الاختطاف والإخفاء القسري في ليبيا ’’الوجه الآخر للفوضى‘‘
الاختطاف والإخفاء القسري في ليبيا ’’الوجه الآخر للفوضى‘‘الاختطاف والإخفاء القسري في ليبيا ’’الوجه الآخر للفوضى‘‘

الاختطاف والإخفاء القسري في ليبيا ’’الوجه الآخر للفوضى‘‘

تعددت أوجه الفوضى نتيجة انهيار مؤسسات الدولة في ليبيا، عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي قبل 5 أعوام ، وأضحت اليوم فريسة لوجه جديد من أشكال التسيب، متمثلا في تنامي ظاهرة الاختطاف والإخفاء القسري.

ومع انتشار السلاح في كل بيت ليبي تقريباً، شهدت عدة مدن وعلى رأسها العاصمة طرابلس، اختطاف مسؤولين ودبلوماسيين وصحفيين وحقوقيين، بل وطال الأمر الأطفال والنساء والشيوخ.

ويصعب حصر الدوافع وراء هذه العمليات في قالب واحد، فهناك حالات الخطف من أجل المال فقط، وحالات من أجل النزعة القبلية، و حالات أخرى انتقاماً وثأراً، كما تحمل حالات الاختفاء القسري دوافع سياسية أو إيدولوجية.

الاختطاف والمال

ويقول رئيس مكتب الإعلام بالمجلس البلدي- غريان ضياء قشوط في حديث مع موقع إرم نيوز عبر الهاتف، إن حالات الخطف غالبا ما تكون دوافعها ابتزازا ماديا، حيث يعمد الخاطفون إلى الاختطاف مقابل دفع فدية مالية، ويضيف قشوط أنه يملك أمثلة حية على ذلك، حيث سجلت عشرات حالات الخطف و الإخفاء القسري، من قبل بعض المجموعات المسلحة في منطقة ورشفان .

وعن الآثار المترتبة على الاختطاف يرى قشوط أن لها انعكاسا وآثارا سلبية جدا على المجتمع الليبي، دون إغفال تواجد أكثر من 16 ألف سجين محكوم عليهم جنائياً، تم إطلاق سراحهم أثناء قيام ثورة 17 فبراير، ولنا أن نتخيل حجم و مستوى الجريمة والفوضى التي يتسبب بها المدانون الفارون من السجون .

و في ذات السياق أكد محمد عبد العالي عضو بمجالس الحكماء والمصالحة في حديثه مع إرم نيوز أن الاختطاف من أجل الابتزاز المادي، هو أكبر الدوافع من قبل الجماعات المسلحة، مؤكدا الحاجة إلى إنشاء جسم إداري معني بشؤون المدن والقبائل، ليصبح بمثابة المظلة الاجتماعية لردع أبناء القبائل و المدن، وعدم حماية المجرمين المنتمين إليهم.

ويعقب معظم حالات الاختطاف في ليبيا طلب الخاطفين فدية مالية ضخمة لذوي المخطوف، مقابل إطلاق سراحه، وفي بعض الحالات وبعد دفع الفدية، تتم تصفية المخطوف وإبلاغ ذويه عن مكان جثته.

وبلغت الأرقام التي طلبت فدية لإطلاق سراح مخطوفين أرقاماً خيالية، حيث وصلت في حالة اختطاف مسؤول شركة مالطية مطلع العام الجاري في طرابلس، إلى 5 ملايين يورو، لكن قوة أمنية خاصة تمكنت من مداهمة وكر الخاطفين، وقامت بتحريره من قبضتهم.

الاختطاف والمصالح السياسية

ويرى أسامة بادي المتحدث باسم المجلس البلدي لمدينة مصراتة، أن الاختطاف في الغالب هو من أجل الابتزاز السياسي، مؤكدًا تسجيل العشرات بل المئات من حوادث اختطاف مسؤولين و وزراء، و حتى دبلوماسيين أجانب، من أجل تحقيق مصالح سياسية وأخرى متعلقة بالنفوذ السياسي.

