ما هي فرص نجاح "إعلان الجزائر" في إنهاء الانقسام الفلسطيني؟‎‎

ما هي فرص نجاح "إعلان الجزائر" في إنهاء الانقسام الفلسطيني؟‎‎

وقعت الفصائل الفلسطينية، اليوم الخميس، على "إعلان الجزائر"، والذي يمثل اتفاقًا جديدًا للمصالحة ويتضمن رؤية لإنهاء الانقسام، وذلك بعد حوار شامل بين الفصائل استمر على مدار اليومين الماضيين على الأراضي الجزائرية، وفق ما أكد القيادي في حركة فتح منير الجاغوب.

وقال الجاغوب، في تصريح مقتضب نشره على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "تم التوقيع على لم الشمل الفلسطيني من الجزائر بلد المليون شهيد".

ويتضمن الإعلان الجديد 9 بنود تمثل الخطوات المتتالية والتراكمية لإنهاء الانقسام، في حين أكدت مصادر فلسطينية مطلعة، أنه تم استبدال البند السابع منه؛ وذلك بسبب خلاف على عبارة "الالتزام بالشرعية الدولية"، والتي أثارت خلافًا بين الفصائل.

وقالت المصادر لـ "إرم نيوز"، إن "استبدال البند جاء نتيجة إصرار بعض القوى – لم تسمها - على إضافة العبارة"، مشيرة إلى أنه "وضعت مقترحات أخرى بإضافة فقرة قرارات الشرعية الدولية التي تنصف الشعب الفلسطيني؛ إلا أن ذلك لم يلقَ قبولًا لدى الفصائل".

وينص البند السابع الذي تم استبداله، على "تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بقرارات الشرعية الدولية وتحظى بدعم مختلف الفصائل، وتوحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة الضرورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، ودعم البنية التحتية والاجتماعية للشعب الفلسطيني".

أما الصيغة الجديدة للبند فنصت على "توحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة الضرورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، ودعم البنية التحتية والاجتماعية للشعب الفلسطيني بما يدعم صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

إحباط فلسطيني

يأتي ذلك، في الوقت الذي تسود فيه حالة من الإحباط لدى الشارع الفلسطيني بشأن إمكانية تحقيق الإعلان الجديد للمصالحة، خاصة وأنه سبق للفصائل الفلسطينية التوقيع على عشرات الاتفاقيات برعاية دول عربية أخرى أبرزها مصر.

وفي السياق، قال وليد العوض، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، إنه "رغم العبارات الإيجابية التي تضمنها إعلان الجزائر؛ إلا أنه يعني الاستمرار في إدارة الانقسام والعمل تحت سقف الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل".

وأضاف العوض، لـ "إرم نيوز"، أن "ذلك يأتي على الرغم من الحديث المتكرر بأن الاتفاقيات مع إسرائيل لم تعد قائمة"، متابعًا: "يتطلب ذلك العودة لاعتماد وثيقة الوفاق الوطني الموقعة بين الفصائل الفلسطينية عام 2006 وتنفيذها".

وأشار العوض، إلى أن "أي اتفاق لا يتضمن تشكيل حكومة موحدة تعمل على وحدة المؤسسات وتحضر لإجراء الانتخابات وتعالج الأزمات، سيكون مجرد ذر للرماد في العيون".

معالجة شاملة

وفي السياق، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بسام الصالحي، أن "الاتفاق الجديد تم التوصل إليه بعد مشاورات وملاحظات قدمتها الفصائل على الرؤية الجزائرية للمصالحة"، لافتًا إلى أنه يمثل معالجة شاملة لجميع القضايا المثارة.

وأوضح الصالحي، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن "إعلان الجزائر يعالج القضايا التي كانت محط خلاف في السابق"، مشيرًا إلى أن تطبيق الاتفاق سيكون فلسطينيًا والمتابعة جزائرية وعربية.

وحول جدية الفصائل في تطبيق الاتفاق الجديد، قال الصالحي: "الظروف الحالية تفرض على جميع القوى الفلسطينية تطبيق ما تم الاتفاق عليه، وعدم تكرار أخطاء الماضي والمواقف السابقة، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين".

وشدد القيادي الفلسطيني، على أن "مواجهة تحديات القضية الفلسطينية تكون بالمصالحة وإنهاء الانقسام".

وأشار الصالحي إلى أن "الجزائر ستعرض رؤيتها للمصالحة على مؤتمر القمة العربية المقبل، وستتولى تشكيل فريق عربي مشترك لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق"، مستكملًا: "الجزائر ليست بديلًا عن مصر بملف المصالحة وإنهاء الانقسام سيكون بمشاركة جميع الدول العربية".

