زيارة محمد بن زايد لتركيا.. هل يصلح الاقتصاد ما أفسدته السياسة؟
زيارة محمد بن زايد لتركيا.. هل يصلح الاقتصاد ما أفسدته السياسة؟زيارة محمد بن زايد لتركيا.. هل يصلح الاقتصاد ما أفسدته السياسة؟

زيارة محمد بن زايد لتركيا.. هل يصلح الاقتصاد ما أفسدته السياسة؟

ينظر محللون سياسيون إلى زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كمنعطف "تاريخي ونوعي" قد تكون له تداعيات "إيجابية" على منطقة الشرق الأوسط بأسرها.

وكان لافتًا لدى معظم المراقبين مستوى الحفاوة الذي استُقبل به محمد بن زايد في تركيا، بينما طغت الاتفاقات الاقتصادية على أجواء الزيارة نظرًا لحجم الاتفاقات التي تم توقيعها في هذا المجال بين البلدين عقب اجتماع محمد بن زايد وأردوغان.

وقال الشيخ محمد بن زايد في تغريدة له على توتير بعد لقائه أردوغان: "التقيت، اليوم، في أنقرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأجرينا مباحثات مثمرة، تركزت حول فرص تعزيز علاقاتنا الاقتصادية، ونتطلع إلى فتح آفاق جديدة وواعدة للتعاون والعمل المشترك يعود بالخير على البلدين، ويحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعاتهما إلى التنمية والازدهار".

الاقتصاد في مواجهة ملفات السياسة

ويقول الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن "العلاقة وثيقة بين الاقتصاد والسياسية باعتبارهما وجهين متلاصقين يؤثران في بعضها البعض، علمًا بأن الاقتصاد والاستثمار هما الأقوى والأكثر رسوخًا ولا يتأثران بالتحولات السياسية"، مستشهدًا بنموذج العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الإمارات وإيران من جهة، والإمارات وتركيا من جهة أخرى، التي "لم تتأثر رغم الخصومة السياسية على مر السنوات"، على حد قوله.

ويضيف عبد الخالق عبد الله، في حديث لـ "إرم نيوز" عبر الهاتف: "أكثر من 70% من الملفات المعقدة في طريقها إلى الحل، سواء ملف تنظيم الإخوان المسلمين، أو الملف الليبي الذي تم التوافق بشأنه، وتراجع تركيا عن تحريضها ضد مصر"، منوهًا إلى أن "الملف الذي لا يزال عائقًا بين الإمارات وتركيا هو الملف السوري".

وأشار الأكاديمي الإماراتي إلى أن "النتيجة الأهم من تقوية العلاقات بين خصمين سياسيين تسببا في الكثير من المواجهات وقررا فجأة الابتعاد عن هذه المواجهات، ستنعكس إيجابًا لصالح استقرار المنطقة ككل، حيث ستخف بالنتيجة حدة التوترات في كافة مجالات الحياة السياسية، والاقتصادية، والتنموية، وغيرها، وهذا ما يعنينا في المقام الأول".



أسباب وأهمية التقارب الإماراتي التركي

وأعاد المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان أسباب التقارب الإماراتي التركي إلى "تغيرات جيوسياسية في المنطقة وارتباط تركيا الحتمي بهذه التغيرات، مثل تبدل السياسة الراهنة تجاه ما يُسمى بـ(الربيع العربي)، وفقدان الإخوان المسلمين مناصبهم في المنطقة، وكذلك التحول الكبير في الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية"، موضحًا أن "العلاقات الإماراتية التركية تُستأنف على أسس جديدة، انطلاقًا من رصيد تاريخي حافل بين البلدين".

وأشار أوزجان، عبر خدمة رسائل واتساب الصوتية لـ"إرم نيوز"، إلى وجود "رغبة من قبل الدول الخليجية للانفتاح مع تركيا، بعد إزالة الموانع بينهما، كما أن الإمارات محطة مهمة بالنسبة لتركيا، لاسيما في مجال التجارة، والاقتصاد، والأسواق المفتوحة، فضلًا عن ثقل الإمارات في المنطقة"، مؤكدًا أن "الإمارات لعبت دورًا كبيرًا في العالم العربي والشرق الأوسط، وتركيا كذلك سعت إلى التطبيع مع الجميع حتى مع مصر وإسرائيل"، وفقًا لقوله.

