آلاف المسافرين يعبرون الربع الخالي بطريق جديد يخترق أكبر صحراء في العالم

تشهد صحراء الربع الخالي، وهي أكبر صحراء متصلة في العالم، منذ نحو شهر تقريباً، عبور آلاف المسافرين لطريق جديد يخترق مساحتها الشاسعة، ويُفقدها سبب تسميتها التاريخية المستمدة من خلوها من البشر.

فمنذ افتتاح أول طريق بري بين السعودية وسلطنة عُمان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبر عشرات الآلاف عبر ذلك الطريق الذي يوصف بأنه معجزة؛ بسبب مروره بين كثبان رملية لا تنتهي.

وأظهرت أرقام رسمية حول حركة المرور على الطريق، وعبور المنفذ الحدودي البري بين السعودية وسلطنة عُمان، عبور 35 ألف مسافر منذ فتح المنفذ يوم 7 ديسمبر الماضي.

وقد يفوق عدد العابرين للطريق في شهر واحد عدد من عبروا تلك الصحراء عبر التاريخ بكثير، إذ ظلت صحراء الربع الخالي لقرون طويلة مقبرة لمن يعبرها عن طريق الخطأ، جوعاً وعطشاً وتأثراً بمناخها القاري الحار جدا في الصيف والبارد في الشتاء، مع قلة هطول الأمطار وكثرة هبوب العواصف الرملية على مدار السنة.

وغالبية المركبات العابرة للطريق هي سيارات خاصة تقل أشخاصاً يتنقلون بين السعودية وسلطنة عُمان بغرض السياحة، أو زيارة الأماكن المقدسة، أو لأسباب أخرى مختلفة، مع عدد أقل بكثير من الشاحنات، ما يبرز الأهمية الاجتماعية للطريق بجانب أهميته التجارية.

ونقلت وكالة الأنباء العُمانية الرسمية عن وزير النقل سعيد بن حمود المعولي قوله إن منفذ الربع الخالي الحدودي الجديد "يُعد نقطة تواصل اجتماعي بين البلدين، ومعبرًا يُسهم في تنمية الاقتصاد من خلال التكامل اللوجستي".

ومن المتوقع أن يشهد الطريق ازدياداً كبيراً في أعداد المسافرين والعابرين له في الفترة المقبلة، إذا ما تراجع انتشار وخطورة فيروس كورونا، بحيث يتم إلغاء الإجراءات الاحترازية التي قيدت السفر، ودفعت الرياض لتقليص عدد الحجاج والمعتمرين القادمين من الخارج.

وسيستفيد الطريق أيضاً من تطوير العلاقات الوثيقة أصلاً بين الرياض ومسقط، حيث تبادل كبار مسؤولي البلدين الزيارات، وتوقيع اتفاقيات التعاون خلال الفترة الماضية، وجرى افتتاح الطريق خلال وجود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في زيارة رسمية لمسقط.

ويبلغ طول الطريق نحو 725 كيلومتراً، الجزء الأكبر منه يمر داخل الأراضي السعودية، أكبر دول الخليج، وبطول 564 كيلومتراً، مقابل 161 كيلومتراً في سلطنة عُمان.

ومثل إنجاز الطريق انتصاراً على صحراء الربع الخالي ورمالها الكثيفة، والتي تمتد على طول ألف كيلو متر وعرض 500 كيلو متر، بعد عمل استمر لسنوات، وانتهى بإزاحة بحار من الرمال وشق الطريق الطويل.

ويمر الطريق السريع من حقل الشيبة النفطي في السعودية، ويبدأ دخول الربع الخالي من منطقة حرض مرورًا بالبطحاء، ثم يتجه نحو المنفذ الحدودي العُماني الجديد، ويقلص زمن الرحلة بين البلدين من 18 ساعة إلى نحو ست ساعات فقط تقريبًا.

وكان الراغبون بالتنقل براً بين البلدين يضطرون للمرور في الإمارات المجاورة، ما يزيد من طول الطريق ومدة السفر.

وبات الطريق معلماً ثابتاً في تلك الصحراء الشاسعة غير واضحة المعالم، التي تحتل الثلث الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، موزعةً بين أربع دول هي: السعودية واليمن وعُمان والإمارات، بمساحة تبلغ 430 ألف كيلومتر مربع.

ورغم اكتشاف جزء من ثرواتها الباطنية الكبيرة في العقود القليلة الماضية، من نفط وغاز، إلا أن صحراء الربع الخالي ظلت خالية من النشاط البشري، لكن الطريق الجديد قد يغيّر من حال تلك الصحراء في غضون سنوات قليلة، لتمتلئ بالبشر أخيراً.