انتخابات البدو الرّحل  في الجزائر.. متاعب للسلطات ومصدر قلق للمعارضة
انتخابات البدو الرّحل في الجزائر.. متاعب للسلطات ومصدر قلق للمعارضةانتخابات البدو الرّحل في الجزائر.. متاعب للسلطات ومصدر قلق للمعارضة

انتخابات البدو الرّحل في الجزائر.. متاعب للسلطات ومصدر قلق للمعارضة

في مشهد يتكرر مع كل انتخابات في الجزائر تستعد حاليًا قوافل سيارات الدفع الرباعي للانطلاق قبل يومين من موعد التصويت لتنقل موظفين مع مواكبة أمنية باتجاه الصحراء لزيارة مواقع يتجمع فيها البدو الرحل، من أجل تسهيل مشاركتهم في الاقتراع في عملية ما زالت مثار جدل بسبب مطالبة بعض أحزاب المعارضة في البلاد بإلغائها.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، المقررة في الرابع من مايو/أيار المقبل، يعود الجدل حول ما يسمّى المكاتب المتنقلة التي تخصصها السلطات للبدو الرحل، وتتواصل انتخابات البدو 72 ساعة، حيث تبدأ في مناطق البدو الرحل 48 ساعة قبل انطلاق الانتخابات، وتُسخّر لها السلطات الجزائرية قوافل تتنقل إلى مواقع إقامتهم في عمق الصحراء، في عمليات شاقة لتأمين وإجراء هذا الاقتراع.

وبينما طالبت بعض أحزاب المعارضة الجزائرية سابقًا بإلغاء مكاتب الانتخاب المتنقلة، وأكدت أن إصرار السلطات على الاحتفاظ بها يعطي فرصة للمشككين بنزاهة العملية الانتخابية، تتمسك السلطة بها بدعوى ضمان حق كل الجزائريين في الانتخاب.

خزان انتخابي

وينتشر البدو الرحل في 3 محافظات من أصل 48 محافظة في الجزائر، وفرض وجود أعداد كبيرة منهم في بعض المحافظات على السلطات الجزائرية تخصيص مكاتب متنقلة تسمح لهم بالتصويت في المواقع التي يقيمون بها.

وتشير التقارير الرسمية إلى وجود 50 ألف صوت انتخابي من البدو الرحل، وبالرغم من أن هذا الرقم لا يمثل سوى نحو 0,2% فقط من إجمالي الناخبين الجزائريين المقدر عددهم بـ 23 مليون ناخب، إلا أن أصوات البدو يمكنها أن تسهم بتغليب كفة حزب سياسي أو مرشح في أي انتخابات محلية أو برلمانية.

وينتشر البدو الرحل في محافظات "أدرار" و"الأغواط" و"وادي سوف"، وهذه المحافظات ذات مساحات كبيرة نسبيًا مقارنة بولايات الشمال وكثافة سكانية أقل.

ويقول المحامي والعضو السابق في اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات خير الدين حفصي: "في الجزائر يوجد حوالي 23 مليون صوت انتخابي، وفي الانتخابات التي تم تنظيمها خلال السنوات العشرين الأخيرة لم تتعد نسب المشاركة 60٪ أي أن عدد المشاركين الفعليين في الانتخابات لا يزيد على 14 مليونًا، وفي آخر انتخابات برلمانية في الجزائر في 2012، لم تتجاوز نسبة المشاركة 43% فقط."

وأشار حفصي إلى أنه "في كل الانتخابات التي تمت في الجزائر خلال السنوات الأخيرة تلغى نسبة مهمة جدًا من الأصوات، بسبب تعمد الناخبين وضع أوراق بيضاء للتعبير عن عدم مساندتهم لأي مرشح وأي حزب، هذه النسبة في بعض الحالات تصل 15٪ من مجموع المشاركين في الانتخابات".

وأضاف: "بالمحصلة يمكن لأصوات البدو الرحل أن تسهم بتغليب كفة مرشح أو حزب رغم أن عددها ليس كبيرًا بالقياس إلى مجموع الأشخاص الذين يحق لهم الانتخاب".

من جهته قال عبد القادر حليل، عضو بالمجلس المحلي في محافظة أدرار جنوب غرب العاصمة: "منذ استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي في 1962، بدأت السلطات الجزائرية بالعمل بنظام المكاتب المتنقلة من أجل تسهيل عملية الانتخاب على البدو الرحل".

وتابع: "كانت المكاتب الانتخابية المتنقلة تنتشر في 15 محافظة، إلا أن تغيّر الطبيعة الديمغرافية للشعب الجزائري خلال السنوات العشرين الأخيرة والتحاق أغلب البدو الرحل بالمدن فرارًا من الإرهاب قلّصا عدد المحافظات التي توجد بها مكاتب متنقلة إلى 3 الآن فقط".

وأوضح أن "المكتب الانتخابي المتنقل يتكون من 4 موظفين، كما تسمح السلطات لممثلي الأحزاب السياسية أو المرشحين بمرافقة المكتب المتنقل من أجل التأكد من نزاهة عمل المكتب، بالإضافة إلى قوة أمنية تواكب المكتب المتنقل".

جدل سياسي

وتسمّي السلطات الرسمية عمليات الانتخاب التي يقوم بها البدو الرحل بالمكاتب الانتخابية المتنقلة، وتعبر أحزاب سياسية عن رفضها لتلك المكاتب لأن منع تزوير نتائج الانتخابات في المكاتب المتنقلة، بحسبها، غير ممكن.

وفي هذا السياق، تحدث محمد طباخ، القيادي في حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، عن مقترح تقدم به الحزب العام 2002 إبان الانتخابات التشريعية لإلغاء المكاتب المتنقلة إلا أن السلطة رفضت ذلك.

وأضاف طباخ: "نحن كأحزاب معارضة نعتبر بقاء المكاتب المتنقلة إضرارًا بمصداقية الانتخابات، ونطالب بإلزام البدو الرحل بالتصويت في مكاتب ثابتة، لأن البدو الرحل الآن يمكنهم بسهولة التنقل إلى المدن".

من جهته، شدّد حسان عطوة، القيادي في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، أن "أحزاب المعارضة تنطلق في رفضها للمكاتب المتنقلة من مبدأين، الأول هو أن البدو الرحل لا تتوافر لهم فرصة متابعة الحملة الانتخابية بشكل جيد بسبب وجودهم بعيدًا عن المدن، والثاني صعوبة مراقبة عمل المكاتب المتنقلة".

وأوضح عطوة أن، "مطالبة بعض أحزاب المعارضة بإلغاء المكاتب المتنقلة تعني ممارسة تمييز ضد فئة من الجزائريين، وحرمانهم من حق دستوري، وهو إخلال خطير بالديمقراطية".

أما سيد علي مختاري، العضو السابق في البرلمان وقيادي في حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم فله رأي مغاير، حيث يقول: "المعارضة تمارس عملية إقصاء سياسي عندما تطالب بإلغاء المكاتب الانتخابية المتنقلة، لأن البدو الرحل جزائريون ومن حقهم التعبير عن رأيهم، ومن واجب السلطات أن تسعى لتسهيل الانتخاب بالنسبة لهم، كما أن المعارضة يوفر لها القانون حق مراقبة التصويت في هذه المكاتب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com