الفلسطينيون في ذكرى النكبة .. طغيان المصالح على التصالح
الفلسطينيون في ذكرى النكبة .. طغيان المصالح على التصالحالفلسطينيون في ذكرى النكبة .. طغيان المصالح على التصالح

الفلسطينيون في ذكرى النكبة .. طغيان المصالح على التصالح

تتضاءل آمال الفلسطينيين بعد مرور 67 عاماً على "النكبة" بإحداث أي تطور يدفع عجلة نضالهم باتجاه تحقيق حلمهم الأبدي بالعودة، الذي يعيشون كفاحاً مستمراً من أجله، في ظل حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، والاختلاف العربي، وانحياز اللاعبين الكبار في ملعب السياسة، للكيان الصهيوني.

ويعيش الفلسطينيون هذا العام حالة خاصة من ضياع الأمل وفقدان الثقة بالتغيير، تتجلى أبرز ملامحها في الكارثة الإنسانية التي أحاقت باللاجئين في مخيمات الموت بسوريا ولبنان، بسبب التداعيات السياسية والإقليمية المتواترة التي تشهدها المنطقة، والتي أدت إلى اشتعال فتيل عدد من الصراعات العربية الطائفية منها والإقليمية.

ويرى متتبعو الوضع السياسي في الأراضي المحتلة، أن الفلسطينيين يستذكرون نكبتهم هذا العام وهم أبعد ما يكونون عن تحقيق شيء من آمالهم المرجوة بدفع عجلة المطالبات بالحقوق الفلسطينية للأمام، خاصة مع استمرار تدهور الوضع الداخلي الفلسطيني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بسبب استمرار ما يصفونه بـ "طغيان المصالح على التصالح" الذي قسم الوطن الفلسطيني المنكوب إلى كيانين سياسيين متضادين، وهو ما سهّل على إسرائيل المهمة التي احتاجت عقوداً من الزمن لتحقيقها، من خلال إفشال الدعوة وتعميق الفجوة وحمل السلاح ليقتتل الإخوة.

ويعكس عدد من خبراء الشأن الفلسطيني الصورة القاتمة لحالة الانقسام العميق الذي يغلف شطري الوطن، فانقسام الأرض بفعل جدار الفصل العنصري ساهم في نكبة المنكوبين أصلاً في الضفة والقدس ومناطق الـ 48، أما المهجرين اللاجئين في قطاع غزة فأدت الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع في تهجيرهم مراراً وتكراراً مع اختلاف نوعية اللجوء الذي بدأ بالخيمة مروراً بالمخيم وصولاً للكرافانات.

واللافت هذا العام بحسب ناشطين محليين، أن الشارع الفلسطيني فقد شهوته حتى للسيناريو المتكرر في كل ذكرى تمر على النكبة، بما يتضمنه من مهرجانات حزبية تقوم أساساً على الشعارات الجوفاء والخطب العصماء التي تفتح جرح المنكوبين دون أن تقدم لهم أي دواء.

وتتزايد معاناة أصحاب "مفتاح العودة" مع تكاثر المبادرات والمشاريع الإقليمية والدولية التي تلهث وراء تسوية تستفيد إسرائيل منها وحدها، من خلال تحييد قضية اللاجئين وإنزالها عن رأس هرم أولوياتها، بدءاً من اتفاقية أوسلو مروراً بمبادرة السلام العربية، وصولاً إلى المبادرة الفرنسية التي أعلن عنها الرئيس محمود عباس مؤخراً من تونس دون أي يقدم حولها أية تفاصيل.

وتتعمق آلام النكبة لدى الفلسطينيين بحلول منتصف (مايو/أيار) من كل عام، حين يتعاظم في أعينهم اهتمام الإسرائيليين والعالم من خلفهم بما يسمونه "ذكرى الكارثة والبطولة" التي يحيي فيها اليهود ذكرى المحرقة النازية وعمليات البطولة والتمرد التي قام اليهود بها تلك الأيام، في حين يجد منكوبو الوطن المحتل كل التغاضي والتلاهي عن قضيتهم المشروعة وحقهم المغتصب ووطنهم المسلوب الذي راح بأمر من لا يملك إلى من لا يستحق.

يغيب هذا العام المشروع الوطني الجامع وتختفي الكلمة الواحدة للكل الفلسطيني، ويودي ذلك بكل مقومات الحياة في الأراضي الفلسطينية، فبحسب تقرير للمركز الفلسطيني للإحصاء نشره تزامناً مع الذكرى الـ 67 للنكبة، تشكل نسبة اللاجئين 43.1% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي.

ويراهن معظم الفلسطينيون على مزيد من التراجع الذي تشهده قضيتهم المركزية على المستوى العربي، وذلك منذ بداية ما يسمى "الربيع العربي" وما أحدثه في تغيير في الأولويات العربية التي احتدمت فيها الصراعات الداخلية، وما طرأ على انطباعات كثير من حلفاء القضية الفلسطينية العرب وما تلاه من انعكاسات سلبية نتيجة المواقف المتمايلة لبعض التيارات الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس وامتدادها المنهجي المتمثل في حركة الإخوان المسلمين التي سعت لإحداث تحولات جذرية في مختلف أنظمة الحكم العربية وفشلت في ذلك، فحمل الفلسطينيون تبعات تلك اللعبة وكان الضحية الفلسطيني المنكوب.

ويؤكد محللون سياسيون في الداخل أنه لا بد للفلسطينيين بكل توجهاتهم وانتماءاتهم العقائدية والفكرية من إجراء مراجعة عقلانية تعيد بوصلتهم إلى اتجاهها الصحيح من خلال نبذ الخلافات وتغليب مصلحة الوطن، والعودة لاحتلال الاهتمام العربي بتبني المواقف الجادة الوطنية غير الملتبسة، إضافة إلى حشد الرأي العام الدولي والإصرار على إحراز مكاسب وطنية تعيد للوطن الكرامة ولا تسحب الفلسطيني لدوامة الندامة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com