يروي الغزّي أحمد حجازي تفاصيل اعتقاله ونجله من قبل الجيش الإسرائيلي بالقول: "كنت أنا وعائلتي في منزلنا بحي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، عندما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل جيراننا بشكل مباشر ومن دون سابق إنذار، ما أحدث أضرارًا جسيمة في المنزل".
وأضاف حجازي، في حديث لـ"إرم نيوز": "تعرّض منزلنا لأضرار كبيرة جدًا راح ضحيتها ابنة أخي وأصيب معظم من في البيت بجراح مختلفة، اضطررنا حينها إلى ترك المنزل والنزوح إلى منزل أحد الأصدقاء بالقرب من منزلنا، وبقينا بداخله طيلة أيام اقتحام الحي".
وتابع: "كانت ليالي الاقتحام لا توصف، والقذائف تنهمر كالمطر وأصوات الصواريخ لا تتوقف، فضلًا عن أصوات الدبابات والآليات العسكرية، كنّا ننتظر في أية لحظة أن يتم استهداف المنزل ونصبح في عداد القتلى".
لم يتوقف الضرب والتنكيل والتجويع داخل معسكر التحقيق لحظة واحدة، فضلًا عن خلعنا لملابسنا في البرد القارس
وبيّن: "في إحدى الليالي وفي ساعات متأخرة من الليل وفي الظلام الدامس اقتحم المنزل عشرات من الجنود الإسرائيليين، وبدؤوا بضربنا بشكل عنيف جدًا بأعقاب البنادق والبساطير، واعتدوا على زوجتي وبناتي وكسروا عظامهن وسط صراخ وبكاء وحالة من الفوضى العارمة".
وزاد حجازي: "حاولت أن أدافع عنهن، فانهال عليّ أكثر من سبعة جنود بالضرب والتكسير حتى خارت قواي، وفي لحظة ووسط حالة الفوضى والضرب والتنكيل، قام أحد الجنود باستخدام سكينه الخاص وقطع جزءا من إصبعي على الفور، صرخت بأعلى صوتي حتى كاد قلبي يتوقف من شدة الألم".
ولفت إلى أنهم "لم يكتفوا بكل هذا التنكيل، فاعتقلوني وابني البكر ذا الثلاثة وعشرين عامًا، وسط حالة من الإعياء وعدم التركيز، وقاموا بترك إصبعي ينزف وتقييدنا وتعصيب أعيننا، ثم مشينا معهم كدروع بشرية مسافة 3 كيلو مترات تقريبًا، حتى وصلنا إلى إحدى ناقلات الجند التي نقلتنا رفقة مجموعة أخرى من المعتقلين إلى إحدى معسكرات الجيش داخل إسرائيل".
وأشار المفرج عنه: "كان كل تفكيري في ذلك الوقت بعائلتي (زوجتي وابنتي وابني الصغير) التي تركتها مع عشرات الجنود المتوحشين يضربونهم بقسوة وينكلون بهم، حتى باتت تراودني هواجس مخيفة جدًا من الاعتداء عليهن جنسيًا أو قتلهن.. كنت في حالة يرثى لها".
وتابع: "لم يتوقف الضرب والتنكيل والتجويع داخل معسكر التحقيق لحظة واحدة، فضلًا عن خلعنا لملابسنا في البرد القارس، وإطلاق الكلاب المتوحشة علينا في الظلام الدامس، كنّا نعيش أقسى الأوقات دون رحمة ودون أدنى وجود للمعاملة الإنسانية".
وقال: "بدأ إصبعي المبتور بالالتهاب، وبات بمجرد تحريكه وكأنها لسعات من الكهرباء تسري في جسدي، طالبتهم مرارًا وتكرارًا بأنني أحتاج إلى علاج، فكان الرد: "إذا طلبت العلاج مرة أخرى فسأقطع يدك، وكان جادًا جدًا فيما يقول، فلم أعد أطلب".
وبيّن حجازي: "جرى اعتقالنا 31 يومًا لا أتذكر أنني نمت ساعتين بشكل متواصل، وحتى الساعتان كانتا إما وسط موسيقى صاخبة أو حالة من الجوع والبرد الشديدين؛ أي أنني لم أنم طيلة تلك الفترة حتى بات الجهاز العصبي منهارا تمامًا، ولم تعد لدي القدرة على الإدراك بشكل سليم".
وأكمل حجازي حديثه: أفرجوا عنّا أنا وابني بعد 31 يوما تعرضنا فيها لأقسى أنواع العذاب عبر معبر كرم أبو سالم جنوب رفح، بعدما سرقوا كل ما نملك، وفور وصول سيارات الصليب الأحمر لإجلائنا طلبت التواصل مع عائلتي فلم أتمكن لانقطاع شبكات الاتصال في شمال غزة، فقررت التواصل مع شقيقي الذي كان نازحًا في رفح، فجاء على الفور لأخذي إلى خيمته في غرب المدينة".
وختم: "عندما وصلت هناك بدأت أسأل عن مصير عائلتي فأخبرونني أنهم بخير، وتعالجوا من كسور قد تعرضوا لها بفعل الضرب، ونزحوا تلك الليلة إلى مركز إيواء ومن ثم إلى منزل عائلة زوجتي في مخيم جباليا شمال القطاع، فهدأت قليلًا واستطعت أن أنام ذلك اليوم وأنا أشعر ببعض الراحة".