قوات أمريكية وروسية وسورية
قوات أمريكية وروسية وسورية متداولة

حشود عسكرية و"تسخين تدريجي".. هل ينفجر الوضع في سوريا؟

تتواتر الأحاديث منذ أسابيع عن حشد عسكري تقوم به مختلف الأطراف الفاعلة على الأرض السورية، استعدادًا لمعركة محتملة قد تنشب بين قوات التحالف الدولي ومعها "قسد" من جهة، والميليشيات الإيرانية المدعومة من القوات السورية وروسيا، من جهة أخرى.

المؤشرات على قرب اندلاع معارك جديدة في الميدان السوري تدعمها العديد من الأحداث في الأيام الأخيرة، بدءًا بالضربة الموجعة التي تلقاها الجيش السوري، عبر مقتل أكثر من 30 من جنوده بهجوم لـ"داعش"، ثم استهداف قاعدة للقوات الأمريكية في حقل "كونيكو" للغاز الطبيعي في دير الزور، صباح السبت، لكن بالرغم من كل ذلك ثمة اتفاق بين الخبراء أن الاصطدام المباشر ليس من مصلحة أحد.

تسخين تدريجي

يرى الخبير والمحلل العسكري السوري كمال الجفا، المقرب من دوائر صنع القرار في دمشق، أن عملية "التسخين التدريجي" للملفات الإقليمية والدولية؛ خاصة في سوريا، لم تأتِ من فراغ، وإنّما هي نتيجة قرارات ميدانيّة وسياسيّة اتخذتها جميع الأطراف الفاعلة في الملف السوري لتغيير الواقع الميداني والجغرافي والجيوسياسي.

وتحدث الجفا في تعليق لـ "إرم نيوز" عن وجود مشاريع جديدة هدفها زيادة حدة الحصار والضغوط على سوريا أولًا، وعلى حلفائها ثانيًا، بالتزامن مع زيادة وتيرة "الاعتداءات الإسرائيلية" على بعض المواقع السورية، خاصة منظومات الدفاع الجوي التي تدفع الثمن الأكبر جرّاء هذه الاعتداءات.

ويعتبر المحلل العسكري، أن شمال شرق سوريا هي الجبهة الأكثر سخونةً، وأن السماح باستمرار هذه الضربات من قبل "داعش" أو الأمريكيين، وتحقيق أهداف واشنطن بإغلاق كامل الحدود السورية العراقية هو كارثة جدية ستحل بسوريا، وحتى حلفائها سواء الإيرانيين أو الروس.

ويؤيد الجفا اتهامات دمشق للقوات الأمريكية بدعم "داعش" في هجومها الأخير على الجيش السوري.

ويقول "لا يمكن لداعش شن هذه الهجمات المباشرة والواسعة وفي جبهات قتالية ومناطق جغرافية واسعة إلا بوجود دعم مطلق لوجستي وتقني وتسليحي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية".

ويضيف: "ثبت بالدليل القاطع، ومن خلال قتلى الدواعش أو من ألقي القبض عليهم، أنهم تلقوا عتادًا ودعمًا وأجهزة اتصالات وآليات عبر وسطاء من قبل الجيش الأمريكي، وتبين ميدانيًّا أن الدورات التدريبية التي تقوم بها القوات الأمريكية لبعض مقاتلي التنف هم من منتسبي "داعش" وباعترافهم واعتراف عدد من قيادات ميدانية معارضة".

وبالتالي؛ يرى الجفا أن توسع هجمات "داعش" وتمددها وانتقال خلايا ومجموعات متلاحقة عبر ضفة الفرات الشرقية إلى الضفة الغربية لمجابهة الجيش السوري هو بتسهيل أمريكي واضح وصريح؛ لأن الضفاف الشرقية مراقبة ومحصنة بشكل مطلق من قبل القوات الأمريكية و"قسد".

ويخلص الخبير العسكري إلى أن القصف الذي استهدف القوات الأمريكية قبل يومين هو نتيجة لتراكمات واحتكاكات وصدامات مستمرة منذ أشهر، ولم يكن وليد قرار برد فوري على المجزرة التي ارتكبها "داعش" ضد مجندي الفرقة 17 (وهم عمليًا قوات حرس حدود وليسوا قوات قتالية متمرسة).

طريق مسدود

ويشير المحلل العسكري السوري إلى أن ملف العلاقات السورية التركية وصل إلى طريق مسدود بعد أن "تنكر أردوغان لكل ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات القادة الأمنيين والعسكريين" ورفضه تقديم أي تعهد بالانسحاب من الأراضي السورية أو "التوقف عن دعم التنظيمات الإرهاربية".

