من آثار الحرب في السودان
من آثار الحرب في السودانرويترز

دعم عسكري وأطماع خفية.. السودان يواجه خطر الانزلاق إلى "وحل الأجندة الإيرانية"

يطرح التدخل الإيراني المتفاقم في السودان، من خلال دعم الجيش بالمسيرات وربما بأسلحة أخرى، مخاوف من انزلاق السودان إلى "وحل الأجندة الإيرانية" التي تسعى إلى الالتفاف على المنطقة.

وبتحليل الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة وكيفية اعتمادها على إدارة ملف صراعاتها وحساباتها السياسية من مناطق خارج نطاقها الجغرافي بدليل الأحداث الجارية حاليا في ملف الحرب على غزة، يمثل موقع السودان الاستراتيجي أهمية كبيرة في استكمال المشروع الإيراني في المنطقة.

كماشة إيران

وتسعى إيران الى استكمال الكماشة الممتدة شمال المنطقة العربية في العراق وسوريا ولبنان، إلى الجنوب في اليمن والسودان غرب البحر الأحمر في الجهة المقابلة تقريبا لميليشيا الحوثي على ساحل البحر الأحمر.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار الأهمية السياسية لموقع السودان بالنسبة إلى المخطط الإيراني بعيدا عن الأهمية الاقتصادية ومحاور أخرى متعددة، فالسودان أيضا مقابل للسعودية من الجهة الغربية ومحاذ لمصر جنوبا. كما ينظر المخطط الإيراني إلى السودان على أنها بوابة لباقي الدول الأفريقية التي بدأت إيران التحرك فيها في السنوات الأخيرة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر تدعم إيران ما يسمى بالحركة الإسلامية في نيجيريا التي تلقت منها دعما عسكريا على شكل تدريبات وأسلحة.

وإذا لم تحذر أطراف الصراع في السودان التي بدأت في الانفتاح على إيران وخصوصا الجيش السوداني وتأخذ بعين الاعتبار النتائج الكارثية التي وصلت إليها الأنظمة والدول التي اتبعت هذا المنهج، فسيغرق السودان في وحل الأجندة الإيرانية، وتؤدي به الحال إلى ما انتهت به الأوضاع في الأمثلة والشواهد المحيطة التي يعلمها السودانيون جيدا.

أخبار ذات صلة
مقابل منفذ على البحر الأحمر.. إيران تقتحم حرب السودان

ومع دخول الحرب في السودان بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثاني، بدأت بوادر التدخل الإيراني تظهر بشكل ملحوظ، من خلال تزويد قوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان بالمسيرات التي قد تشكل بداية لتزويد أكبر بالأسلحة والمعدات.

ويدلّ تزويد إيران للجيش السوداني بالمسيرات على وجود خطوط اتصال وتنسيق خلف الكواليس بين الطرفين قابلة للتطور لأبعد من ذلك، بناء على المنهجية الإيرانية في مشروعها التوسعي وسعيها للتمدد في المنطقة؛ الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على السودان بكل مكوناته على المديين المتوسط والبعيد.

قد يعتقد البرهان وحلفاؤه في السودان، أن انفتاح إيران على الوضع السوداني جاء في سياق تعاون وتزويد عسكري محصور في إطار دعم الجيش السوداني في الصراع القائم، وسيبقى مفتاح التحكم بيد الأطراف السودانية في إدارة العلاقة مع إيران، ولكن حقيقة الأمر بناء على معطيات وشواهد التدخل الإيراني في مناطق الصراع في الدول العربية ونتائجه الكارثية يدل على أن الجيش السوداني يدخل منحنى خطيرا قد يكون الوقت فاته لتلافيه في المرحلة الحالية.

مشروع توسعي

الأطماع الإيرانية في المنطقة العربية ومشروعها التوسعي الهادف إلى بسط نفوذها في المنطقة ترتكز في بداياتها على تأجيج بقع الصراع لوضع موطئ قدم لها ينتهي إلى ما انتهت إليه الأوضاع في العراق وسوريا ولبنان واليمن التي لا زالت تعاني الأمرين، وتدفع أثمانا باهظة جراء انفتاحها على إيران وقبولها بالتدخلات الإيرانية.

وقد تسللت طهران إليها في البداية عبر بوابة الدعم والتعاون العسكري، عن طريق تزويدها بمعدات وأسلحة، تبعها تواجد لما يسمى خبراء ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني فيها.

وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003 ومع بداية انسحاب الجيش الأمريكي في العام 2008 عانى العراق ولا يزال من التغلغل الإيراني الذي سعت إليه بعض الأطراف العراقية، التي اعتقدت وقتها أن الأمر سيبقى مقتصرا على دعم في الأسلحة والمعدات، وأدى في النهاية إلى انتشار القوات الإيرانية على الأرض وتشكيل ميليشيات عسكرية طائفية مزّقت الداخل العراقي، ووصلت إلى تحكم إيران في المشهد السياسي العراقي.

وتكرر المشهد في سوريا على إثر أحداث ما يسمى الربيع العربي في العام 2011، حين انفتح النظام السوري على الدعم والتعاون الإيراني، وكانت النتائج أسوأ مما حدث في العراق. ولا زالت سوريا غير قادرة على التخلص من الوجود والنفوذ الإيراني على أراضيها المستمر ليومنا هذا.

وتقوم الإيدولوجية الإيرانية على إنتاج وتشكيل ميليشيات طائفية محلية مسلحة موالية لها في مناطق تدخلها، كما حدث في الحالة اللبنانية واليمنية، فميليشيا حزب الله في لبنان تسيطر على مفاصل الدولة وعطلت الحياة السياسية وأدخلت لبنان في ويلات الحروب والصراعات امتثالا لإملاءات إيران.

وكذلك الأمر في اليمن الذي يعاني ويلات الانقسام الذي تسببت به ميليشيا الحوثي التي أدخلت البلاد في حالة غير مسبوقة من تردي الأوضاع على جميع المستويات، وأدخلت اليمن في حالة صراع مع أطراف دولية حسب الإملاءات الإيرانية عرضت اليمن للدمار.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com