وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يلتقي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد/ 5 نوفمبر 2023
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يلتقي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد/ 5 نوفمبر 2023غيتي

العراق.. مخاوف من استغلال إيران انسحاب "التحالف الدولي"

لا يبدو أن هناك إجماعا وطنيا على خروج القوات الأمريكية من العراق في أوساط الطبقة السياسية في البلاد، إذ يرى تيار عريض في الداخل مدعوم بموقف دولي أن هذا الخروج في حال تم تنفيذه سيشكل فرصة لطهران لتعزيز نفوذها وملء الفراغ الذي يوفره الانسحاب، فضلا عن تأثيراته البالغة على المشهد الداخلي.

هذه المخاوف ومبررات أخرى تزيد صعوبات الانسحاب الذي دعا إليه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بعد انتهاء مهام التحالف الدولي، فيما قالت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون إنها لا تخطط حاليا لسحب قواتها البالغ عددها نحو 2500 جندي من العراق.

مكافحة الإرهاب

وفي مؤشر على غياب الإجماع، دعا رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني خلال اجتماعه مع القائد العام لقوات التحالف في العراق وسوريا الجنرال جويل فاول إلى مواصلة قوات التحالف الدولي مهامها من أجل مساعدة الجيش العراقي وقوات البيشمركة في مكافحة الإرهاب.

ويرى السياسي العراقي مثال الألوسي، أن تصريحات الحكومة العراقية المتكررة بشأن انسحاب القوات الأمريكية، سببها ضغوطات كبيرة تمارس عليها من أطراف سياسية ومسلحة، وهي بذلك تريد تهدئة هذه الضغوطات.

ويضيف الألوسي في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة العراقية وكذلك الأطراف السياسية تدرك صعوبة تطبيق قرار إخراج القوات الأمريكية؛ لما لذلك من تداعيات على العراق على المستوى الأمني وكذلك الاقتصادي وحتى السياسي، فهناك أطراف سياسية ترى بهذا الوجود ضمانا لاستقرار العملية السياسية".

ويؤكد السياسي العراقي أن "هناك رغبة سياسية وكذلك دولية باستمرار الوجود الأمريكي في العراق؛ لمنع تمدد النفوذ الإيراني وسيطرة طهران بشكل كامل على مجمل الأوضاع في العراق، ولهذا فإن التصريحات بشأن إخراج القوات الأمريكية هي للاستهلاك الإعلامي، والكل يدرك صعوبة تحقيق هذا الأمر في المستوى القريب أو البعيد".

مع البقاء الأمريكي

من جهته، يقول الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، إن "كل الطبقة السياسية مع البقاء الأمريكي في العراق؛ فهي تدرك أن هذا الوجود ضمان لاستقرار الأوضاع في العراق على مختلف المستويات، كما أن هذا الوجود هو عامل مهم لعمل الكثير من البعثات والسفارات الأجنبية".

ويتابع الحكيم في حديث لـ "إرم نيوز"، أن "كل الحكومات العراقية السابقة تحدثت كثيرا عن إخراج القوات الأمريكية، وأجرت أكثر من جولة حوار مع الجانب الأمريكي، لكن في الحقيقة لا انسحاب ولا نتائج حقيقية ملموسة على أرض الواقع، وهذه القوات لا يمكن إخراجها بأي قرار من الحكومة العراقية والأطراف السياسية، فهذا الانسحاب إذا ما حدث فسيكون عبر وجود رغبة أمريكية بذلك ولا توجد أي رغبة أمريكية بذلك".

ويؤكد الباحث في الشأن السياسي أن حديث السوداني مع الأمريكيين يختلف تماماً عما يتحدث به عبر الإعلام، فهو يريد من خلال التصريحات الإعلامية تخفيف الضغط عليه من قبل الفصائل المسلحة، وتهدئتها ومنعها من أي تصعيد عسكري، من خلال الوعود بإخراج القوات الأمريكية".

ويضيف الحكيم: "من المؤكد أن خروج القوات الأمريكية سوف يصب في صالح النفوذ الإيراني، فهذا الانسحاب سوف يعزز ويقوي النفوذ، فهذا التواجد يحد بشكل كبير من النفوذ الإيراني والسيطرة بشكل كامل، والأمريكيون يدركون ذلك جيدا؛ ولهذا هم ليسوا مع الانسحاب لمنع تمدد النفوذ الإيراني بشكل أكبر".

أما المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر فيقول إن هناك "ضغوطات تمارس بشكل كبير على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من قبل الفصائل المدعومة من إيران من أجل إخراج القوات الأمريكية، فهذا الخروج يعزز نفوذ تلك الفصائل وإيران في العراق بشكل أكبر".

ويتابع حيدر في حديث لـ "إرم نيوز" أن "الوجود الأمريكي يحد بشكل ما من زيادة النفوذ الإيراني، رغم أن هذا النفوذ متوغل بشكل كبير في الدولة العراقية وأغلب قراراتها، لكن من المؤكد أن هذا الوجود يمنع السيطرة الكاملة على الدولة وقراراتها من قبل إيران، وكذلك أذرعها المسلحة والسياسية في العراق".

ويضيف حيدر: "القوى السياسية وخاصة السنية والكردية مع البقاء الأمريكي لضمان استمرار العملية السياسية بشكل ديمقراطي نوعا ما، فضلا عن أن هذا الوجود يعطي رسائل اطمئنان إلى البعثات الدبلوماسية، فهذا الانسحاب ربما يكون بابًا لانسحاب بعض البعثات والسفارات".

السوداني وحكومته جادون

في المقابل، يرى القيادي في الإطار التنسيقي الحاكم في العراق علي الفتلاوي أن "السوداني وحكومته جادون بحسم ملف إخراج القوات الأمريكية من العراق بعد انتهاء مهام التحالف الدولي، والعراق ليس بحاجة لهذا التحالف والقوات العراقية تسيطر تماما على الوضع الأمني".

ويضيف الفتلاوي في حديث لـ "إرم نيوز" أن "وجود القوات الأمريكية في العراق أصبح تهديدا وخطرا على أمن العراق واستقراره، خاصة أن هذه القوات هي من تعمل على انتهاك سيادة البلاد من خلال تنفيذ عمليات قصف ضد القوات الرسمية العسكرية من الحشد الشعبي، فهذا الأمر أصبح خطرا حقيقيا".

ويتابع الفتلاوي: "السوداني على تواصل مع الجانب الأمريكي من أجل وضع جدول زمني حقيقي للانسحاب، والقوات الأمريكية كما جاءت بطلب من الحكومة سابقاً، فإن الحكومة سوف تنهي هذا الوجود وفق الأطر القانونية والدبلوماسية".

وعادت المطالبات بإخراج القوات الأمريكية والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن من العراق إلى التصاعد مجدداً وبقوة؛ إثر الهجمات التي نفذتها أمريكا ضد ميليشيات عراقية وآخرها في العاصمة بغداد.

ونفذت الميليشيات في العراق الموالية لإيران عشرات الهجمات بواسطة طائرات مسيّرة، منذ أكتوبر الماضي، على الأهداف والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com