أحكام "خلية العبدلي" تضع ولاء شيعة الكويت تحت الاختبار
أحكام "خلية العبدلي" تضع ولاء شيعة الكويت تحت الاختبارأحكام "خلية العبدلي" تضع ولاء شيعة الكويت تحت الاختبار

أحكام "خلية العبدلي" تضع ولاء شيعة الكويت تحت الاختبار

تشهد الكويت، على المستوى الرسمي والشعبي، نقاشاً واسعاً، يتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي، والديوانيات التي يحرص الكويتيون على التواجد بها يومياً، مكاناً له، ويتمحور حول انتماء شيعة البلاد الذين يشكلون ثلث عدد السكان.

وبدأ النقاش حول القضية الحساسة، منذ يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن أصدرت محكمة الجنايات الكويتية أحكاماً قضائية صارمة على أفراد خلية مسلحة تم القبض على أفرادها العام الماضي وتعرف باسم "خلية العبدلي"، نسبة للمكان الذي عثرت فيه قوات الأمن على مخازن الأسلحة.

وجميع أفراد خلية العبدلي الـ 26 من شيعة الكويت، باستثناء واحد إيراني الجنسية، وقوبل الحكم القضائي بإعدام اثنين منهم والسجن لآخرين، بترحيب كبير في البلاد من مختلف الشرائح الاجتماعية، لكن بعض الكويتيين السنة يعتقدون أن عدداً من شيعة الكويت غاضبون من الحكم.

وعزز من هذا الاعتقاد، غياب نواب مجلس الأمة الكويتي الذين ينتمون للمذهب الشيعي، وعددهم تسعة من أصل 50 نائباً، عن جلسة مجلس الأمة التي عقدت في اليوم التالي لصدور الأحكام.

واعتذر النواب التسعة عن حضور جلسة الأربعاء بشكل رسمي دون أن يوضحوا الأسباب، لكن كثير من الكويتيون يقولون إنهم غابوا عن الجلسة احتجاجاً على الأحكام القضائية التي صدرت بحق أفراد خلية العبدلي.

ويطالب كثير من المدونين الكويتيين السنة بعدم الاكتفاء بأحكام الإعدام والسجن التي صدرت ضد أعضاء الخلية، ويريدون من الحكومة أن تسحب جنسيات المدانين منهم بوصفهم "خونة"، ويقولون إن مطلبهم هذا لا يجد دعماً كافياً من الكويتيين الشيعة.

ويقول مؤيدو الأحكام القضائية ضد خلية العبدلي، إن موقفهم غير طائفي، ويستندون فيه إلى القضاء الكويتي الذي أصدر قبل أكثر من شهر أحكاماً صارمة أيضاً ضد أفراد الخلية التي خططت لتفجير مسجد الصادق الذي يرتاده الشيعة في صيف العام الماضي.

وقال محامي كويتي متابع لقضية خلية "العبدلي" لشبكة "إرم" إن النقاش الآن يتركز حول انتماء شيعة الكويت، وهو أمر طبيعي في بلد يقبع داخل محيط إقليمي تشهد عدد من دوله حروباً رهيبة على أساس مذهبي.

وأضاف، مشترطاً عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع، أن الكويتيين يتأثرون بالتأكيد بما تبثه وسائل الإعلام وما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول القضية، لكن ذلك لا يعني أن المجتمع منقسم.

وأوضح أن الكويتيين، في نهاية الأمر، يستسلمون لوقائع يعيشونها، ولا يمكن لوسائل الإعلام، التي لا تنقل بدقة ما يجري، أن تقنعهم بأن انتماء شيعة الكويت لطهران، وأنهم راضون عما كانت تنوي خلية العبدلي فعله في الكويت.

وكثير من الناخبين الشيعة يمثلهم نواب سنة في مجلس الأمة الكويتي المنتخب، وهي حقيقة قلما تظهر في التقارير التي تتحدث عن الشأن الداخلي الكويتي، كما أن القانون الكويتي يساوي بين المواطنين بغض النظر عن مذهبهم في الوقت الذي تراعي فيه بعض القوانين خصوصية المذهب الشيعي.

وقال مدون كويتي على موقع "تويتر" لشبكة "إرم" إن المشككين بانتماء الشيعة عقب صدور الحكم القضائي، لا يأخذون في حسبانهم حملة التشكيك بالشيعة منذ الإعلان عن القبض على أفراد خلية العبدلي العام الماضي، وهم من يدفعون الشيعة نحو عدم الخوض في القضية.

وأضاف أن تكوين موقف بالاعتماد على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أمر مثير للسخرية على حد تعبيره، لأن لا أعضاء خلية العبدلي ولا نواب مجلس الأمة التسعة استشاروا شيعة الكويت بما يفعلونه.

ويقول مراقبون إن الوحدة الوطنية في الكويت، تعرضت لكثير من الصدمات خلال سنوات الربيع العربي التي تحولت لحروب مذهبية في دول الجوار لاسيما العراق وسوريا واليمن، وبسبب اتخاذ النخب الثقافية و السياسية الكويتية لمواقف لا تراعي تركيبة المجتمع الكويت الثنائية.

وعارض عدد من نواب الشيعة تدخل بلادهم في اليمن إلى جانب السعودية ضد جماعة الحوثيين المدعومة من طهران، كما أدين عدد من الكويتيين بجمع أموال لصالح مقاتلين من المعارضة السورية، وهي مواقف ساهمت في تأجيج السجال بين الكويتيين العام الماضي حول قضية الانتماء.

ويشكل العيش المشترك بين سنة وشيعة الكويت، نموذجاً هو الأفضل في المنطقة المضطربة التي تئن تحت صراعات مذهبية، لكن ذلك قد لا ينطبق على النخب السياسية التي بدأت خلافاتها تظهر بشكل واضح للعيان، لتزداد المخاوف من حدوث تصدع في الوحدة الوطنية التي يتمسك بها الكويتيون.

وعلى موقع "تويتر" واسع الانتشار في الكويت، يقول نواب سابقون وكتاب رأي ومحامون معروفون إن الحكم القضائي الذي صدر ضد أفراد خلية العبدلي يشكل اختباراً لشيعة الكويت، لكن آخرين يقللون من شأن هذا الكلام ويتهمون أصحاب تلك الآراء بإثارة الطائفية.

وكتب المشرفون على حساب "ديوانية أهل الكويت" الشهير على موقع "تويتر" معلقين على السجال الدائر بالقول "أخطر من#خلية_العبدلي من قاعد في تويتر ينتظر كل مواطن شيعي أن يستنكر ما فعله نواب الشيعة أو الخلية علماً أن أكثر من 50 بالمئة من الشيعة صوتوا لنواب سنة".

وقال المدون الكويتي الشيعي إن أن الكويتيين يكافحون لتجاوز تصرفات النخب الدينية والسياسية والثقافية وتصريحاتهم في وسائل الإعلام، لكن قد لا ينجحون في ذلك إلى الأبد مالم تتوقف تلك النخب عن طروحاتها الطائفية.

وتعد خلية العبدلي التي ضبط بحوزتها كميات كبيرة من السلاح واتهم أفرادها بالعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، إضافة لتفجير مسجد الصادق في العاصمة، أخطر حدثين أمنيين شهدتهما الكويت العام الماضي منذ الغزو العراقي للبلاد في أوائل التسعينيات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com