كيف دمرت تغريدة غامضة إمبراطورية الملياردير الهندي بي آر شيتي؟
كيف دمرت تغريدة غامضة إمبراطورية الملياردير الهندي بي آر شيتي؟كيف دمرت تغريدة غامضة إمبراطورية الملياردير الهندي بي آر شيتي؟

كيف دمرت تغريدة غامضة إمبراطورية الملياردير الهندي بي آر شيتي؟

في منتصف عام 2018، خلال مقابلة إعلامية، قال الملياردير "بافاجوثو راغورام شيتي": "إذا لم يكن لدي مشكلة في اليوم، لا أعتبر ذلك جيدا، حيث يجب أن أواجه مشكلة وأحلها حتى أشعر بالرضا".

وكما يقول المثل، "احذر مما تتمناه"، ففي وقت المقابلة كانت الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للملياردير الذي كان يتخذ من عاصمة الإمارات أبوظبي مقرا له وأسس شركة إن.إم.سي هيلث (NMC Health)، وكانت آنذاك أكبر شركة رعاية صحية خاصة في الإمارات.



وكان اكتتابها العام الأولي في عام 2012 ببورصة لندن، وهو الأول لشركة مقرها أبو ظبي، مذهلا حيث جمع 117 مليون جنيه إسترليني، وفي عام 2014، استحوذ شيتي على شركة الصرافة الكبرى "ترافيليكس" في المملكة المتحدة، بمليار جنيه إسترليني، وكان يمتلك عددا كبيرا من الشركات الصغيرة عبر قطاعات الضيافة والتعليم والأدوية، وكلها تعمل بشكل جيد.

وفي عام 2017، قال إنه سينتج أغلى فيلم على الإطلاق في الهند، بميزانية بلغت 150 مليون دولار أمريكي، وكان يتنقل على متن طائرته خاصة، ويستعرض سياراته الفارهة ويمتلك طابقين ببرج خليفة بدبي، أعلى برج في العالم، وكان موقعه الشخصي يعرض صورا له وهو يتبادل المزاح مع مشاهير السياسة، وبيل غيتس ونجوم السينما الهندية.

حلم المهاجرين

كان شيتي يجسد حلم المهاجرين الأكبر في الخليج العربي، فهو رجل من ولاية كارناتاكا الهندية الساحلية وصل إلى صحراء غرب آسيا الغنية بالنفط في أوائل السبعينيات ومعه 8 دولارات في جيبه، واستمر في إنشاء ثروة شخصية قدرتها مجلة "فوربس" بمبلغ 4.2 مليار دولار في 2018.



ولم يحقق "شيتي" نجاحا مذهلا فحسب، بل كان يرد الجميل للمجتمع، فقد تطوع ليكون جزءا من "تعهد عطاء"، وهي حملة قام بها بيل غيتس ووارين بافيت، وتعهد بالتبرع بنصف ثروته الشخصية على الأقل للأعمال الخيرية.

وبالتالي، عندما أجرى تلك المقابلة، لم يكن هناك سبب يدعو أي شخص للشك في أن إمبراطوريته يمكن أن تنهار، وخاصة لأن شخصا يتولى إدارة حساب على تويتر في كاليفورنيا قرر أن يكون مزعجا.

التغريدة الغامضة

في الـ 6 من أغسطس عام 2019، جاء في تغريدة غامضة على تويتر: "مادي ووترز الآن في فترة تعتيم حتى الغد 8 صباحا بتوقيت لندن، حيث سنعلن عن تقرير قصير يتضمن فشلا حسابيا محتملا يمكن أن يؤدي لأزمة سيولة. المستثمرون متفائلون بشأن هذه الشركة، نحن لسنا كذلك".

المضارب المتخفي

نشرت التغريدة على حساب شركة "مادي ووترز كابيتال" (المياه الموحلة)، والتي سُميت تيمنا بالمثل الشعبي الصيني "المياه الموحلة تسهل اصطياد السمك"، وهي شركة أبحاث مثيرة للجدل يديرها المضارب في سوق الأسهم "كارسون بلوك"، الذي بنى لنفسه اسما في السوق بكشفه عمليات احتيال في الشركات العامة الصينية.

وصل كارسون للشهرة في عام 2011، عندما أصدر تقريرًا يتهم فيه شركة المزارع الصينية المدرجة في كندا "سينو فورست" بالمبالغة في ممتلكاتها من الأخشاب، وبالفعل هبطت أسهم الشركة بنسبة 78 ٪ خلال أيام، وخسر مدير الصندوق الاستثماري الملياردير "جون بولسون" 110 ملايين دولار.

وعندها لاحظت بورصة "وول ستريت" النجم الصاعد.

المضاربون مثل كارسون يراهنون على انخفاض سعر السهم، ويحقق أرباحا كبيرة عندما يصدر التقرير وتهبط أسهم الشركة، ويولد هذا الأمر تضاربا واضحا في المصالح لكنه لا يخفي ذلك بل يعلنه صراحة على موقع شركته.

وبسبب طبيعة عمله فإن كارسون يخفي على الدوام موقعه وتحدث عن تلقي تهديدات بالقتل.

