الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إمانويل ماكرون
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إمانويل ماكرونأ ف ب

بعد توقيع "ملف الذاكرة".. هل تطلب فرنسا "الصفح" من الجزائر عن جرائم الاستعمار؟

التقى مؤرخون جزائريون وفرنسيون، الاثنين، في العاصمة الجزائرية؛ لتناول المسائل الخلافية بشأن "ملف الذاكرة وآلام الاستعمار"، لـ"تسوية مشكلة التاريخ لبناء علاقات طبيعية مبنية على تقاسم المنفعة".

وانتهى الاجتماع بتوقيع اتفاقية مشتركة بشأن ملف الذاكرة واسترجاع الأرشيف الجزائري خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وممتلكات تاريخية لم تتبين طبيعتها بعد، غير أن مسألة فتح الأرشيف واستعادة بعض القطع المنهوبة ما زالت تلقى مقاومة؛ إذ تطالب الجزائر على وجه الخصوص بالسيوف أو وثائق ملك للأمير عبد القادر، الذي حارب غزو فرنسا للجزائر في منتصف القرن التاسع عشر، وأصبح الأخير منذ ذلك الحين رمزا للوحدة الوطنية والدفاع عن الوطن.

وأشارت السلطات الفرنسية إلى الأشياء "غير القابلة للتصرف" التي تم التبرع بها للمتاحف الفرنسية تحت القسم، لا سيما من قبل أحفاد الجنرالات السابقين في الجيش الاستعماري.

وبخصوص كواليس الاجتماع، نقلت مصادر جزائرية مطلعة من لجنة الذاكرة أن "أعضاءها اجتمعوا في مقر الأرشيف الوطني بالعاصمة الجزائرية لعقد اجتماع محوري، حيث قرر الوفد الفرنسي برئاسة المؤرخ بنجامين ستورا زيارة الأماكن التي تمثل التاريخ المشترك قبل جلسة عمل رسمية".

وحسب المصادر، زار الفريق المكتبة الوطنية الجزائرية، التي تحتوي على وثائق تتعلق بالفترة الاستعمارية، ثم محكمة شهدت محاكمات رفيعة المستوى خلال حرب الاستقلال، وفيها صدرت أحكام إعدام ضد المقاومين الجزائريين.

وزار أعضاء اللجنة متحف الجزائر للفنون الجميلة، الذي يضم لوحات لرسامين فرنسيين وعالميين مشهورين، ثم توجهوا إلى حديقة "الحامة"؛ إحدى أقدم الحدائق النباتية في العالم التي تم إنشاؤها في 1832، بعد عامين فقط من وصول الجيوش الفرنسية إلى الجزائر.

وعبّر المؤرخ بنجامين ستورا، رئيس الوفد الفرنسي بـ"لجنة الذاكرة"، في تصريحات، عن "أمله في أن تتم عمليات تسليم سيوف الأمير عبد القادر وألبسته، وبرنسه ووثائقه الدينية، خاصة نسخة القرآن التي تعود له"، موضحا أن "مثل هذه الالتفاتة ممكنة، بانتظار اعتماد نص تشريعي من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية".

أخبار ذات صلة
الجزائر تعلن مقتل "عنصرين إرهابيين" غرب البلاد

وبالنسبة لرئيس فريق المؤرخين الجزائريين في اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية، لحسن زغيدي، فقد شدد في تصريحات له على أن "الجزائر تطالب باسترجاع الأرشيف الأصلي وليس فقط الوثائق المرقمنة"، مؤكدا أن "بلاده تسعى إلى استعادة كل الأرشيف"، منتقدا في الوقت ذاته "الشروط التي تضعها الإدارة الفرنسية، مقابل تسليم الجزائريين ما يريدونه بشأن الأرشيف".

وبالتزامن مع جلسة العمل هذه، حث، من الجزائر، رئيس وزراء فرنسا الأسبق، دومينيك دوفيلبان، الرئيس إيمانويل ماكرون على "طلب الصفح من الجزائر عن الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة الاحتلال"، التي دامت 132 سنة (1830 – 1962).

وفي محاضرة عندما سأله باحث جزائري عن "مسألة الذاكرة والاعتذار عن الآلام التي سببها الاستعمار للجزائريين"، قال إن "الرئيس نفسه لا يملك القدرة على محو مآسي الماضي بضربة واحدة"، داعياً إلى "جعل قضية الذاكرة ماضياً مشتركا".

وسبق لماكرون، خلال مقابلة مع مجلة "لوبوان" الفرنسية، في 12 يناير 2023، أن استبعد تماما "طلب الصفح من الجزائر عن جرائم الاستعمار"، مؤكدا أن "أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول نحن نعتذر، وكل منا يذهب لحال سبيله"، موضحا أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنه عكس ذلك تماماً".

لكن الرئيس تبون في رسالته بمناسبة "اليوم الوطني للذاكرة" المخلد لمجازر مظاهرات 8 مايو 1945، أكد أن "ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية".

واعترفت السلطات الفرنسية بـ"جرائم" معينة، مثل مذبحة المتظاهرين الجزائريين الذين تم إلقاؤهم في نهر السين ليلة 17 أكتوبر 1961. وأعادت تسمية الأماكن العامة التي كانت تحمل أسماء أحداث أو وقائع مرتبطة بالاستعمار.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com