يكثّف الجيش الإسرائيلي، هذه الأيام، قصفه الجوي لمناطق وسط وجنوب قطاع غزة، رغم تهديدات حكومة نتنياهو باجتياح بري لمدينة رفح، وتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق هناك.
وأدى القصف الإسرائيلي المكثّف لوسط القطاع إلى تدمير عدد من المربعات السكنية، ومقتل وإصابة المئات من السكان والنازحين، ما أثار التساؤلات بشأن سبب تركيز الجيش الإسرائيلي على مناطق الوسط في المرحلة الراهنة.
وقبل أيام، صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على خطط للقيام بعملية عسكرية في رفح، وأكد مكتبه أن الجيش يستعدّ للمسائل العمليّاتية، ولإجلاء السكان المدنيين، فيما أكدت تقارير دولية أن مجلس الحرب الإسرائيلي صادق بدوره على العملية.
سببان رئيسيان
يرى المختص بالشأن العسكري، يوسف الشرقاوي، أن "تركيز الجيش الإسرائيلي في الوقت الراهن على المنطقة الوسطى يأتي في إطار سببين رئيسيين"، لافتاً إلى أن تلك المنطقة لا تمثّل الهدف العسكري الاستراتيجي للجيش حاليًا.
وأوضح الشرقاوي، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "السبب الأول يتمثّل في سعي الجيش الإسرائيلي لإضعاف منطقة وسط القطاع عسكرياً؛ لضمان عدم قدرتها على مساندة الكتائب المسلحة لحركة حماس في رفح مع بدء العملية العسكرية هناك".
وأشار الشرقاوي إلى أن "تحقيق هذا الهدف سيُسهّل على الجيش الإسرائيلي مهمة تنفيذ عمليته العسكرية في رفح من دون أي مخاوف من فتح جبهة قتال في منطقة الوسط، خاصة أنه سيُبقي، في حال اجتياحه رفح، على جبهة القتال مفتوحة في خان يونس".
وأضاف أن "هذا يضمن للجيش الإسرائيلي الإبقاء على ثلاث جبهات قتال رئيسية فقط في قطاع غزة، الأولى في مناطق الشمال على الحدود، والثانية في خان يونس، أما الثالثة فستكون في رفح، وهي الجبهة الرئيسية بالنسبة له في حينه".
أمّا السبب الثاني، وفق الشرقاوي، فيمكن ربطه "بالتقارير التي تشير إلى نجاح الجيش الإسرائيلي بالوصول إلى القيادي في الجناح المسلح لحركة حماس، مروان عيسى، وإصابته بشكل مباشر"، مبيناً أن إسرائيل تسعى لضمان القضاء عليه، وعدم انتقاله من المنطقة الوسطى.
وتابع: "بتقديري إسرائيل لديها معلومات تشير إلى أن مروان عيسى أُصيب بشكل مباشر في إحدى ضرباتها الجوية على المنطقة الوسطى، وهي تحاول بتكثيف الضربات القضاء عليه، ما يحقق لها إنجازًا عسكريًّا جديدًا".
قرارات عسكرية
بدوره، يرى المحلل العسكري، واصف عريقات، أن "تكثيف الجيش الإسرائيلي لضرباته الجوية في مناطق وسط القطاع يأتي في إطار القرارات العسكرية المتعلقة بتخفيف وتيرة الحرب على غزة في الوقت الحالي، من دون وقفها".
وأوضح عريقات، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "تخفيف إسرائيل لهجماتها العسكرية ضد غزة في الآونة الأخيرة أعطى انطباعاً بأنها تريد وقف الحرب"، مبيناً أن ذلك دفع الجيش الإسرائيلي لتكثيف الضربات الجوية.
وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي يركّز في الوقت الحالي على عمليات القصف المتواصلة، التي بدورها تحقق أهدافاً عسكرية من جهة، وتمنح الجنود الإسرائيليين استراحة المحارب من جهة أخرى"، مؤكداً أن إسرائيل لا تريد إرهاق جنودها في الوقت الحالي.
وبيّن عريقات أن "الضربات المكثّفة على المنطقة الوسطى ستضمن تحييدها عن أي تطورات عسكرية في رفح، خاصة أن الجيش الإسرائيلي نفّذ عمليات محدودة ولوقت قصير في تلك المناطق، تركزت على الحدود الشرقية".
وتابع: "بتقديري حالة الإرهاق التي يعاني منها جنود الجيش الإسرائيلي هي السبب الرئيسي في اتخاذ قيادته قرارات تتعلق بتكثيف الغارات الجوية على حساب التحركات البرية، إلى جانب الاستعداد لعملية عسكرية في رفح".
ولم يستبعد الخبير العسكري أن "تكون أنباء اغتيال القيادي في القسام مروان عيسى، بقصف إسرائيلي قبل عدة أيام لمخيم النصيرات، أحد أسباب تكثيف الضربات الجوية"، قائلاً: "يبدو أن إسرائيل تدرك أن عيسى نجا من الاغتيال، وتحاول الوصول إليه مرة أخرى".