ما الذي تخفيه "عرّافة الموصل" في قلبها ولن تبوح به قبل سقوط داعش؟
ما الذي تخفيه "عرّافة الموصل" في قلبها ولن تبوح به قبل سقوط داعش؟ما الذي تخفيه "عرّافة الموصل" في قلبها ولن تبوح به قبل سقوط داعش؟

ما الذي تخفيه "عرّافة الموصل" في قلبها ولن تبوح به قبل سقوط داعش؟

تقول العرّافة الشهيرة سناء جواديا، إنها يمكنها التنبؤ بالمستقبل، لكنها لا تجرؤ على إخبار أحد بما تعرفه، خوفًا من بطش تنظيم "داعش" الذي يسيطر على الموصل.

ومازالت الرؤى التي تسببت في شهرة السيدة سناء في موطنها الأصلي بالموصل تراودها في مخيم اللاجئين الذي تسكن فيه حاليًا، لكن أصوات المدفعية، التي تسمعها وهي في المخيم، تُذكّرها بأنها ما زالت غير آمنة من تنظيم داعش، الذين قد يقتلونها إذا ما تنبأت بأي شيء، وتعلّق قائلة: "نحن نشعر بأن صوت داعش يتحدث إلينا".

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت القوات العراقية والكردية، المدعومة من قبل طيران الولايات المتحدة والحلفاء، هجومًا دمويًا لاستعادة السيطرة على الموصل، وهي ثاني أكبر مدن العراق، وقد تقدمت نخبة قوات مكافحة الإرهاب العراقية نحو المدينة من اتجاه الشرق، وتمكنوا من بلوغ حيّ العرّافة سناء، بحلول نهاية الشهر، الأمر الذي ساعد عائلتها على الهروب عبر خطوط القوات الحكومية إلى برّ الأمان.

ووصلت سناء و12 عائلة أخرى في 29 نوفمبر/تشرين الثاني إلى مخيم "حسن الشامي"، الذي يتكون من صفوف منتظمة من الخيام الملونة بالأبيض والأزرق تملأ إحدى الأراضي التي كانت مهجورة يومًا ما، ويعيش في هذا المخيم نحو 16 ألف شخص من أصل 114 ألفًا، كانوا قد فرّوا من ميادين القتال في الموصل وحولها.

ولا يُسمح للاجئين بمغادرة المخيم حال وصولهم، إذ يقع بالقرب من المنطقة الكردية، ولا تريد سلطاتها أن يستقر العرب على أرضهم، وفي الوقت نفسه يخشى الجيش العراقي أن يتسلل أحد أفراد داعش بين اللاجئين، ويغادر المخيم لتنفيذ هجمات إرهابية.

وفي مطلع عام 2014، كانت السيدة سناء تُعرف في الموصل أنها شخص يمكنه أن يتنبأ بلمحات عن أشياء لم تحدث بعد، وكان هذا الأمر قبل أن تجتاح قوات "داعش" المدينة، وقبل أن يُجبروا ابن أخيها على الركوع ليطلقوا النار على رأسه، وأيضًا قبل أن تجد نفسها تجري من أجل الحفاظ على حياتها.

وتقول إنها اكتشفت موهبتها وهي في العاشرة من عمرها، وأن هذه الرؤى تأتيها في بعض الأحيان على هيئة دفعات من المشاعر، وأحيانًا أخرى على هيئة صور في ذهنها، وتقول سناء عن هذه الرؤى: "لا أستطيع التحكم بها".

وفي الموصل، كانت تعيش سناء، التي تبلغ 65 عامًا، في شقة مع زوجها علي اللهيبي، وهو موظف حكومي متقاعد، يبلغ من العمر 62 عامًا، وكان الناس يتصلون بها هاتفيًا لحجز ميعاد، وأحيانًا كانت تقابل عشرات الناس يوميًا، وقالت إنها قد تظل مستيقظة حتى منتصف الليل، لتنفيذ طلباتهم وتهدئة مخاوفهم.

