خبراء: سواحل السودان على البحر الأحمر محور صراع جيوإستراتيجي
خبراء: سواحل السودان على البحر الأحمر محور صراع جيوإستراتيجيخبراء: سواحل السودان على البحر الأحمر محور صراع جيوإستراتيجي

خبراء: سواحل السودان على البحر الأحمر محور صراع جيوإستراتيجي

من واشنطن إلى موسكو مرورا بأنقرة، تثير الموانئ والجزر السودانية على البحر الأحمر، ومن بينها ميناء بورتسودان الذي يغلقه محتجون، الاهتمام لأسباب تجارية وعسكرية، وفق ما أفاد به خبراء وكالة الصحافة الفرنسية.

وتمتد السواحل السودانية على مسافة 714 كيلومترا من مصر شمالا حتى إريتريا جنوبا.

هذه المنطقة الغنية بالذهب والتي تتسم بالتنوع البحري، ظلت منذ عقود، في قلب صراعات على النفوذ وتحالفات متغيرة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي حكم السودان بلا منازع لثلاثة عقود قبل أن تطيح به ثورة شعبية في العام 2019.



ويقول مدير الميناء الجنوبي في بورتسودان، والمسؤول عن خدمة الحاويات، أحمد محجوب إن "الموانئ السودانية يمكنها أن تخدم الدول المغلقة المجاورة للسودان، مثل: تشاد، وأفريقيا الوسطى، وإثيوبيا، وجنوب السودان".

لكن التجارة عبر ميناء بورتسودان متوقفة منذ منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، بعد أن أغلق محتجون _يشكون من عدم تمثيلهم سياسيا بشكل مناسب في السلطة الانتقالية التي تتولى الحكم حاليا_ الطريق التي تربطه ببقية أجزاء البلاد.

وبسبب غلق الميناء، انتقلت عمليات الشحن منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر الحالي، من بورتسودان إلى موانئ الدول المجاورة وخصوصا مصر.

 

مجموعة جزر

واندلعت الاحتجاجات بسبب اتفاق سلام وقعته الحكومة في 2020 في جوبا، مع حركات التمرد في مختلف مناطق البلاد. وتضمن الاتفاق شقا يخصّ شرق السودان، يقول المحتجون إن الموقعين عليه لا يمثلون الإقليم الساحلي الذي يتميز بأنواع متنوعة من النباتات خصوصا المانغروف، وبرمال بيضاء والحجر الجيري المرجاني المسامي المستخرج من الشعاب البحرية لاسيما في جزيرة سواكن.

وسواكن ميناء آخر على الساحل السوداني، ازدهر في العصر العثماني، ولكنه أهمِل إبان الاحتلال البريطاني للسودان، خصوصا بعد بناء ميناء بورتسودان على بعد 30 كيلومترا إلى الشمال منه، مطلع القرن العشرين.

وفي العام 2017، وقّع البشير اتفاقا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تستأجر بموجبه أنقرة هذا الميناء لمدة 99 عاما.

وأغضب الاتفاق دول المنطقة، خصوصا مصر التي خشيت من توسع نفوذ أردوغان عند بوابتها الجنوبية، إذ تعتبر القاهرة السودان من الناحية الإستراتيجية فناءها الخلفي.



ويشكّل وجود تركيا على البحر الأحمر موضوعا ازداد حساسية بالنسبة إلى القاهرة، بسبب توتر العلاقات بينها وبين أنقرة منذ إعلان أردوغان دعمه لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن أطاح بها الجيش المصري الذي كان يقوده آنذاك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من السلطة في العام 2013.

ويقضي الاتفاق أن تقوم تركيا بترميم مباني المدينة التي تعود إلى العصر العثماني، وتبني مركزا لصيانة السفن.

وسواكن واحدة من الجزر السودانية التي يرى باحثون أنها "جزء من الأمن القومي للبلاد".

وإضافة إلى موقعها الإستراتيجي، يشير الأستاذ في جامعة بورتسودان، أحمد عبد العزيز، إلى أن "هذه الجزر غير مأهولة؛ ما يجعلها مناسبة لنشاط غير قانوني بما في ذلك التهريب".

وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الجزر 23 ألف كيلومتر مربع، وفق الأستاذة الجامعية شيماء عبد السميع، أي ما يوازي مساحة جيبوتي الواقعة إلى الجنوب، والتي توجد فيها قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية.



ممر محوري

ومع هذه المساحة، يمكن للجزر أن تستخدم كنقاط مراقبة أو في المناورات العسكرية، وفق عبد السميع.

وتسعى دول وأطراف عدة إلى الاستفادة من هذه الأهمية الإستراتيجية للجزر.

ففي عهد البشير، رست سفن إيرانية فيها؛ ما أزعج كثيرا السعودية، خصم إيران الإقليمي.

وفي العام 2017، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع البشير، إنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، لاستضافة 300 من العسكرين وأفراد مدنيين، بما في ذلك سفن تعمل بالطاقة النووية.

وجاءت تلك المباحثات في وقت كان فيه السودان يريد تقوية علاقاته مع روسيا في ظل عقوبات كانت واشنطن تفرضها ضد حكومة البشير.

وأعلنت موسكو العام الماضي، أنها وقّعت اتفاقا مع الخرطوم يمتد لخمسة وعشرين عاما لبناء وتشغيل القاعدة.

لكن الخرطوم أعلنت في حزيران/يونيو الماضي، أنها ما زالت تراجع الاتفاق بعد أن وجدت فيه بنودا ضارة بمصالحها.

وجاء ذلك في وقت تسعى فيه الخرطوم لتقوية روابطها مع واشنطن بعد الإطاحة بالبشير.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، رفعت الولايات المتحدة السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب. وتبع ذلك لقاء بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك. كما زار عدد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين السودان.

وتشير عبد السميع إلى أن البحر الأحمر يعد ممرا مائيا محوريا لحركة الأساطيل العسكرية الأمريكية، إذ يربط الأسطول الأمريكي السادس في البحر الأبيض المتوسط بالأسطول الخامس في الخليج العربي.

وتابعت "لذا فالتسابق للسيطرة على الموانئ السودانية أمر طبيعي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com