رئيس السلطة التنفيذية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة
رئيس السلطة التنفيذية في طرابلس عبد الحميد الدبيبةأ ف ب

ليبيا.. "الاصطفافات" تمهّد لخريطة سياسية جديدة بوجوه قديمة

 يتوقع أن تشهد الخريطة السياسية الليبية في الأفق القريب، تغيّرات بعيدا عن المؤتمرات والتحالفات الدولية بعدما اجتمعت عدة شخصيات كانت من "الأضداد" لوقت قريب على قواسم مشتركة في ظروف تهيئ لتكرار سيناريو إنهاء حكومة فايز السراج قبل 3 سنوات.

وطفت إلى السطح خلافات مضمونها الإنفاق الموازي ورسوم الدولار واشتباكات مسلحة على المعبر الحدودي (رأس جدير)، لكن باطنها تحالفات سوف تلقي بآثارها على عملية تشكيل حكومة جديدة، والاتفاق على رؤية واحدة تحاول إنهاء مستقبل رئيس السلطة التنفيذية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، الذي أفلت من محاولات إسقاطه خلال العامين الماضيين منذ تأجيل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2021.

تبادل الاتهامات

وكان لاستمرار الدبيبة في السلطة طيلة هذه الفترة ما يجمعه من علاقات متينة مع محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، بتمكينه من الوصول إلى خزائن الأموال العمومية والإنفاق دون حدود أو متابعة من الجهات الرقابية.

وبتغير 180 درجة أضحى اليوم الطرفان على خلاف، تبادلا خلاله الاتهامات، فالدبيبة الذي وجّه سهامه نحو الكبير بالوقوف وراء تعطّل صرف الرواتب، رد عليه خصمه على صفحة المصرف المركزي على "فيسبوك"، بانتقاد سياسة التوسّع في الإنفاق التي انتهجتها الحكومة المؤقتة منذ استلام رئيسها السلطة.

ورسمت هذه القطيعة اصطفافا جديدا بدأ فعليا بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومحافظ المصرف المركزي، لتطوى على إثرها صفحات من الخلافات التي جعلت يوما ما رئيس الهيئة التشريعية يصف الصديق الكبير بـ"مغتصب السلطة"، واتهامه بالوقوف وراء المجموعات المسلحة المتمترسة في العاصمة ودعمها بالأموال.

أما مجلس النواب فلم يعد ذلك الصرح الليبي "الفاقد للشرعية" كما نعته محافظ البنك المركزي.

وخاطب المحافظ عبر رسالة نشرت على صفحتي المصرف الرسمية ومجلس النواب، رئيسه ليطلب منه فرض رسوم جديدة على سعر الصرف الرسمي للدولار وبنسبة 27%، كخطوة سوف تؤدي لتخفيض قيمة الدينار وفق رسالة الكبير.

الاستقرار المالي للدولة

ويشير مراقبون إلى احتمال إعادة إنتاج سيناريو سبق سقوط فايز السراج بدأ بخلافات مع الصدّيق الكبير وهو ما عجّل بسقوط حكومة الوفاق السابقة، على خلفية ما تعرضت له من قطع للتمويل وصرف الاعتمادات المالية، وبذلك تعاد صياغة خارطة جديدة بوجوه قديمة كان من نتائجها أيضا مخرجات اجتماع القاهرة والمواقف الدولية المرحبة بالاتفاق على ضرورة الاتفاق على حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات.

غير أن محافظ المصرف المركزي فسّر طلبه في رسالة إلى مجلس النواب تدعو إلى تشكيل حكومة جديدة موحدة لـ"ترشيد الإنفاق العام"، وذلك لتحقيق الاستقرار المالي للدولة الليبية.

أما رئيس مجلس النواب، فقد أكد أن ثمة إجماعا دوليا ومحليا لتشكيل حكومة جديدة، تقود البلاد إلى انتخابات عامة، مبينا أن الخلاف قائم على كيفية تشكيلها.

