قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص يثير جدلاً واسعاً في تونس
قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص يثير جدلاً واسعاً في تونسقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص يثير جدلاً واسعاً في تونس

قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص يثير جدلاً واسعاً في تونس

أثارت مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع قانون عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص الجدل في تونس، خاصة على مستوى العمال ونقاباتهم برغم تأكيد خبراء اقتصاديين على أهمية هذه الشراكة.

وأدخل النواب في البرلمان التونسي عدة تنقيحات على عدد من فصول المشروع، سعياً منهم إلى الحيلولة دون المس بسيادة الدولة، وتغول القطاع الخاص، في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة على أن القانون سيساعدها على توفير تمويلات إضافية لتنفيذ المشاريع الكبرى، مع ضمان حقوقها عبر إقامة هيئات للرقابة.

وعبر العمال التونسيون عن تخوفهم من ذلك القانون، واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية، أن تسليم القطاع العام للقطاع الخاص مرفوض، بينما أكد خبراء في الاقتصاد أن هذا القانون يوفر فرص عمل جديدة ويزيد معدلات الإنتاجية.

تبرير الحكومة

وأكد وزير الفلاحة السابق محمد بن سالم، في تصريحات خاصة لشبكة إرم الإخبارية، ضرورة دعم هذا القانون لدوره في جلب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل في القطاع الخاص لا يقدر القطاع العام على توفيرها للشباب العاطلين عن العمل.

وأوضح بن سالم أن القانون لن يكرس هيمنة القطاع الخاص على العام، لأنه موجه بصفة خاصة نحو التنمية في الولايات الداخلية التي تعاني التهميش، وهي في حاجة إلى الاستثمارات وفرص العمل التي لا يستطيع القطاع العام توفيرها.

من جانبها، بررت الحكومة التونسية وقوفها إلى جانب هذا المشروع بأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص باتت ضرورة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للاستثمار العام، والتي تفترض توفير تمويل ضخم يفوق قدرات الموارد المالية العادية للدولة، علاوة على أنه لا يمكن للاقتراض تغطيتها نظراً للقيود المتعلقة بحجم الإنفاق في المالية العامة ونسبة العجز والدين العام.

وأضافت الحكومة أن هذا القانون سيمكن الدولة من تفويض القطاع الخاص بتنفيذ مشاريع بنية تحتية ومشاريع كبرى لضمان التمويلات الضرورية لها، فضلاً عما سيوفره القانون من التحكم في كلفة إنجاز المشاريع وتقاسم المخاطر بين القطاعين.

تنمية الجهات المحرومة

وبلغ عدد المشاريع المعطلة في المحافظات الداخلية حوالي 382 مشروعاً تمثل 87.2% من مجموع المشاريع المعطلة على المستوى الوطني، وتبلغ كلفتها 727 مليون دينار ( نحو 365 مليون دولار).

بدوره، أكد النائب في البرلمان التونسي، عن حزب الاتحاد الوطني الحر والخبير الاقتصادي محسن حسن، في تصريحات لشبكة إرم الإخبارية، أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص سيمكن من إنجاز المشاريع المخططة في آجالها مع تحقيق الفائدة للقطاع الخاص، وهو ما سيخفف من الضغط على ميزانية الدولة، ويمكن من التحكم في نسبة العجز العام المسجل ويفضي إلى تقليص الدين العام.

وأضاف حسن أن هذه الشراكة قامت على مرتكزات تمثلت في نسبة نمو تقدر بنحو 2,5% وتطوير الصادرات بنحو 3% والواردات بنحو3,9%، إلى جانب تقليص نسبة العجز بنحو 3,8%، معتبراً أنه من أهم القوانين التي تمت المصادقة عليها.

وتستأثر كتلة أجور العمال والموظفين بمبلغ 13 مليار دينار، وهو ما يمثل عبئاً على موازنة الدولة للعام 2016 التي ستكون في حدود 29 مليار دينار.

النقابة متخوّفة

وطالب قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل، بعدم التسرع في إصدار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى حين مراجعة وتحديد المبادئ العريضة لآلية التنمية الجديدة والبدء بدعم البنى التحتية الأساسية.

ودعا إلى ضرورة تحييد القطاع العام والقطاعات الاستراتيجية عن مثل هذه البرامج وعن منطق الربحية، مؤكداً أن تسليم القطاع العام للقطاع الخاص محلياً كان أو أجنبياً مرفوض تماماً.

وشدّد على ربط مختلف الخيارات الاقتصادية بالمطالب الأساسية كالتشغيل والتنمية الجهوية والعمل اللائق وإصلاح، وإعادة تأهيل المؤسسات العمومية لتحقيق ديمومتها واعتماد الحوكمة الرشيدة بدل السعي إلى خصخصتها.

وأعربت النقابة العمالية عن تخوفها من تجاهل الحكومة للتوصيات والمقترحات التي طالبت بها.

تغوّل الشركات الأجنبية

واعتبر النائب في البرلمان التونسي عن الجبهة الشعبية، أن هذا القانون سيرفع من نفقات القطاع العام من خلال زيادة نفقات الدولة التي ستتقاسم مخاطر الربح وكلفة هذه المخاطر مع القطاع الخاص.

وأوضح الرحوي في تصريح لشبكة إرم الإخبارية، أن هذه الشراكة لن يجني منها القطاع الخاص التونسي أية فائدة، بل ستتحول إلى الشركات الأجنبية نظراً لقدرتها الكبيرة على المنافسة، مؤكداً أن الشركات التونسية غير قادرة على الشركات الأجنبية الكبرى.

ويأتي قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كشرط لتمكين تونس من أقساط القروض، وهو عبارة عن استغلال مرافق عمومية من خلال التمويل المشترك بين القطاع العام والخاص، مقابل نسب من عائدات الانتفاع.

وطالب صندوق النقد الدولي تونس باستكمال الإصلاحات الاقتصادية التي يتطلبها الاقتصاد التونسي، قبل منحه القسط الأخير من قرض ائتماني بقيمة 300 مليون دولار، من جملة 1.75 مليار دولار وافق الصندوق على منحها لتونس في (يونيو/ حزيران) من العام 2013.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com