داعش يواجه مصاعب كبيرة في كسب ود الليبيين
داعش يواجه مصاعب كبيرة في كسب ود الليبيينداعش يواجه مصاعب كبيرة في كسب ود الليبيين

داعش يواجه مصاعب كبيرة في كسب ود الليبيين

يواجه تنظيم داعش في ليبيا، صعوبات في التقدم وكسب التأييد الشعبي، في ظل انتهاكاته بحق أهالي المناطق التي يسيطر عليها، وعدم امتلاكه العناصر المحلية التي تعرف الكثير عن ليبيا، على غرار ما حدث في العراق وسوريا.

وفي سيارة متهالكة، تكدست عائلة من تسعة أفراد لتنضم إلى الفارين من سرت، معقل تنظيم داعش في ليبيا. كانوا متجهين إلى بلدة قريبة لإحضار الضروريات.. النقود والدواء والطعام.

وعلى بعد بضعة كيلومترات، خارج منطقة سيطرة التنظيم المتشدد، تحدثت العائلة عن الحياة في المدينة. شبان يقتلون لرفضهم مبايعة داعش، وضرب علني لانتهاك القواعد التي يفرضها المتشددون، فضلًا عن مصادرة الممتلكات إلى جانب نقص الغذاء المتزايد.

وقالت الزوجة من وراء نقابها الأسود بينما حدق أبناؤها بقلق من مؤخرة العربة بعد ظهر أحد الأيام في أواخر شباط/ فبراير الماضي: "هم هناك ليستولوا على المدينة.. يقتلون ويخطفون ويقومون بالتعذيب".

تبدلت سرت من حال إلى حال. فبعد أن كانت تلقى معاملة مميزة من معمر القذافي الذي ولد بها، أصبحت الآن قاعدة تطل على البحر المتوسط لأهم فرع لتنظيم داعش خارج سوريا والعراق. وضع هذا أجهزة المخابرات الغربية أمام صعوبات لتحديد إلى أي مدى يمكن أن يبسط التنظيم نفوذه في ليبيا، وكيف يمكن منع ذلك.

ويعتبر بعض المسؤولين الليبيين والغربيين أن سرت موطئ قدم يستطيع تنظيم داعش التوسع من خلاله. من هناك امتد نفوذ التنظيم المتشدد شرقًا على الساحل ليقترب من حقول النفط الرئيسية. وهو يسيطر حاليًا على شريط رفيع من الأرض على امتداد نحو 250 كيلومترًا من ساحل وسط ليبيا.

وعلى الرغم من أن حجم القوة البشرية الحقيقي لداعش في ليبيا، غير مؤكد، فإن الانضمام لعضوية التنظيم في تزايد. وتقدر أجهزة مخابرات غربية والأمم المتحدة أن قوته القتالية التي تشمل عددًا متزايدًا من الأجانب، تتراوح بين ثلاثة وستة آلاف فرد.

وقال محمود زقل، آمر غرفة عمليات الجيش لمدينة مصراتة: "حلمهم هو السيطرة على الحقول النفطية في الشرق والتمدد إلى الغرب إلى طرابلس ومصراتة".

لكن الوضع مازال يلفه الكثير من الغموض وربما يواجه تنظيم داعش صعوبة للسيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد.

وقال الجنرال ديفيد إم. رودريجيز، رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا، في تصريحات صحافية في واشنطن، قبل أيام، إنه "سيكون من الصعب على تنظيم داعش أن يسيطر على مساحات كبيرة من ليبيا لأنهم ليس لديهم العناصر المحلية التي تعرف الكثير عن ليبيا على غرار ما حدث في العراق وسوريا"، وأضاف "الليبيون لا يقبلون... التأثيرات الخارجية".

"الناس خائفون"

رسخ تنظيم داعش وضعه في سرت بحلول أوائل 2015. أهملت الفصائل الليبية الرئيسة المدينة منذ قتل القذافي هناك في 2011.

وقال عميد بلدية سرت، مختار خليفة المعداني، الذي غادر المدينة في آب/ أغسطس الماضي، عندما كثف داعش حملاته، إن التنظيم استغل الانقسامات التي تعانيها المدينة بذكاء. مضيفًا أن سرت "بها خليط من قبائل كثيرة، ولديه عناصر من كل قبيلة في سرت تدعمه، حيث استغل ذلك لتمزيق نسيجها الاجتماعي".