أخبار ذات صلة
تعبئة عسكرية غرب ليبيا تنذر بمواجهة واسعة في رأس جدير

ورأى عقيلة في تصريحات تلفزيونية، أنه من الممكن التوصل إلى تشكيل حكومة موحدة خلال شهر رمضان.

كما انتقد دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي الأطراف الخمسة إلى حوار شامل، مبينا أن هذه الخطوة تعد تعطيلا للمسار السياسي.

وبشكل مباشر وجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي الذي كان له اجتماع مع رئيس مجلس النواب والدولة عقيلة ومحمد تكالة في القاهرة، انتقادات واضحة لحكومة الدبيبة بشأن الإنفاق، مشيرا لوجود هدر في المال العام داعيا للتحقيق في ملابساته.

أما رئيس الحكومة المكلفة أسامة حماد فقد توجه بخطاب إلى محافظ المصرف ونائبه مرعي البرعصي، يدعوهما فيه إلى تنفيذ الأمر الولائي الصادر عن محكمة أجدابيا والقاضي بتعيينهما حارسين قضائيين على أموال وإيرادات النفط.

وفي السياق، يستقرأ الباحث والمحلل السياسي محمد امطيريد، المشهد الليبي غير المستقر خلال السنوات الثلاث الأخيرة الذي اختزله بعدم نجاعة "أي مصالحة أو وساطة أو مبادرة من البعثة الأممية وحتى جميع المبادرات محليا ودوليا فشلت".

لكن أمطيريد يقول إن هناك استقرارا نوعا ما خصوصا في المنطقة الشرقية، وبدأ ملف الاقتصاد والإعمار يأخذ قبولا لدى الناس، إلا أن انعكاسات سياسية أخرى لا تضع الدولة الليبية في حالة استقرار، منها وجود حكومتين وميزانيتين، وكلها تستنزف إيرادات الخزينة العمومية، ما عدّه أمرا خطيرا جراء تسببها في ارتفاع الدين العام.

ويعتقد الباحث في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن ترتب لشيء ما مع الشروع في تدريب الميليشيات لضمها في القوات النظامية، فقد أصبح الملف الليبي من أولوياتها، مذكرا بلجنة 5+5 العسكرية التي كانت أمريكا مشرفة على تطور الملف.

تحرير طرابلس من الميليشيات

ويرى أن الولايات المتحدة تبحث سقوط بعض الشخصيات الليبية وعلى رأسها شخوص في البرلمان الليبي وشخوص في المصرف المركزي في الغرب الليبي، لافتا إلى التحالفات الجديدة بين عقيلة والصديق الكبير التي لم تعهدها البلاد سابقا، وكذا تقارب فكري كبير بين القيادة العامة والدبيبة والذي كان يروج له في فترة ماضية لكن لم يكن بشكل فعلي.

كما أضاف محمد امطيريد أن أسامة الجويلي القائد العسكري سجلت له مواقف مع القيادة العامة، وهو ما ينحصر أيضا على محمد الحصان آمر كتيبة 166 وكتائب بغرب ليبيا على رأسها محمود حمزة قائد الكتيبة 444.

وأكد الباحث، فقدان المنطقة الغربية عدة ميليشيات وقادة كانوا يحاربون في 2019، واليوم تغير موقعهم، وحصر السيطرة حاليا على العاصمة وغرب ليبيا بين شخصيتين وهما عماد الطرابلسي بتحالفه مع غنيوة، أما المدعو كارة فتحالف مع أسامة الجويلي وابتعد عن الدبيبة.

وبين أن الجيش الليبي اليوم قريب من تحرير طرابلس من الفوضى الميليشاوية.

ورجح المحلل السياسي أن يكون التقارب القادم عسكريا أكثر مما هو سياسي في العاصمة، إذ سوف تنشأ تحالفات بعيدا عن المؤتمرات الدولية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com