الأحكام القضائية لرموز القذافي بين الرفض والقبول
الأحكام القضائية لرموز القذافي بين الرفض والقبولالأحكام القضائية لرموز القذافي بين الرفض والقبول

الأحكام القضائية لرموز القذافي بين الرفض والقبول

أثارت الأحكام القضائية لمحاكمة رموز القذافي، حالة من الانقسام السياسي في ليبيا، بل بلغت ردود الأفعال حولها، المستوى الإقليمي والدولي، وهو ما يفسر حالة التأزم والتعثر، التي يعشيها الليبيون منذ قرابة أربعة سنوات، حيث عمقت ثورة 17 فبراير الأزمة على كافة المستويات، بعد أن كانت حلما للرفاهية وبلوغ دولة القانون.

محكمة استئناف طرابلس وبعد 24 جلسة، وقرابة ثلاثة أعوام من الانعقاد، أصدرت أحكامها بحق 37 من رموز القذافي، يتقدمهم المتهم الأول سيف الإسلام القذافي، الذي حكم بالإعدام رمياً بالرصاص رفقة 7 متهمين آخرين.

محاكمة "عادلة"

يؤكد الصديق الصور رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، على أن المحاكمة توفرت فيها جميع الشروط العادلة، ومنحت هيئة دفاع المتهمين حقوقهم كاملة، مع التذكير باستقلالية القضاء الليبي عن التجاذبات السياسية.

وأضاف الصور في حديثه مع إرم عبر الهاتف، "محاكمة رموز النظام جاءت مستوفية لكافة الاشتراطات القضائية والانسانية، حيث تمكن كافة المتهمين من توكيل محام يترافع عنهم، وسمح بمقابلة ذويهم خلال فترة الاحتجاز، كما أن منظمات دولية أشادت بنزاهة المحكمة، ولا ننسى أن معظم الجلسات تم نقلها عبر الهواء، من خلال وسائل إعلام محلية وأجنبية".

كما بيّن رئيس قسم التحقيقات، بأن "القانون الجنائي الليبي يتيح للمتهمين وللنيابة العامة على حد سواء التقدم بطعون بالأحكام الصادرة خلال 60 يوماً، لتصبح بعدها الأحكام نهائية وموضع التنفيذ، باستثناء حكم الإعدام، الذي يتطلب مصادقة المحكمة العليا، وهو ما يفسر خضوع المحاكمة لاشتراطات القانون حتى نهايتها، وهو أمر يجعلها تتصف بالنزاهة والحكم وفق سيادة القانون".

بدوره، أثنى عبد الرحمن السويحلي النائب المقاطع لجلسات البرلمان في طبرق، على الأحكام القضائية ووصفها بـ"انها تجسيد لأهداف الثورة".

وبيّن السويحلي في تدوينه له عبر صفحته على (الفيسبوك)، بأن " ثوار 17 فبراير كان بإمكانهم، تصفية جميع رموز القذافي بمجرد القبض عليهم عام 2011، لكنهم آثاروا الحفاظ على مبادئ الثورة "، مؤكدا بأن هذه الأحكام تمثل عبرة وعظة للجميع، ولكل من يحاول استبداد الشعب الليبي.

محكمة غير شرعية

من جهته، عبر النائب في البرلمان الليبي محمد عبد الله، في تصريح لـإرم، عن استيائه من الأحكام الصادرة بحق رموز القذافي، مشيراً إلى أنها صدرت من قضاء "سجين ورهين السلاح"، في إشارة إلى سيطرة مليشيات "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس.

وعلق في هذا الصدد، "لا يمكن قبول هذه الأحكام جملة وتفصيلاً، ويجب على العالم أجمع، عدم الاعتراف بهذه المحكمة، في ظل قضاة مهددين بفوهة البنادق، فلا شرعية قضائية في طرابلس، حتى تسلم المليشيات زمام الأمور، إلى السلطات المنتخبة، وتقبل بإفرازات صندوق الانتخابات، ونتائج العملية الديمقراطية".

وعن الطريقة لإيقاف تنفيذ هذه الحكام، أجاب "سنقوم بممارسة ضغوط محلية ودولية، لإيقاف هذه المسرحية القضائية، التي تهدف إلى تسييس الأحكام، وتمريرها ضمن مخرجات الحوار السياسي، وهو أمر غير مقبول إطلاقاً، ولن يرتهن البرلمان لأي ضغوط، لتحقيق سلطات الانقلاب مكاسب عبر الاتفاق السياسي".