ويقول مسؤولون ليبيون إن التنظيم أقام ما يشبه "الدولة البدائية في المدينة. فهو يجبي الضرائب ويوجه التعليم الديني ويبث رسائله عبر الإذاعة، ويفرض حكمه بممارسة مزيد من الوحشية. كما يجني المال من خلال الخطف وبيع المسروقات وتهريب المخدرات وربما تهريب المهاجرين".

ووصفت امرأة غادرت المدينة في كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد أن خطف متشددو داعش زوجها بخمسة أشهر، كيف يصلب الرجال الذين يتهمون بالتجسس وتربط جثثهم بقضبان لأيام، وكيف تجلد النساء اللاتي يخالفن قواعد الزي التي يفرضها التنظيم حين تضبطهن عناصره النسائية المكلفة بذلك.

وقالت المرأة التي فرت حين طلب من ابنها المراهق الإبلاغ عمن يدخنون أو يشربون الخمور: "الناس لا تقاوم لأنهم مذعورون".

وفي حين تجبر الفتيات المراهقات على ارتداء العباءات والنقاب، يتم تجنيد الصبية ليكونوا ضمن "أشبال داعش". وتحدث تقرير صدر عن الأمم المتحدة عن حالة إثنين من المجندين يبلغان من العمر 10 و14 عامًا قالا إن داعش اختطفتهما من أسرتيهما ثم خضعا لتدريب ديني وعسكري لأسابيع وأجبرا على مشاهدة مقاطع فيديو لعمليات ذبح وتعرضا لانتهاكات جنسية.

ويقول مسؤولون وسكان ليبيون إن "في سرت وخارجها تعرض على المجندين وبينهم بعض المهاجرين أضعاف متوسط الرواتب بالإضافة إلى مغريات مثل السيارات والزوجات".

وقال عبد الرؤوف كارة، آمر قوات الردع في طرابلس، والتي تتألف من أكثر من 600 رجل وتحول تركيزها من مكافحة الرذيلة إلى استئصال شأفة متشددي داعش: "التنظيم له تواجده الخاص به".

وأضاف "بعض الأشخاص الداعمين للقذافي انضموا لينتقموا، لكن لا نستطيع القول إنه تنظيم معتمد على أنصار القذافي".

مقاتلون أجانب

لم يكن تقدم داعش في ليبيا سهلًا. فالتنظيم يتنافس مع شبكة معقدة من الفصائل المسلحة الراسخة في بلد لا يعاني من الانقسام السني الشيعي الذي استغله التنظيم المتشدد في العراق وسوريا.

ومني التنظيم بهزائم عسكرية. في مدينة بنغازي بشرق ليبيا استعاد الجيش أراضي من التنظيم في غرب صبراتة وطردته فصائل محلية بعد غارة جوية أمريكية في شباط/ فبراير الماضي.

ويقول سكان سرت ومسؤولون ليبيون، إن المقاتلين الأجانب يهيمنون على التنظيم المتشدد على نحو متزايد في مؤشر محتمل على أنه ليست له جاذبية بين السكان المحليين.

وفي اعتراف نادر بالضعف، قال عبد القادر النجدي، زعيم داعش في ليبيا، الشهر الماضي، إن "التنظيم يجد صعوبة في تكرار النجاح الذي حققه في سرت"، مضيفًا في مقابلة مع صحيفة النبأ التابعة للتنظيم، إن "عدد الفصائل والخلافات بينها من أسباب الفشل وإن بقية مدن ليبيا مثال حي على ذلك".

وتعتمد قدرة ليبيا على محاربة داعش، إلى حد بعيد على تحالفين عسكريين رئيسيين في البلاد، وهما متحالفان مع قاعدتي نفوذ متنافستين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب.

وتعلن الجماعات من حين لآخر، عن خطط للتعامل مع داعش، لكن تحركاتها غير منظمة.

وفي منطقة "الهلال النفطي" إلى الشرق من سرت تصدى حرس المنشآت النفطية لهجمات، بينما اشتكى من أن قوات الجيش في الشرق التي كان متحالفًا معها فيما سبق لا تقدم أي دعم.

واشتكى كارة قائد قوة الردع في طرابلس من أن الجماعات المسلحة التي تدعم الإدارة في طرابلس تحاول حماية المشتبه بانتمائهم لداعش، وقال: "عندما نحاول القبض عليهم يقال لنا بأن هؤلاء ثوار"، مضيفًا "يطلب منا إطلاق سراحهم كل يوم".

وتأمل القوى الغربية أن تساعد حكومة الوحدة الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة والتي وصل زعماؤها إلى طرابلس، الشهر الماضي، في لم شمل الفصائل الليبية والحصول على مساعدة دولية أطول أمدا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com