العراق.. هل تواجه حكومة السوداني مخاطر تحرك الصدريين؟

العراق.. هل تواجه حكومة السوداني مخاطر تحرك الصدريين؟

لم يمضِ يومان على تكليف مرشح قوى الإطار التنسيقي، محمد شياع السوداني، تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حتى شن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هجوماً عليها، واصفا إياها بأنها ستكون حكومة الـ"التبعية الميليشياوية".

وجاء هجوم الصدر بعد صمت لعدة أيام، دون تعليق على مجريات العملية السياسية، وعقد مجلس النواب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف المرشح الجديد.

وشدد الصدر على رفضه القاطع والواضح والصريح "لاشتراك أيٍ من التابعين لنا ممن هم في الحكومات السابقة أو الحالية أو ممن هم خارجها أو ممّن انشقوا عنّا سابقا أو لاحقا، سواء من داخل العراق أوخارجه أو أي من المحسوبين علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بل مطلقًا وبأي عذر أو حجة كانت في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم ممن لا همّ لهم غير كسر شوكة الوطن وإضعافه أمام الأمم".

واللافت أن تعليقات الصدر جاءت في وقت كان قادرًا على تعطيل جلسة تكليف السوداني، وانتخاب الرئيس العراقي الجديد، عبر توجيه أنصاره بالنزول إلى الشوارع، وتطويق المنطقة الخضراء، وهو ما حصل سابقاً، لكنه لم يفعل.

فرصة جديدة

ويفسر سياسي في التيار الصدري الموقف بأن "زعيم التيار منح القوى السياسية فرصة جديدة لانتخاب رئيس للحكومة بالمواصفات المطروحة شعبياً، وهي أن يكون مستقلاً، ونزيهاً، وغير مرتبط بأي حزب، ومعروفا بولائه للعراق، لكن الأحزاب أصرّت على ترشيح أحد أعضائها، والمضي بالعملية دون الالتفات إلى رغبة الصدر، وكذلك توجيهات المرجعية الدينية في النجف".

وأضاف السياسي الصدري، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "الجماهير الصدرية بالفعل تشعر الآن بالحزن وخيبة الأمل، لكن لديها التزام مع الصدر، وهي تطيع في كل الأحوال"، مشيرًا إلى أن "الصدر يبدو أنه سينتظر حتى إجراء الانتخابات الجديدة على أمل حصول تغييرات في العملية السياسية تسمح بتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية".

ولفت إلى أن "الصدر ربما لن يقف بوجه تشكيل حكومة السوداني، لكن في حال حصول أخطاء كبيرة وفظيعة ربما يتدخل، أو عدم التزام القوى السياسية باتفاقاتها، مثل الانتخابات المبكرة"، مشيرًا إلى أن "الصدر تحول إلى المعارضة وإن كان منسحباً من البرلمان، عبر وجوده، والتلميحات المتكررة الصادرة عنه، وهو ما يولد خوفاً سياسياً من أي تحركات ضد المصلحة العامة".

وبعد تكليف السوداني، دخل أنصار الصدر في نوبة حيرة وتضارب في التعليقات، ففي الوقت الذي تحدث فيه بعضهم عن وجود اتفاق مع الصدر بشأن تمشية الحكومة الحالية؛ بهدف إجراء الانتخابات المبكرة، قال آخرون إن الصدر لن يدع هذه الحكومة ترى النور، وسيمنع انعقاد جلسة التصويت عليها عبر تحريك أنصاره.

وتمكن الصدر من منع جلسة كانت مقررة للبرلمان في شهر يوليو/تموز الماضي، من أجل انتخاب رئيس الجمهورية، عبر زج أنصاره في المنطقة الحكومية وسط بغداد، وهو ما حال دون انعقاد أية جلسات.

الصدر "كابوس" السوداني

وبقيت جلسات البرلمان معطلة لنحو شهر ونصف الشهر؛ بسبب وجود أنصار الصدر، والصدامات التي حصلت حينها، وصولاً إلى الاشتباكات المسلحة التي شهدتها بغداد في شهر آب/أغسطس الماضي، بين قوات سرايا السلام التابعة للصدر، وأخرى تابعة للفصائل المسلحة.

ويرى المحلل السياسي مخلد حازم أن "تحرك الصدر لوأد حكومة محمد شياع السوداني مرهون بسياسة الأخير نفسه، وفيما إذا سيكون رهينة لدى قوى الإطار التنسيقي، أو مستقلاً بقراره، ومتمكناً من نفسه ومنصبه، ولديه برنامج اقتصادي واضح، وأعتقد في تلك الحالة لن يتدخل الصدر، أو يوجه أنصاره بالتظاهر ضد حكومة السوداني".

وأضاف في تعليق لـ"إرم نيوز" أن "السوداني إذا لم يتمكن من إخراج نفسه وحكومته من إرادة قوى الإطار، والأحزاب السياسية الأخرى، سيكون ضعيفاً أمام الشعب، لذلك فإن الصدر لم يتحدث عن شخص السوداني في البيان الأخير، وتطرق إلى أشياء عمومية تمس آلية انبثاق تلك الحكومة، باعتبارها من رحم قوى الإطار التنسيقي".

ولفت حازم إلى أن "الصدر وأنصاره سيكون تحدياً أمام السوداني، لجهة امتلاكه زمام الخارطة السياسية، والقدرة على التغيير".

ذر الرماد في العيون

لكن الخبير في الشأن العراقي علي البيدر يرى أنه "ليس من مصلحة الصدر تحريك احتجاجات ضد حكومة محمد السوداني، مع وصول قوى الإطار التنسيقي إلى هذا المستوى من امتلاك الشرعية وأدوات التنفيذ، والقدرة على المواجهة في المشهد السياسي، ما يعني أن فتح جبهة مع الإطار يمكن أن يُفسر على أنه موجّه ضد الدولة".

وأضاف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الصدر كان يمكنه القيام بردة فعل قبل أن تصل الأمور إلى تكليف السوداني بتشكيل الحكومة، أما اليوم فإن الصدر لن يستطيع فعل شيء، لكن يمكن الحديث عن تسوية تمت معه لتلبية مطالبه، وأن تغريدته الأخيرة ربما جاءت لذر الرماد في العيون، وإيهام الشارع بأنه خارج الحسابات السياسية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com