وتتذكر سناء إحدى صديقاتها التي أتتها بعدما فقدت سوارها الذهبي، وأخبرتها أن تبحث في أحد أركان الحمام بالطابق الثاني من منزلها، وبالفعل وجدته هناك.

وعندما أتاها 3 جنود من الأكراد، قالت إنها حذرت أحدهم من أنه سيذهب في مهمة، لكنه لن يعود منها، وتُعلّق قائلة: "لم أكن أريد إخباره بذلك، لكنني كنت مُضطرة"، وأخبرها الجنديان الآخران لاحقًا، بأن رفيقهما الثالث قد قُتل.

وأضافت السيدة سناء، وهي تمسك بسبحة زرقاء قائلة: "أنا لست ساحرة، وهذا الأمر هبة من الله".

وتقول إنها لم تطلب أبدًا المال مقابل رؤاها، لكن على الرغم من ذلك، يهديها عملاؤها المجوهرات والأموال.

وقبل فترة وجيزة من استيلاء "داعش" على المدينة في يونيو/حزيران من العام 2014، تتذكّر السيدة سناء رؤيا أيقظتها في الساعة الثالثة صباحًا، حيث رأت مجموعة من الرجال والنساء، يجرون في الشوارع وهم يصرخون.

وعندما وصلت قوات "داعش" للمدينة، شعرت سناء بالذعر، لأنها علمت أن التنظيم المتطرف سيعتبرون ما تفعله ممارسة للسحر، وهي جريمة يعاقب ممارسها بالإعدام في الأراضي التي تسيطر عليها الميليشيات في العراق وسوريا وليبيا.

وقالت سناء: "إذا علموا ما أفعله لن يسألوني ما الذي كنت أفعله، بل سيقومون بقطع رأسي فقط".

وأضافت أنها لفترة طويلة، ارتدت ثيابًا سوداء طويلة، تغطي كامل جسدها، ولا يظهر منها سوى عينيها فقط، والآن بدأت بتغطية عينيها بقماش شفاف أيضًا.

وبداية، اقتصرت في إخبار رؤاها على عائلتها وأصدقائها المقربين، لكن المزيد من الناس يأتون لها، حيث تتزايد مخاوفهم بسبب سيطرة "داعش"، وقد أتت إليها إحدى النساء، وهي ترتعد بسبب أن الميليشيات أخذوا ابنها، لكن السيدة سناء أخبرتها قائلة: "لا تقلقي، ابنك سيعود بحلول المساء"، وفي المقابل أعطتها المرأة خاتمًا من الفضة والفيروز.

وعندما اختفى ابن أخيها قبل شهرين، قالت السيدة سناء إنه تم اعتقاله لاستخدامه الهاتف المحمول، وليس هناك أمل في عودته فقد مات بالفعل، وقال حفيدها في وقت لاحق، إنه شاهد فيديو إعدامه.

وفي مخيم "حسن الشامي"، تقول سناء، إنها تشاهد رؤى مرعبة تجعلها في حالة ذهول، حيث تقضي أيامًا وهي تجلس على وسادة رمادية، وتتدفأ على موقد يعمل بالكيروسين، وتدخن السجائر واحدة تلو الأخرى.

وتقول بصوتها الأجش: "منذ أن كنت طفلة كانت هناك أوقات يمكنني فيه رؤية المستقبل، لكن في هذه الخيمة لا أحد يعرف من أنا، فأنا ضائعة هنا".

ويأتي إلى خيمتها بعض لاجئي الموصل الآخرين يطلبون مشورتها، لكنها خائفة جدًا من البوح بما تراه، فهناك تقارير تشير إلى أن هناك جواسيس تابعين لداعش يتجسسون على اللاجئين في المخيم.

وأضافت: "الناس مازالوا خائفين، لذلك لا يمكنني الوثوق بهم، وهذا هو سبب امتناعي عن البوح برؤياي".

واعترفت سناء بأنها تنبأت لنفسها بمستقبل أكثر إشراقًا، حيث تعلق قائلة: "أشعر بأنه سيأتي شخص ما ويأخذني من هذا المخيم، ليس إلى الموصل بل إلى مكان أكثر أمنًا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com