولار.

إلا ان شركة العقيق تركت تشغيل المطار عام 2011، مطالبة باسترداد مستحقاتها البالغة 50 مليون دولار مع فوائد للفترة الزمنية التي استغرقتها في العمل، وفي عام 2012 لجأت الشركة إلى التحكيم الدولي لاسترجاع حقوقها.

وكشف عضو سابق في مجلس محافظة النجف، لـ"إرم نيوز"، عن أسباب ترك الشركة للمطار، قائلًا إن "حجم الفساد المالي في عملية إدارة مطار النجف يكاد لا يصدق، فشركة العقيق التي من المفترض أن تشغل المطار اصطدمت بحيتان الفساد التابعين للأحزاب التي تمتلك ميليشيات مسلحة، والتي نهبت واردات المطار، وسيطرت على الحسابات".

وأضاف عضو المجلس، الذي رفض ذكر اسمه خوفًا من ملاحقة الميليشيات له، أن "سيطرة الميليشيات على مطار النجف لم تكن لغرض السيطرة على وارداته فقط، بل يعد منفذًا للتهريب، سواء عبر شركات التشغيل للعمالة أو تهريب الأموال (الكاش) خارج البلاد، فهي من تتحكم في عملية التفتيش للمسافرين".

وفي عام 2021، أصدر القضاء العراقي حكمًا بالحبس لمدة 4 أعوام بحق مدير مطار النجف السابق جواد عبد الكاظم الكرعاوي، المعروف بـ"أبو أكثم"، على خلفية تلقيه رشاوى تتعلق بعقود استثمارية، ثم حكم عليه مرة أخرى بالسجن 4 أعوام على خلفية قضية عقد المدرج الجديد في المطار، لتصبح مجموع الأحكام 8 أعوام.

ويُعد "أبو أكثم" واحدًا من قيادات التيار الصدري، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، والذي أصدر فيه الصدر بيان براءة منه عام 2017، بعد أن فضحت هيئة النزاهة حجم الفساد في إدارته للمطار.

ومن جانبه، أشار مصدر في محافظة النجف إلى أن "الأحزاب السياسية في المحافظة، التي لها نفوذ ميليشياوي، تستخدم مطار النجف لتعظيم مواردها المالية".

وقال، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إنه "لهذا السبب نرى اليوم تَقاتل جهات سياسية على إدارة المطار، ومنها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والتيار الصدري وغيرهما".

وينتظر عودة رئيس الوزراء العراقي من واشنطن بهدف حسم ملف إدارة مطار النجف، والبت في عائديته بين سلطة الطيران المدني التابعة للحكومة المركزية، وبين مجلس محافظة النجف، ومن سينتصر سلطة القانون أم سلطة الميليشيات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com