تردد أوباما يغري بوتين بالانخراط في الصراع السوري
تردد أوباما يغري بوتين بالانخراط في الصراع السوريتردد أوباما يغري بوتين بالانخراط في الصراع السوري

تردد أوباما يغري بوتين بالانخراط في الصراع السوري

فتحت السياسات الأمريكية الغامضة تجاه الشرق الأوسط الطريق أمام المزيد من التدخلات الدولية والإقليمية، ومهدت للدور الروسي الذي يعمل على ملء الفراغ الذي خلفته تلك السياسات بشأن الحرب ضد تنظيم داعش في سوريا، وهي السياسات نفسها التي كانت قد أدت إلى تعاظم الدور الإيراني في العراق.

وتقول موسكو إن تدخلها عسكريا في سوريا يأتي في إطار دعم نظام بشار الأسد ومواجهة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم "جبهة النصرة" لا سيما بعد انضمام مقاتلين من الشيشان إلى صفوفه، بينما ترى واشنطن أن نظام بشار الأسد لا يشكل جزءا من الحل السياسي في سوريا، ويتسبب في استمرار الحرب الأهلية الدائرة منذ قرابة الخمس سنوات.

فشل برنامج تدريب المعارضة

وأعلنت واشنطن في وقت سابق عن خطة لتدريب المعارضة السورية (المعتدلة)، وقالت إن الهدف من تلك التدريبات هو دعم المعارضة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وفي الوقت نفسه في مواجهة نظام الأسد، فيما أقر الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة الوسطى للقوات الأمريكية مؤخرا أنه "لم يعد يقاتل تنظيم داعش في سوريا من مقاتلي المعارضة السورية الذين دربتهم الولايات المتحدة سوى أربعة أو خمسة مقاتلين فقط"، مضيفا في حديثه أمام مجلس الشيوخ الأمريكي أن "أول 54 ممن أنهوا برنامج التدريب قبض عليهم أو قتلوا أو تفرقوا في البلاد".

ومع الإقرار الأمريكي بفشل برنامج تأهيل مقاتلي المعارضة، حيث كان من المفترض أن تصل أعداد من يتلقون التدريبات إلى قرابة 5000 مقاتل سنويا، بهدف تكوين معارضة سنية معتدلة في مواجهة تنظيم داعش، تنتقد مصادر في المعارضة السورية الخطة الأمريكية، معتبرة أن القوات الأمريكية فشلت في حماية العناصر التي تم تدريبها عندما تعرضت لهجمات خلال معارك مع "جبهة النصرة"، كما أن أعداد من تم تدريبهم لم يتجاوز العشرات، فيما ترد واشنطن بأن ثمة صعوبات في العثور على متدربين تنطبق عليهم شروط التدريب.

تعزيز القوى الموالية للأسد

وفي مقابل تراجع الدور الأمريكي، يتعاظم التأثير الروسي على مجريات الأمور في الشرق الأوسط، ويعزز دور القوى الموالية لنظام الأسد، وعلى رأسها القوى الشيعية العاملة تحت لواء فيلق القدس ومليشيات الباسيج، وهي قوى تضم مقاتلين إيرانيين وباكستانيين وأفغان، فضلا عن منظمة حزب الله اللبنانية، التي ضمنت غطاءً روسياً، نظرا لدورها الفاعل في دعم النظام السوري منذ سنوات، وفي أقل التقديرات، يتسبب التواجد الروسي في تخفيف الضغط على المنظمة اللبنانية التي خسرت العديد من قياداتها وعناصرها في السنوات الأخيرة.

ويعتقد مراقبون أنه من غير الممكن ألا تشهد الفترة القادمة تعميق التعاون وتنسيق العمل بين جميع القوى الموالية لبشار الأسد في سوريا، وأن الزيارات التي قام بها الجنرال قاسم سليماني إلى موسكو مؤخرا، تعني أن ثمة تعاون عسكري مباشر بين القوات الروسية والإيرانية وحزب الله في سوريا.

