أثارالكاتب السعودي جمال خاشقجي -العائد بعد توقف دام شهورا- الجدل بمقاله الجديد في جريدة الحياة، بين نشطاء سعوديين، أشاد بعضهم به، بينما رأى آخرون أنه بداية جديدة لم تخلُ من تناقضات، طالما اتهم بها في السابق على ضوء ما يقال عن تعاطفه مع جماعة الإخوان.
المقال الذي ركز على فكرة أن العلمانية ”منظومة متكاملة لا يمكن أخذ بعضها وترك بعضها الآخر“، لاقى ردود فعل متباينة، أغلبها كان انتقادًا للكاتب، وطرحه الذي رأى بعض النشطاء أنه مضحك.
وفي هذا الصدد قال الناشط على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، فهد بن محمد ”من المضحك أن يُكتب مقال نهايته (فكرة جيدة فيها مخاطرة … كثر متحمسون لها..) تتناقض مع بدايته(…يُفقد الدولة أهم مقوماتها وركائزها في الحكم)“.
من المضحك أن يُكتب مقال نهايته(فكرة جيدة فيها مخاطرة … كثر متحمسون لها..) تتناقض مع بدايته(…يُفقد الدولة أهم مقوماتها وركائزها في الحكم)
— فهد بن محمد (@fahadd_07) August 19, 2017
وحذر خاشقجي في مقاله من مخاطر كبيرة تهدد النظام السعودي، القائم على الشريعة الإسلامية، في حالة إدخال بعض المفاهيم العلمانية عليه، معتبرا أن أقصى ما يمكن للمملكة فعله ”للحفاظ على كيانها هو أن تجتهد في فقه الإسلام الذي تمضي عليه“.
ورأى بعض المغردين في هذه النقطة، تناقضا من الكاتب، المعروف بامتداحه للتجربة التركية، التي تمزج بين العلمانية والإسلام، رغم أنه يستند إلى أن للنظام السعودي خصوصيته.
وربط الكاتب بين مفهوم السمع والطاعة وبين الشريعة الإسلامية معتبرا هذه الميزة: ”تنقضها العلمانية تماماً، فهي تقوم أساساً على الفصل بين الدين والحكم“.
وتعليقا على هذه النقطة يقول الناشط محمد الجبير ”ليس في الإسلام ما يمنع فصل الدين عن الدولة ولا يتعارض مع مفهوم الولاء للحكومة والقيادة والطاعة، فلماذا الخلط والرمي بهذه الحجة غير المنطقية“.
ورغم ان الكاتب قال إن مقاله ”يناقش سوء فهم البعض للعلمانية ولمقال سعود القحطاني والسفير العتيبة“.
إلا أن بعض المنتقدين اعتبر أن الكاتب حاول تفادي انتقاد مقال المستشار في الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، حيث قال إن مقال القحطاني تم الاستعجال في فهمه، حيث ”لم يذكر مصطلح العلمانية مطلقاً، وإنما حام حول حاجة شرعية الدولة السعودية الحقيقية الممثلة بقوة السلطة الحاكمة، ولتلبيتها حاجات المواطن، وإنجازاتها الملموسة والمشاهدة على أرض الواقع، إلى شرعية أيديولوجية غير تلك التي كانت أحياناً سبباً للضعف وتكالب الأعداء والتفتت والتفكك في نهاية المطاف“ وفق تعبيره.
وهذه النقطة تعتبر حجر الزاوية، في تعليقات المغردين وانتقاداتهم، حيث رأى معظمهم أنها محاولة منه لتمرير رسالته، دون أن يظهر ضد توجهٍ رئيس في المملكة، التي تخطو على نحو متسارع نحو الانفتاح.
وفي هذا الصدد قال أحد المغردين مخاطبا خاشقجي ”لا نريد منك رفع سوء الفهم فعقولنا تكفي للمعرفة المغزى من رفع سوء الفهم“ في إشارة إلى فهم الرسالة التي يريد الكاتب تمريرها بشكل غير مباشر.
لا نريد منك رفع سوء الفهم فعقولنا تكفي للمعرفة المغزى من رفع سوء الفهم
— TRUTH SEEKER (@Aallii03279584) August 19, 2017
وحول ما يثار عن علاقة ملتبسة بين الكاتب وجماعة الإخوان المسلمين، قال أحد النشطاء ”عدت وعادت رائحة النار والبارود والإرهاب والإجرام فبئست العودة هي لنصير إجرام وإرهاب الإخوان الوسخين..“.
https://twitter.com/amrhmismsil/status/898850172683333636
المغرد عبدالله العلمي، قال بدوره ”رجعت حليمة.. تمجيد الإسلام السياسي (الإخوان)، ومهاجمة حكومة الإمارات. العرض القادم ربما تمجيد قطر والهجوم على مصر والبحرين“.
https://twitter.com/AbdullaAlami/status/898821416187047936
ودفاعا عن العلمانية التي هاجم الكاتب الداعين الاستئناس بآلياتها، قال أحد النشطاء ويدعى أبو محمد ”البعض يخاف من العلمانية ويعتقد أنها مثل داعش إما أن تكون مثلنا وإلا نذبحك ماهو عارف ان العلمانية تحترم حقه في طريقته بالعيش“.
#الشعب_جاهز_للعلمانيه
البعض يخاف من العلمانيه ويعتقدانهامثل داعش اما تكون مثلنا والا نذبحك
ماهو عارف ان العلمانيه تحترم حقه في طريقته بالعيش— ابو محمد (@abu_Mohammed_5) August 19, 2017
ورغم بعض الانتقادات إلا أن الأصوات المؤيدة للكاتب كانت حاضرة.
وقال أحد المغردين ”أستاذ جمال أسعدت بعودتك للكتابة، ولكن عنوان المقال هو استفزازي. فالعلمانية ليست دكانا،،ولو كانت كذلك لما آمن بها الملايين“.
أستاذ جمال أسعدت بعودتك للكتابة، ولكن عنوان المقال هو استفزازي. فالعلمانية ليست دكانا،،ولو كانت كذلك لما آمن بها الملايين
— Soubhi Zeaiter (@SoubhiZeaiter) August 19, 2017
وأضاف آخر يدعى أبو ياسر “ مقال رائع ! تم وضع النقاط على الحروف وبيان مايمكن عمله في ضوء بقاء الأسس، والبناء على مابناه الأجداد ! التحول للعلمانية خطر محدق على البناء“.
https://twitter.com/roor143/status/898791566453727232
وتشهد الساحة السياسية والثقافية بدول عربية عدة نقاشا قويا حول فلسفة الحكم التي ينبغي اتباعها، في ظل التحولات الكبرى التي يمر بها العالم والمنطقة، منذ مطلع القرن الجاري، مع ثورة القيم والمفاهيم التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.