ويقول إن زيادة حدة الهجمات على مواقع الجيش السوري من جبهات ونقاط تتواجد فيها القوات التركية يعكس حدة الانقلاب في الموقف التركي ضد التفاهمات مع سوريا.

ويشير الجفا إلى "مروحة واسعة من الوقائع الميدانية في الشمال" السوري، وزيادة هجمات "داعش" على الجيش السوري، والحديث عن اتخاذ الولايات المتحدة الأمريكية قرارًا بإغلاق نقطة الحدود السورية العراقية، وتوسيع نطاق ومساحة وسيطرة القوات الأمريكية المتواجدة في التنف، كل ذلك مردّه توحيد هذه الجهود وهذه الضغوطات والعودة إلى المربع الأول من الحرب على سوريا.

ويترافق كل ذلك، وفقًا للجفا، بحشود أمريكية كبيرة وتهديدات بعمليات عسكرية واسعة ضد المصالح الإيرانية والروسية، وزيادة الاحتكاكات الجوية وكسر بروتوكولات الحد من الاصطدام الجوي فوق سوريا، وهو ما أوصل الأمور إلى لحظة الانفجار.

ومن هذا المنطلق "جاء القصف المتعدد الأساليب والطرق على القواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا، والتي تتموضع فيها قوات مقاتلة تحتل قواعد نفطية وآبار غاز تعتبر الشريان الحيوي والرئيس للسوريين، بينما هم محرومون منها" وفق قوله.

ويعتقد المحلل العسكري السوري، أن الرد العسكري من قبل "المقاومة الشعبية" والمدعومة من قبل سوريا وحلفائها هي "الشرارة لصنع معادلة جديدة هدفها تغيير الواقع الميداني والعسكري وردع الولايات المتحدة وأدواتها على الأراضي السورية" لأن الأثمان التي تدفع من جرّاء تحمل هذه الضربات والضغوطات هي أضغاف ما سيدفع في حال عدم الرد وامتصاص هذه الضغوطات إلى ما لانهاية.

لكن؛ بالرغم من كل ما سبق، يخلص الخبير العسكري السوري إلى أن مسألة الدخول الأمريكي المباشر في هذا الصراع وتوسيعه ليصبح صدامًا مباشرًا هو أمر مستبعد حاليًا "لأن الولايات المتحدة تعودت القتال بالأدوات، وإن خسرت هذه الأدوات تتدخل بشكل مباشر، لكن جميع الأطراف لا تريد الصدام المباشر" وفق قوله.

أنس جودة
أنس جودة

"ضبابية شديدة"

رئيس حركة البناء الوطني في سوريا، أنس جودة، علّق على الأحداث المتلاحقة التي تشهدها الساحة السورية بالقول، إن ثمة "ضبابية شديدة" تحيط بالوضع في سوريا والمنطقة.

وقال جودة لـ "إرم نيوز" إن التصعيد العسكري واضح، ولكنه يرى بالمقابل أن هذا التحشيد لا يتعلق بسوريا على الأرجح، بل بـ"ضبط اللعبة" على مستوى المنطقة، حسب وصفه.

ويشير جودة إلى الأحاديث المتواترة عن ربط شمال شرق سوريا مع قاعدة التنف، لكنه لا يرى أن هذا الأمر بحاجة إلى كل هذا التحشيد العسكري الكبير.

من جانب آخر؛ يشير السياسي السوري إلى حالة من التوجس الكبير لدى السوريين والإيرانيين، ويلفت إلى تحضيرات عالية المستوى لدى الجانبين استعدادًا لأي تطورات عسكرية.

في المجمل، لا يتوقع جودة تصعيدًا عسكريًّا كبيرًا على خلفية التحركات والأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا والمنطقة؛ لأن "لا أحد من اللاعبين يريد تصعيد الأمور"، وإنّما الجميع بحاجة إلى ضبط إيقاع الأحداث.

ويختزل السياسي السوري موقف دمشق بعد حديث الأسد الأخير لقناة "سكاي نيوز عربية" بثلاث نقاط: أولاها استمرار المحور السوري الإيراني، وثانيها عدم التواصل مع أردوغان رغم الوساطة الروسية، وثالثها جمود العلاقة بين دمشق ومحيطها العربي رغم الأحاديث خلال الأشهر الماضية عن وساطات عربية وانفراجات، ويقول جودة إن ملامح الجمود كانت واضحة منذ زيارة وزير الخارجية الأردني الأخيرة إلى دمشق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com