وفي ذلك اليوم من شهر أغسطس، عندما نشرت مادي ووترز تغريدتها بأنها ستصدر تقريرًا عن إخفاق محاسبي في شركة مدرجة في لندن، لاحظ كارسون تطورًا مثيرًا للاهتمام، حيث انخفضت أسهم شركة NMC Health.

وتعليقا على ذلك قال كارسون قبل أيام في تصريح بالبريد الالكترني لمجلة "ايكونوميك تايمز" الهندية: "لقد غردنا مسبقًا بتعليق غير ضار حول نيتنا بدء حملة في اليوم التالي على شركة مدرجة في لندن دون أن نسميها. حدث انخفاض NMC بشكل ملحوظ بعد التغريدة. كان ذلك مؤشرا قويا جدًا على أن السوق يعرف أن شيئًا ما ليس على ما يرام في الشركة ، لذلك ألقينا نظرة ... ".

بيت من ورق

وبعد 4 أشهر عندما أصدرت "مادي ووترز" تقريرًا دامغًا في 17 ديسمبر، تفجرت سلسلة من الأحداث الصادمة للدائنين في الإمارات وحول العالم. وباتت شركة NMC Health، وهي أول شركة أسسها شيتي، متهمة بتزوير الحسابات وتواجه تهم الاحتيال.

وكشف تحقيق خاص أنها ربما تكون قد قللت من ديونها بمقدار 4.5 مليار دولار في عام 2019، واكتشفت شركة الخدمات المالية Finablr التابعة لشيتي، وهي شركة مدرجة في بورصة لندن وتمتلك شركة "الإمارات للصرافة"، أنه قد تم إصدار شيكات بقيمة 100 مليون دولار دون علم مجلس الإدارة.

واستقال كبار التنفيذيين في الشركتين أو تم فصلهما، وأوقفت بورصة لندن تداول أسهم الشركتين، واستقال شيتي من منصبه كمدير ورئيس غير تنفيذي في مجلس الشركة NMC Health في فبراير، وهو الآن يواجه اتهامات جنائية في أبو ظبي بالتزوير والاحتيال.

دمار ما بني من الصفر

والآن في سن الـ 77، يجد شيتي نفسه في صراع مع مشاكل عويصة لدرجة أنها تهدد بتدمير كل شيء قام ببنائه من الصفر على مدى 4 عقود، وأن يدمر إرثه بلا رجعة.

وسافر شيتي إلى الهند في فبراير، وهي رحلة يقول إنه قام بها لرعاية أخيه الأكبر المريض، والذي توفي منذ ذلك الحين، وصرح مؤخرا لمجلة "ايكونوميك تايمز" أنه سيعلن "الأخبار الجيدة جدًا" قريبًا، ورفض التعليق أكثر.

وفي السابق، قال في بيان إنه أطلق تحقيقاته القانونية والجنائية الخاصة وسيتشارك النتائج مع السلطات المختصة، لتسليط الضوء على الحقائق الكاملة، والحقيقة الكاملة حول ما حدث في أقرب وقت ممكن.

وخلفت التطورات الكثير من القلق، فقد كان شيتي من بين أبرز الهنود في منطقة الخليج، وتركز القلق والذعر في مدينة كارناتاكا الساحلية، مسقط رأس شيتي، والتي أصبح فيها رمزًا للفخر والطموح.

علاقة قديمة بالاقتراض

وقال "موهان ألفا"، رئيس مؤسسة "ألفا" التعليمية في مقاطعة "داكشينا كانادا"، والذي يعرف شيتي منذ السبعينيات: "أنا مندهش للغاية وآسف للغاية. إنه رجل بسيط للغاية وأنا متأكد من أنه لم يفعل أي خطأ".

وينتمي "شيتي" إلى عائلة بونت الناطقة بلغة التولو في كارناتاكا الساحلية، وقد نشأ في عائلة مزارعة متواضعة ولكن محترمة في كابو في منطقة أودوبي، مع 3 إخوة و3 شقيقات.

علاقة قديمة بالاقتراض 

ومثل والده من قبله، نجح شيتي أيضًا في الترشح لانتخابات مجلس بلدية أودوبي في العشرينات من عمره، بينما كان والده عضوًا في الكونغرس ومقاتلًا من أجل الحرية، وكان شيتي مرشحا لحزب "جان سانغ"، سلف حزب بهاراتيا جاناتا.

وفي السبعينيات، أصبح شيتي، الذي كان صيدليًا معتمدا، موزعًا لشركة أدوية مقرها مدينة بيون في منطقة أودوبي الهندية، ولكن قضاءه لمعظم وقته في السياسة، تسبب في تعثر عمله، لدرجة أنه اضطر إلى الحصول على قرض شخصي لتمويل زفاف أخته.

وهذا القرض، لعب دورًا حاسمًا في ثروته، فعندما بات شيتي مدينا بالمال، قرر أن الوقت قد حان للبحث عن فرصة أخرى في مكان آخر، ومثل العديد من الشباب آنذاك، قرر السفر للعمل في الإمارات العربية المتحدة.

وقال شيتي في بيان سابق إنه سيعود إلى أبو ظبي بمجرد رفع قيود الطيران، ويبدو أنه للمرة الثانية عليه مغادرة كابو إلي الإمارات لسداد دينه، ولكن هذه المرة، تراقبه السلطات القضائية هناك عن كثب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com