المعارضة البحرينية تخسر الشارع بمقاطعة الانتخابات
المعارضة البحرينية تخسر الشارع بمقاطعة الانتخاباتالمعارضة البحرينية تخسر الشارع بمقاطعة الانتخابات

المعارضة البحرينية تخسر الشارع بمقاطعة الانتخابات

أعلنت قوى المعارضة في البحرين، في وقت سابق من هذا الشهر، عن مقاطعة الانتخابات النيابية المقررة في 22 نوفمبر الجاري، وزعمت المعارضة أن الحكومة لم تبذل جهوداً حقيقية للمصالحة بعد احتجاجات واسعة النطاق في عام 2011، والتي على إثرها قاطعت المعارضة الانتخابات التكميلية التي جرت في نفس العام، تزامناً مع انسحاب كتلة الوفاق المعارضة من البرلمان، احتجاجاً على تعامل الحكومة مع الأحداث السياسية التي كانت تقودها الشيعة ضد النظام السُني.

وأعربت المعارضة البحرينية رفضها التوزيع الجديد للدوائر الانتخابية في البلاد، لكن الحكومة البحرينية ترى أنها أعادت رسم الخريطة الانتخابية بشكل هادف يؤدي إلى تخصيص المزيد من المرشحين لمناطق أصغر.

وبررت قوى المعارضة عدم مشاركتها في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، بضرورة التوافق أولاً على حل سياسي للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ عام 2011، بجانب تعديل قانون الدوائر الانتخابية والتي تصفه المعارضة بأنه استمرار لنفس سياسة التقسيم الطائفي بين السُنة والشيعة.
واتفقت أربع جماعات من المعارضة بما في ذلك حركة الوفاق الشيعية، أنها ستواصل ما أسمته الاحتجاجات السلمية إلى أن تتحقق مطالبهم الدستورية، والتي تتمثل في تقديم اقتراح للسلطات لاستئناف الحوار الوطني، وإنشاء لجنة مراقبة للانتخابات تكون مستقلة، وحل مجلس الشورى (الغرفة العليا في البرلمان الذي يعيّن الملك أعضاءه)، كما تطالب المعارضة بأن يعيّن رئيس الوزراء من قبل الأغلبية البرلمانية بدلاً من الملك.


وتوقعت تقارير صحفية تزايد متوسط فرز الأصوات في الانتخابات البرلمانية لهذا العام، بسبب منح نحو مائة ألف شخص الجنسية البحرينية، وبالتالي أصبح لديهم حق التصويت في الانتخابات، فعلى سبيل المثال في دوائر المنطقة الشمالية ستذهب الأصوات إلى المعارضة المناهضة للحكومة، بينما المناطق الجنوبية والتي هي في معظمها موالية للحكومة، ونظراً للتوزيع الحالي، تشير التقديرات إلى إمكانية فوز الأعضاء الموالين للحكومة بنسبة كبيرة، نظراً للإصلاحات السياسية التي تنتهجها الدولة لمنح مزيد من الحرية، ما ينتج عنه أغلبية مريحة للحكومة البحرينية داخل المجلس التشريعي.


ويقول د. سعيد اللاوندي الخبير في الشؤون والعلاقات السياسية والدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن معركة الانتخابات البحرينية هذا العام مختلفة وفارقة في التحوّل الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ عام 2011، خاصةً في ظل وجود تشريعات وإصلاحيات سياسية قادتها الحكومة البحرينية خلال الفترة الماضية للم الشمل الوطني، والتوافق على رؤى سياسية محددة ترضي القوى السياسية.
وتابع: لكن المعارضة الشيعية تحاول الضغط على الدولة من خلال التهديد بالخروج إلى الشارع والاستقواء بالجمهورية الإيرانية الإسلامية، لزعزعة الاستقرار الذي تشهده البحرين وتحقيق أهداف سياسية وشخصية.
ويؤكد أن تجمُّع الوحدة الوطني يُعتبر أكبر تجمع برلماني، ويمثل العديد من شرائح المجتمع البحريني من رجال الدين والتكنوقراط، وشخصيات سياسية مرموقة ونشطاء سياسيين، بالإضافة إلى تواجد المرأة بشكل قوي وفعّال في الانتخابات، ما يضمن تشكيل برلمان متناسق يقف ضد النعرة الطائفية التي تهيّمن على شوارع البحرين منذ 2011.
ويشير اللاوندي إلى أن المعارضة ستتحمل بعدم مشاركتها سخط الشارع الذي قد تلجأ إليه لتعطيل الاستحقاق النيابي.

ومن جانبه يؤكد محمد جمعة الخبير في الشأن العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن جميع المؤشرات تؤكد أن مجلس النواب البحريني المقبل سيكون مختلفاً عن المجالس السابقة، بسبب استيعابه للعديد من الجماعات السياسية المتنوّعة في البلاد، بعيداً عن الطائفية بين الجماعات السُنية أو الشيعية.
ويوضح جمعة أن المعارضة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات تحاول تجميد الوضع السياسي، ووقف الإصلاحات التي تشهدها المملكة منذ عام 2011، لاسيما وأن المعارضة باتت تعتمد على الشارع في مطالبها، وفشلت في دفع التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية إلى الأمام، حيث ركّزت على قضايا هامشية وحزبية وشخصية، وتجاهلت الحس الوطني في منطقة يغلب عليها الخطاب الديني المتشدد، واتساع رقعة الإرهاب والتكفير في الشرق الأوسط.
وفي سياق متصل تشير د. نادية مصطفى أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إلى أن الحكومة راعت الالتزام بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لضمان قدر أكبر من التمثيل المجتمعي، بجانب اتخاذ تدابير سياسية لتعزيز الرقابة الانتخابية.
ورأت مصطفى أن قوى المعارضة تعمل على إيجاد مناطق نفوذ لها على حساب النزعة الوطنية، كما تتلاعب بالتغيرات الجديدة التي طرأت على المنطقة ومعالجة الاختلافات بالتهديد بالاعتصام والتظاهر.
وأوضحت أن تقسيم الدوائر في البحرين راعى التنوّع المذهبي، على سبيل المثال محافظة الوسطى الذي صدر مرسوم ملكي بإلغائها، تم توزيع مجمعاتها على محافظات العاصمة والشمالية والجنوبية وباتت أكثر تنوّعاً، حيث تم تقسيم أحيائها بين المحافظة الجنوبية ذات الغالبية السُنية وارتفعت مقاعدها من ستة إلى عشرة مقاعد، بينما زادت مقاعد المنطقة الشمالية ذات الأغلبية الشيعية من تسعة إلى اثني عشر مقعداً، ومع ذلك لا يبدو الوفاق السياسي قائماً بين الحكومة والمعارضة.
وتابعت أن التغيير في حدود الدوائر الانتخابية قد عقّد العملية السياسية، مشيرة إلى أن خطة الإصلاح التي أعلنها ولي العهد الأمير سلمان، والتي اشتملت ليس فقط على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، ولكن أيضاً على تغييرات في مناطق السلطة التشريعية، وتشكيل الحكومة والقضاء وقطاع الأمن، بالإضافة إلى ترسيم استراتيجية شاملة وفق بنود منتقاة ومتفق عليها مع قوى المعارضة نحو تفعيل الديمقراطية في البلاد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com