لغة فضفاضة

وفي السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عماد أبو رحمة، أن "لغة إعلان الجزائر فضفاضة وتحمل العديد من الأوجه"؛ الأمر الذي يمكن الفصائل الفلسطينية وتحديدًا حركتي فتح وحماس من التهرب من استحقاقاتها، وفق تقديره.

وأوضح أبو رحمة، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن "الاتفاق الجديد بين الفصائل لا يتضمن أي خطوات عملية واضحة أو آليات وأجندات زمنية لإنهاء الانقسام"، متابعًا: "بالتالي من المرجح أن يضاف الإعلان إلى الكم الكبير من الاتفاقيات التي لم تجد طريقًا للتنفيذ".


وأضاف: "مؤشرات فشل الاتفاق الجديد كانت واضحة قبل ذهاب الفصائل الفلسطينية إلى الجزائر، خاصة وأن الأطراف المسؤولة عن الانقسام لا يتوفر لديها الإرادة السياسية لتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة على أسس الشراكة الحقيقية والبرنامج السياسي المشترك".

وأشار أبو رحمة، إلى أن "جوهر الصراع بين حركتي فتح وحماس واللذين يعتبران القطبين الأساسيين للانقسام الفلسطيني يتمثل في السلطة والتمثيل بالمؤسسات الفلسطينية"، متابعًا: "الصراع يتمحور على مواقع صنع القرار".


وتابع: "كل فصيل له أجنداته الخاصة وأولوياته المتعارضة مع أجندات وأولويات الطرف الآخر"، مستكملًا: "حركة فتح والرئيس محمود عباس لديهما رهان على المفاوضات مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة أو صيغة رعاية دولية".


وقال: "الرئيس عباس يخشى من مشاركة حركة حماس في منظمة التحرير؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي لتعطيل العودة للمفاوضات مع إسرائيل، كما أنه يخشى من تطلع حماس للهيمنة على المنظمة والمؤسسات الفلسطينية".

وأشار المحلل السياسي إلى أن "حماس بدورها تركز على مشروع قطاع غزة وتعزيز سلطتها وسيطرتها على القطاع، كما أنها تسعى لتطوير التفاهمات مع إسرائيل إلى هدنة طويلة الأمد، علاوة على رغبتها في نيل الاعتراف الدولي والإقليمي"، في إشارة منه إلى أن ذلك يعطل المصالحة الفلسطينية.

مصالحة حقيقية

ومقابل ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية، أحمد عوض، أن "إعلان الجزائر كافٍ لبدء مصالحة حقيقية بين الفصائل الفلسطينية"، مستدركًا: "لكن المسألة مرتبطة بنوايا الفصائل والأطراف العربية القادرة على الضغط والتمويل لجسر الهوة بين جميع الأطراف".

وأوضح عوض، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن "الظرف المساعد الآن للمضي قدمًا في إنهاء الانقسام يتمثل في التصعيد الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية، وعدم وجود أي أفق للتسوية السياسية"، متابعًا: "المصالحة هي بمثابة رد على الإنكار الإسرائيلي للملف السياسي مع الفلسطينيين".

وحول فرص نجاح أو فشل الإعلان الجديد، أشار عوض، إلى أن "كل إعلان كان له ظروفه التاريخية، وأن إعلان الجزائر له ظروف مختلفة عن اتفاقيات المصالحة السابقة، خاصة فيما يتعلق بغياب الأفق السياسي للتسوية مع إسرائيل".

ولفت المحلل السياسي، إلى أن "ما تشهده الضفة الغربية والذي يمكن اعتباره تاريخًا جديدًا للصراع مع إسرائيل يمثل تجاوزًا للفصائل الفلسطينية؛ الأمر الذي لا ترغب به هذه الفصائل وتسعى لأن تكون في قيادة الأحداث بالضفة".

وأضاف عوض: "جهود الجزائر لإنهاء الانقسام الفلسطيني بحاجة إلى تكاثف وضغط عربي من أجل نجاحها"، لافتًا إلى أنه من الواضح أن الجهود الجزائرية تتم بمشاركة أطراف عربية؛ الأمر الذي سيكون عاملًا مهمًا لإنجاحها.

واستدرك عوض: "لكن الخوف يكمن في الحسابات الإقليمية والعلاقات التي تربط بعض الفصائل بدول المنطقة؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إفشال إعلان الجزائر"، مشددًا على أن المصالحة الفلسطينية لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود نوايا وإرادة حقيقية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com