وقال الباحث التركي محمد زاهد غول، إنه "لا يمكن الحديث عن اختلاف كبير بين تركيا والإمارات كبنية دولة ومقاربات سياسية واقتصادية"، موضحًا أن "الإمارات أقرب دولة إلى تركيا من حيث الانفتاح والثقل السياسي والاقتصادي"، مرجعًا أسباب التقارب بين البلدين إلى "تغير المواقف التركية الحادة وخياراتها السياسية تجاه بعض القضايا، وسعيها إلى ترميم العلاقات مع إسرائيل ومصر، حيث تُعد تركيا دولة مركزية تجمع بين الشرق والغرب ولها موقعها الإستراتيجي ومكانتها الاقتصادية".

وأضاف زاهد غول، عبر خدمة رسائل واتساب الصوتية لـ"إرم نيوز": "الإمارات رقم أساس في معادلة التجارة العالمية، وحكمة الشيخ محمد بن زايد تغلبت على الصعوبات السياسية، الأمر الذي يعني بدء مرحلة جديدة ستركز على القواسم المشتركة والتفاهمات وتتجاوز سحابة الصيف العابرة نحو رؤية إستراتيجية لتحقيق مصلحة الجانبين والمنطقة ككل"، على حد تعبيره.



ما الذي غير موقف تركيا؟

أما الباحث التركي موسى أوزوغورلو فيرى أن "الزيارة ستكون حاسمة لمستقبل تركيا، ويمكن للإمارات أن تمنح تركيا قبلة الحياة سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا"، مضيفًا أن "العلاقة بين تركيا والإمارات شهدت مراحل صعبة تمثلت بتوجيه الاتهامات والتراشق المتبادل، بسبب ملف تنظيم الإخوان المسلمين، هذا الملف الحساس جدًا بالنسبة للإمارات، نظرًا للتعاون الكبير بين تركيا والإخوان"، منوهًا إلى دول أخرى تعيش في أزمة مع تركيا بسبب الإخوان، مثل مصر، والسعودية.

وأوضح أوزوغورلو أن "أخطاء تركيا الكثيرة في سياستها الخارجية، لاسيما خلال السنوات الأخيرة، والتي اعتبرتها الكثير من الدول تدخلًا في شؤونها، عززت التقارب والتعاون بين تحالف الإمارات، ومصر، والسعودية، في مواجهة تحالف قطر وتركيا".



تحقيق المصالح المشتركة

وأشار الباحث الاقتصادي عامر الشويكي إلى "الأهمية الكبيرة للتقارب الإماراتي التركي سياسيًا واقتصاديًا، حيث سيعمل هذا التقارب على تذليل العديد من التحديات السياسية والعسكرية في الملفين السوري والليبي، وغيرهما".

وأضاف الشويكي، عبر خدمة رسائل واتساب النصية لـ"إرم نيوز": "تفضل أوروبا أن تعمل تركيا والإمارات سويًا لتحقيق عدة مصالح، أهمها تذليل معارضة تركيا على خط "إيست ميد" الذي سينقل الغاز إلى أوروبا من حقول شرق المتوسط، حيث ترتبط الإمارات بعلاقات جيدة مع دول منظمة غاز شرق المتوسط، ولديها استثمارات مهمة، فيما تولي أوروبا أهمية كبرى لأنبوب الغاز "إيست ميد" لتخفيف اعتمادها على الغاز الروسي".

وأوضح الخبير في شؤون النفط والطاقة عامر الشويكي أن "التقارب الإماراتي التركي سيسمح كذلك بدخول الإمارات بخبرة شركاتها السيادية في استثمار الغاز المكتشف مؤخرًا في تركيا بالبحر الأسود، لحل معضلة تقليص الشركات الغربية استثماراتها الأحفورية لدواعٍ بيئية"، منوهًا إلى أنه "قد يتيح توسط الإمارات سياسيًا ترسيم الحدود بشكل مقبول لتركيا نتيجة علاقة الإمارات المميزة مع قبرص واليونان"، على حد قوله.

 

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com