"القبلية" تُحدث صدعاً داخل المؤسسة العسكرية الليبية
"القبلية" تُحدث صدعاً داخل المؤسسة العسكرية الليبية"القبلية" تُحدث صدعاً داخل المؤسسة العسكرية الليبية

"القبلية" تُحدث صدعاً داخل المؤسسة العسكرية الليبية

لعبت القبيلة ولا تزال أدواراً هامة في المشهد السياسي والاجتماعي الليبي على حد سواء، كما لعبت دوراً بارزاً في إعادة تشكيل نواة للجيش الوطني شرق البلاد، بعد تحالفات قوية أبرمها القائد العام للجيش الفريق أول خليفة حفتر مع عدد من القبائل البارزة ، أمثال (العبيدات - البراعصة - الدرسة - المنفه - الدرسة) ، وجميعها قبائل لها وزن شعبي واجتماعي كبيرين في الشرق الليبي حيث يخوض الجيش معركة استعادة الهيبة ضد الجماعات الإرهابية.

النائب في البرلمان الليبي طارق الجروشي، أثنى عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، على اجتماع أعيان قبيلة العبيدات مع القائد العام للجيش، وكتب في تدوينة بهذا الخصوص "تحية عظيمة لاجتماع أعيان قبيلة العبيدات بالقائد العام للقوات المسلحة، هؤلاء هم المشايخ الحقيقيين الذيم يهمهم الوطن، وقد انتهوا من إطفاء نار الفتنة المشتعلة، والتأكيد على دعم الجيش وعدم التدخل في عملياته" .

ونبه النائب الجروشي ، بما وصفها بـ "نيران الفتن ما ظهر منها وما بطن، فلو احترق أمن ليبيا بسببها، لن تكفيكم بحار وأنهار الكون (دموعاً وعرقاً ودماً) على استرداد وطنكم، ولكم عبرة فيمن سبقوكم". وختم تدوينته، "معاً لمجابهة الارهاب ولاستتباب الأمن والأمان" .

الاجتماع بين قبيلة العبيدات منتصف الأسبوع الجاري، جاء بعد خلافات غير معلنة بشأن عدم وضوح ونجاعة العمليات العسكرية، التي يقودها الفريق خليفة حفتر، ضد الجماعات الإرهابية أمثال تنظيم "داعش" وأنصار الشريعة في بنغازي ودرنة والمناطق المحيطة بهما.

كما كان هذا الاجتماع، بمثابة مبايعة وتأكيد لدعم الجيش، من قبل أكبر قبائل شرق ليبيا (العبيدات)، لقطع الطريق على محاولات التدخل في صلاحيات الجيش وقادته.

خلافات حول قيادة العمليات

ملامح التصدع والتشويش على الجيش الليبي، تسبب فيها العقيد فرج البرعصي، الذي كان يشغل آمر قيادة العمليات العسكرية شمال بنغازي سابقا، والذي وصف من قبل العسكريين بـ "المتمرد" على القيادة العليا للجيش، وتصاعدت حدة الخلاف بينه وبين الفريق حفتر، بعدما عزله عن الخدمة العسكرية، لكنه عاد لتولي قيادة عمليات الجيش في الجبل الأخضر محور درنة، بتكليف من القائد الأعلى للقوات المسلحة المستشار عقيلة صالح عيسى رئيس البرلمان الليبي.

هذا القرار دفع بالفريق حفتر، إلى التأثير على قرار رئيس البرلمان، ومحاولة توضيح أسباب إبعاد العقيد البرعصي عن المشهد العسكري، من خلال مذكرة رسمية وجهها حفتر إلى المستشار عقيلة، شرح فيها أسباب إعفاء البرعصي من مهامه في قيادة أحد محاور الجيش.

وبحسب المذكرة، التي تمكنت "إرم" من الاطلاع عليها، حيث أكد  حفتر من خلالها أن "الضابط فرج البرعصي، كان ولايزال خارج الخدمة العسكرية، وبإلحاح أصدقائنا من قبيلة البراعصة، تم الدفع به وانخراطه في عملية الكرامة، وقد واجهتنا معارضة شعبية لعودة الضابط المذكور، لكن بالرغم من ذلك تحملنا المسؤولية، وكلف بمنطقة الجبل الأخضر".

وتابع حفتر في مذكرته، "تطوع معنا واختار القتال في محور شمال بنغازي، وكنت دائم الزيارة لهذا المحور، نظراً لعدم تقدمه بالشكل المطلوب، ونتيجة لضغطنا عليه بالتقيد في الخطط المعدة، اكتشفنا الضعف في التقدم وضعف كفاءته وقدراته القتالية، وبدء المعني البحث عن مبررات لعدم إحراز تقدم، ونظرا لعدم التزامه بتعليمات غرفة العمليات، أصبح خارجا عن السيطرة وتصرفه بطريقة ارتجالية، الأمر الذي أدى إلى دمار كبير بالمباني في محيط قيادته، ما أدى إلى إرباك في العمليات العسكرية في بنغازي".

كما بين القائد العام للجيش الليبي ، بأن اجتماعات مشبوهة وسرية، عقدها الضابط البرعصي مع امرى المحاور القتالية، بجانب إدلائه بتصريحات غير مسؤولة عبر الإعلام، بل وزيارته للسجن العسكري (قرنادة) لمقابلة سجين، دون إذن مسبق لقيامه بمثل هذه الاجتماعات، كما ثبت تخزينه للذخائر وبشهادة الجنود، وكان يقول لهم "هناك معركة بعد التحرير لمواجهة حفتر" .

وأكد حفتر في ختام مذكرته الموجهة إلى رئيس البرلمان ، بأنه و"أمام كافة هذه المعطيات، وجب ألا تسند أي مهمة لهذا الضابط، وأي مسؤولية أكبر من حجم قدرته، وأن يكون تحت السيطرة".

القبلية والجيش لا يجتمعان

يرى العميد أحمد الحسناوي الضابط السابق في الجيش الليبي، في حديثه مع "إرم" عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، بأن "قيام تكليفات عسكرية لضباط على أساس قبلي ومناطقي، يتسبب في ارتباك المؤسسة العسكرية، ويجعلها عرضة للأهواء والطموح غير المتزن للقادة العسكريين.

وعلق الحسناوي على الخلافات داخل الجيش بشأن العقيد فرج البرعصي، قائلاً " بالرغم من نجاح الفريق حفتر في خلق تحالفات قبلية، نجح من خلالها في إعادة تشكيل نواة للجيش، لكنها أثبتت في ذات الوقت، بأن نجاحها مؤقت ومرهون بالولاء للقبيلة وحماسها لدفع ابنائها في قيادة الجيش، دون احتساب كفاءة الضباط المنتمين إليها، وهو ما اعترف به حفتر، عندما أكد أن تعيين البرعصي جاء نتيجة لضغوط قبيلته".

وأردف قائلا، "بالرغم من المبررات التي جاءت في سياق إبعاد العقيد فرج البرعصي عن الخدمة، إلا أننا نلاحظ انه لم ينفذ القرار، ولا يزال يقوم بقيادة المئات من الضباط والجنود تحت قيادته، وهو أمر ينذر بتصاعد حدة الخلافات خلال المستقبل القريب، ويجعل العقيد فرج مطمئنا، بأن لا احد يمكنه من إزاحته عن الجيش، سوى شيوخ وأعيان قبيلته ما يجعل القيادة العليا للجيش في موقف حرج قد يتسبب في تكرار عصيان الأمر العسكري".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com