ووجهت المحكمة إلى رموز نظام القذافي، تهم قتل وقمع المتظاهرين أثناء ثورة فبراير 2011، بجانب المساهمة في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، ومحاصرة المدن والقرى المنتفضة، وتشكيل كتائب مسلحة للنيل من المتظاهرين.

وتباينت الأحكام، بين الإعدام والسجن المؤبد وأحكام سجن متفاوتة من 12 إلى 5 أعوام، بجانب تبرئة 4 متهمين وفرض غرامات وتعويضات مالية بحق متهمين آخرين.

ويقبع سيف الإسلام القذافي في سجن سري تابع لثوار الزنتان جنوب غرب طرابلس منذ اعتقاله جنوب البلاد في 19 نوفمبر 2011، بعد فراره من مقر حصن باب العزيزية، عقب سقوط العاصمة طرابلس بيد الثوار الليبيين.

لكن ومنذ سيطرة قوات "فجر ليبيا" المناهضة للسلطات المعترف بها دوليا على طرابلس في أغسطس 2014، منعت الزنتان مثول سيف الإسلام أمام محكمة طرابلس عبر الدائرة المغلقة، لعدم اعترافها بشرعية السلطات الموازية في طرابلس.

مخاوف دولية وحقوقية

وأبدت الأمم المتحدة مخاوفها من الأحكام الصادرة بحق أعوان القذافي، ورأت أن "الحكم الصادر في محاكمة 37 من مسؤولي نظام القذافي، مبعثاً للقلق البالغ لعدم استيفاء المحاكمة المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، في عدد من الجوانب".

وقال كلاوديو كوردوني رئيس قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وسيادة القانون لدى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "من ضمن دواعي القلق المتعلقة بالمحاكمة غياب العديد من المتهمين عن عدد من الجلسات، فيما اتسم الدليل المتعلق بالسلوك الإجرامي، الذي تم إسناده إلى المتهمين، بالعمومية إلى حد كبير، حيث تم بذل القليل من الجهد لإثبات المسؤولية الجنائية الفردية، كما لم يقدم الادعاء أي شهود أو وثائق أثناء جلسات المحاكمة، وحصر نفسه بشكل كامل ضمن الأدلة المكتوبة الواردة في ملف القضية".

وتابع "كما حرم المتهمون خلال الاحتجاز، في مرحلة ما قبل المحاكمة لفترات طويلة، من الوصول إلى محامين والاتصال بأسرهم، فيما أبلغ البعض أنه تم ضربهم أو إساءة معاملتهم، غير أنه ليس لدى البعثة علم بإجراء أي تحقيق بخصوص هذه الادعاءات"، وقال محامو الدفاع إنهم واجهوا تحديات في لقاء موكليهم على انفراد أو الوصول إلى ملف القضية الكامل، فيما قال البعض منهم إنهم تلقوا تهديدات.

وعن أحكام الإعدام، علق رئيس قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وسيادة القانون لدى بعثة الأمم المتحدة: "بالنظر لأوجه القصور هذه، فإن من دواعي القلق بشكل خاص، أن المحكمة قد أصدرت تسعة أحكام بالإعدام، وتقضي المعايير الدولية بعدم جواز فرض أحكام الإعدام، إلا بعد استيفاء الإجراءات التي تلبي أعلى مستوى من الاحترام لمعايير المحاكمة العادلة".

وشدد كوردوني، على أن البعثة ستقوم بمراجعة الحكم حال نشره كاملاً، خلال الفترة المقبلة، قبل الانتهاء من تقييمها الكامل للمحاكمة، مؤكدا على أهمية إدخال الإصلاحات القانونية، لتعزيز معايير حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وشاطرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، في بيان تلقت إرم نسخة منه، بعثة الأمم المتحدة مخاوفها وملاحظاتها حول المحكمة والأحكام، وأعربت اللجنة استيائها ورفضها للأحكام الصادرة، بحق رموز النظام وأنصاره، ووصفتها بأنها " أحكاما تعسفيه وانتقامية قاسية".

وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بأن "محاكمة رموز النظام السابق بهذه الطريقة والأساليب، التي تفتقر إلى الضمانات القضائية، ما هي إلا محاكمات سياسية ومحاكمات انتقائية - انتقامية بحتة، تعيق وتعرقل مشروع المصالحة الوطنية الشاملة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com