وأوضح بادي في تصريح للموقع أن هذه الممارسات خطيرة جدا، واستمرارها يهدد سيادة الدولة، ويجعل الثقة من قبل مواطنيها مفقودة، وتجعل الجيران والأشقاء يفكرون جيدا قبل إرسال دبلوماسييهم إلى ليبيا.

ومن أشهر حالات الاختطاف للسياسيين، قيام غرفة ثوار ليبيا باختطاف علي زيدان رئيس الوزراء الليبي الأسبق، من مقر إقامته في طرابلس، في أكتوبر 2013، بدعوى تورطه في ملفات فساد مالي وإداري.

كما سجل اختطاف السفير الأردني فواز العيطان في نيسان/أبريل 2014، وظل محتجزا لدى مجموعة مسلحة لها صلات بمتطرفين قرابة شهر كامل، ولم يفرج عنه حتى أطلقت الحكومة الأردنية سراح ليبي محكوم بالمؤبد، ويدعى محمد الدرسي، المتهم الرئيس في محاولة تفجير مطار الملكة علياء العام 2006.

الإخفاء القسري والقبلية

ويؤكد ضياء قشوط أن هناك نوعا آخر من الاختطاف وهو خطير جدا، يتسبب في تدمير النسيج الاجتماعي بين القبائل والمدن، يتمثل في الإخفاء القسري بناء على الهوية القبلية، الأمر الذي يجعل من الأحقاد والضغائن تنمو بين المجتمع بشكل مخيف.

واقترح قشوط لإيجاد حل لهذه الظاهرة تفعيل أجهزة الأمن الشرطة والجيش، وتشكيل عناصرهما من كافة المدن الليبية، إلى جانب تفعيل البحث الجنائي، دون إغفال المصالحة الوطنية، وعدم حماية المجرمين من قبل قبائلهم.

لكن محمد عبد العالي يختلف مع الرأي السابق، إذ لا يعتبر الهوية القبلية عاملا أساسا لتنامي الإخفاء القسري، بل تقف نزعة التشفي و الانتقام و رد الاعتبار، وراء هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع على حد تعبيره.

ويرى أسامة بادي أن خطف الصحفيين و الناشطين هو نوع خطير ومتصاعد، متمثلاً في مصادرة حرية الرأي، وعدم السماح لنقد أطراف سياسية أو حزبية، معتبراً أن هذه الظاهرة جعلت مهنة الصحافة في ليبيا، أكثر خطراً على مستوى العالم.

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد وضعت ليبيا في ذيل قائمة حرية الصحافة للعام الجاري، معتبرة الصحفيين يتعرضون لأكثر أنواع التهديد في تغطياتهم ومهامهم.

أطلقوا سراح الوطن

وفي أحدث رد فعل من سكان طرابلس مع قضية الاختطاف، نظمت السبت الماضي مجموعة من النشطاء وقفة احتجاجية في ميدان الجزائر وسط العاصمة، للتنديد باستمرار احتجاز وتغييب نشطاء وشخصيات من المجتمع المدني، وحملت التظاهرة شعار "أطلقوا سراح الوطن".

وشارك المئات من ذوي المخطوفين والمغيبين وناشطين حقوقيين ومدنيين بالوقفة الاحتجاجية، بجانب مشاركة صحفيين وحقوقيين، للتنديد باستمرار اختطاف العشرات، دون نجاح الأجهزة الأمنية في إطلاق سراحهم، خاصة وأن بعض المجموعات المسلحة المتورطة في عمليات الإخفاء القسري معروفة بالاسم.

ويبقى الرهان على مدى قدرة السلطات الجديدة، على التصدي لتنامي ظاهرة الاختطاف و استمرار سطوة العصابات والميليشيات المسلحة، حيث يرى البعض أنها تقوم بتمويل نشاطاتها الإجرامية من أموال الفدية التي تحصل عليها من ذوي المخطوفين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com