موقف أمريكي ضعيف

واكتفت الإدارة الأمريكية التي وقعت في تموز/ يوليو الماضي على اتفاق تعتبره تاريخيا هي ومجموعة الدول الست الكبرى (من بينها روسيا) مع إيران، بمواجهة الدور الروسي المتزايد في الشرق الأوسط بالتصريحات فقط، وتقول من آن إلى آخر إنها رصدت طائرات روسية في مطارات سورية، وتطالب موسكو بالتنسيق منعا لحدوث اشتباكات مع القوات الأمريكية، أو منعا لوقوع حادثة استهداف إحدى المقاتلات الأمريكية خلال تنفيذها مهام ضد تنظيم داعش في سوريا أو العراق.

وتفيد تقارير أمريكية أن حجم المعدات التي أرسلتها موسكو إلى الأراضي السورية تضم أكثر من 25 مقاتلة هجومية، و15 طائرة مروحية،  وتسع دبابات،  وثلاثة أنظمة صواريخ أرض جو، و500 عنصر بين عسكريين وفنيين، فيما تقول تقارير أخرى إن روسيا بصدد نصب منظومة الدفاع الصاروخي من طراز (إس 300)، فضلا عن الدفع بمقاتلات متطورة من طراز (سوخوي 27) وقرابة 2000 من قوات المارينز الروسية، ما دفع مراقبين إلى التشكيك في النوايا الروسية في سوريا.

سيناريو أفغانستان

وفي المقابل توعدت المعارضة السورية بتكرار ما حدث للقوات السوفيتية في أفغانستان، وقالت إن الجنود الروس سيعودون في نعوش، كما تحدثت تقارير عن بدء استهداف مطار اللاذقية الذي يستخدمه الجيش الروسي حاليا.

ويشير مراقبون إلى أن تكرار ما حدث للقوات السوفيتية في ثمانينيات القرن الماضي، قد لا يحدث سوى بتكرار تجربة الدعم الأمريكي لمن أطلق عليهم "المجاهدين الأفغان"، وأنه في حال حدث مثل هذا الدعم، فإن ثمة احتمالات بأن واشنطن سعت لدفع القوات الروسية إلى "أفغانستان جديدة"، بيد أن الحديث هنا سيكون عن تجدد حرب باردة بمفهوم جديد، ربما لا يسعى الطرفان إلى حدوثها.

ودفعت المخاوف الروسية – الأمريكية من تجدد الحرب الباردة إلى إعلان موسكو وواشنطن استعدادهما للحوار حول الأزمة السورية، مؤكدين عدم رفضهما لإجراء حوار من هذا النوع، على أساس وجود عدو واحد مشترك، يتمثل في التنظيمات الإرهابية.

ومع ذلك، لا يمكن الحديث عن حل أمريكي – روسي مشترك للأزمة السورية، في ظل خلافات حادة بشأن الدور الروسي في أوكرانيا، وبالتالي تفتح الأزمة السورية الباب أمام احتمالات عديدة، وبخاصة وأنها تضم أطراف أخرى على خصومة، وعلى رأسها إيران وإسرائيل، حيث أعلنت الأخيرة على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أنها توصلت إلى تفاهمات مع موسكو بشأن الخطوط الحمراء التي حددتها، فيما يتعلق بحرية عمل سلاح الجو في سوريا، وضرب أهداف تابعة لحزب الله وإيران، وفي الوقت نفسه تؤكد طهران أنها على تنسيق كامل مع الجانب الروسي، أي أن الحديث يجري عن تناقضات تصل إلى مرحلة اللا معقول.

ويرى مراقبون أن ثمة سيناريو قابل للتحقق، وهو تركيز المعارضة السورية، على استهداف القوات الروسية، مع احتمالات توجيه موسكو أصابع الاتهام إلى الجانب الأمريكي، بتزويد تلك المعارضة بالسلاح والاستخبارات اللازمة لاستنزاف تلك القوات، وفي حال تحقق هذا السيناريو فإن المجال سيكون مفتوحا أمام تطورات تعيد إلى الأذهان ما حدث إبان التورط الروسي في الوحل الأفغاني، وبخاصة في حال طال أمد الحرب الأهلية في سوريا ولم يتم التوصل إلى حلول سياسية.

وبالتالي في حال كانت واشنطن تسعى إلى جر الروس إلى "الوحل السوري"، فإنها بدأت أولا بـ"صنع هذا الوحل"، والذي تمثل في مواقف محددة، تسببت في إطالة أمد الحرب الأهلية، وعدم قدرة أي من أطرافها على الحسم، ما فتح المجال للدور الروسي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com