لاجئ عراقي يروي معاناته داخل مخيمات اللاجئين في ليتوانيا
لاجئ عراقي يروي معاناته داخل مخيمات اللاجئين في ليتوانيالاجئ عراقي يروي معاناته داخل مخيمات اللاجئين في ليتوانيا

لاجئ عراقي يروي معاناته داخل مخيمات اللاجئين في ليتوانيا

"في طريق الموت، يتحول البشر إلى أموال، فأنت عبارة عن نقود متحركة، الكل يسعى لنهش جسدك"، هكذا بدأ علي كاظم بالحديث عن رحلته عبر شبكات التهريب إلى أوروبا.

ترك علي ابن محافظة البصرة بلده العراق وهاجر إلى أوروبا سالكاً طرق تهريب المهاجرين، بحسب ما أوردته قناة "The black box"، على يوتيوب.

وعن خروجه من العراق قال، إن "كلا له ظروفه الخاصة، لكن العراق بمنظور الجميع لم يعد بلداً صالحاً للعيش ولم يعد مكاناً للعراقيين إما أن تكون بجانب حكومة مرتهنة للخارج، وإما أن تكون غير عراقي، لم ننتخب هذه الحكومة ولا يوجد ديمقراطية في العراق، ومن الصعب شرح ذلك للأجانب هنا في أوروبا، وأنا ابن البصرة مدينة الاغتيالات، كنت أعيش تحت خطر الموت 24 ساعة".

قرر علي السفر إلى أوروبا من أربيل التي انتقل إليها منذ سنوات، فحصل على تأشيرة للسفر إلى بيلاروسيا ومنها قرر العبور عبر ليتوانيا، موضحا "كنت عبارة عن نقود متحركة في هذه الرحلة، الكل يتعامل معنا كأموال، المهربون وحرس الحدود والشرطة والناس في بيلاروسيا، الكل يعتبرنا نقودا ويريد أن ينهش أجسادنا".

وعن تفاصيل رحلته، أفاد "وصلت إلى بيلاروسيا وفي أول محاولة عبور تهنا في الغابات أنا والمجموعة، ولم يعد أمامنا خيار إلا تسليم أنفسنا إلى الشرطة الليتوانية"، في حين سلم الشاب ورفاقه أنفسهم وتم زجهم في مخيم لللاجئين أشبه بسجن للبشر، وبقوا في المخيم لمدة 38 يوماً.

وأوضح "كنا كل 7 أشخاص في خيمة، نتناول وجبة واحدة يومياً، وتمت مصادرة هواتفنا وجوازات سفرنا، كنا نعيش في ظروف صعبة جداً".

حاول علي ورفاقه التمرد على هذا الواقع عبر محاولتي إضراب عن الطعام لتغيير هذا الواقع، وهنا أردف "لم يكن الوضع هنا في ليتوانيا أفضل من العراق، لم يكترثوا لإضرابنا عن الطعام، وكانت ردة فعلهم جداً ساذجة".

"من يريد أن يأكل فليأكل، ومن لا يريد هو يتحمل مسؤولية موته"، بهذه العبارة رد مسؤولو المخيم على إضراب المجموعة عن الطعام، مبينا "استمر الوضع على ما هو عليه بعد محاولة الإضراب عن الطعام، وقامت منظمة دولية واحدة بزيارتنا، ولم تقم بأي تحرك تجاه الموضوع".

لنقتل أنفسنا

قرر علي ورفاقه الانتحار، لم يبق أمامهم خيار آخر، ولم تبق هذه الظروف أملاً للحياة في داخلهم، مؤكدا "قررت أنا و 3 من أصدقائي الانتحار، فلم يعد للحياة معنى في هذا الأسر، وفكرنا في الأمل الذي سنمنحه للبقية بانتحارنا كي ينجوا، اثنان منا قاما بشرب مواد التنظيف، لكنهما لم يموتا، تمكن بعض الأشخاص في المخيم من إنقاذهما في اللحظات الأخيرة ونجيا دون أن يتمكنا من الانتحار".

أما علي وصديقه المقرّب فاختارا طريقة أخرى لإنهاء حياتهما، موضحا "قمت أنا وصديقي بضرب أجسادنا بالسكاكين كي ننزف حتى الموت، دخلوا علينا ووجدونا نسبح بالدماء، ونحن أساساً مضربين عن الطعام، كان ردة فعل مسؤولي المخيم مخزية ومعيبة جداً، حيث قاموا بنقلنا إلى السجن الانفرادي، رمونا في السجن كما نحن، دون تضميد جراحنا ودون تكلف عناء تنظيفها".

بقي علي وصديقه 4 أيام في السجن الانفرادي دون طعام أو نوم، ثم أفرجوا عنهما إلى السجن الكبير بعد توقيعهما تعهدا بعدم إعادة محاولة الانتحار مرة ثانية.

معتقل جديد

بعد شهر و10 أيام  من هذه المعاناة قامت الشرطة بنقل علي ورفاقه إلى مخيم جديد على الحدود البيلاروسية الليتوانية، وعن المخيم الجديد أشار إلى أنه "لم يكن الوضع أفضل بكثير، كانوا يقدمون لنا 3 وجبات في اليوم، لكنها غير قابلة للأكل، والمياه لم تكن متوفرة، كنا نشرب من دورات المياه، لم يكن أحد يقابلنا ويخبرنا عن مصيرنا، كل ما نعرفه أننا سنبقى 6 أشهر في هذا المعتقل، ثم يتم ترحيلنا إلى العراق".

وعن إمكانية الهروب، قال إنه "من المستحيل الهروب من هذا المخيم، الحراسة مشددة جدا، المكان مسيج ومليء بكلاب الحراسة والكاميرات الحرارية، اجتاح المخيم فايروس كورونا والجرب، ولم تكن هناك إجراءات احترازية لمنع انتشار الأمراض، كان المصاب يتم حجره لمدة يومين ثم يعود إلى مجموعته، دون أن يتأكدوا من تعافيه، وغير آبهين بنقله المرض للآخرين وإصابتهم".

ينتظر علي مصيره بعد هذا المعتقل، الذي سيكون غالباً الترحيل إلى العراق قسرياً، كما حصل مع الشباب الذين قضوا فترة 6 أشهر أو سنة في هذا المعتقل.

يكمل علي شهره السادس على هذا الحال ويجهل الوقت الذي سيستغرقه لنهاية معاناته وحصوله على حق اللجوء الذي كفلته الحكومات الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان.

أما إمكانية عودته إلى العراق فهي ليست ضمن حسابات علي مهما كانت ظروفه صعبة، معلقا "هجرت 4 مرات من البصرة في العراق، وذقت طعم الموت مئات المرات، ترك العراق في جسدي رصاصة وتشوه في العمود الفقري، وهذا كاف... لن أعود للعراق حتى لو مت هنا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com