واشنطن بوست: ما هي رسائل الأسد من وراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟
واشنطن بوست: ما هي رسائل الأسد من وراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟واشنطن بوست: ما هي رسائل الأسد من وراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟

واشنطن بوست: ما هي رسائل الأسد من وراء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟

لم يكن اختيار موقع الإدلاء بالتصويت للرئيس السوري بشار الأسد وزوجته في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 27 أيار/مايو في مدينة دوما، من قبيل الصدفة، ولكنه كان يحمل رسائل للسوريين، وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وقالت الصحيفة إن القوات السورية فقدت السيطرة على دوما عام 2012، لكنها استعادت السيطرة عليها بعد أعوام من القصف والحصار والمجاعة ونشر الأسلحة الكيماوية في نيسان/أبريل 2018.

وترى الصحيفة أن التصويت في دوما يحمل رسالة معينة للسوريين، رسالة عن الاسترداد والهيمنة.

وتقول الصحيفة إن النظام لم يقم بأي محاولة لتصوير الانتخابات على أنها انتخابات حرة ونزيهة، بل وأكد قدرته على الكذب وإجبار الآخرين على ترديده، حيث وثق الموالون للنظام أنفسهم أثناء إجراء التصويت عدة مرات، وتظهر النتائج الرسمية للنظام أن عدد الناخبين للأسد أكبر من عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وذكرت الصحيفة: "في نظام استبدادي مثل النظام السوري، عندما يتم تزوير النتائج في العلن، تظهر الانتخابات قدرة النظام على فرض الامتثال، وتخدم الانتخابات مصالح النظام، وتشير لمقاومة المعارضين بأنها عقيمة، وتشجع الموالين له، وتخلق إحساسا بأن النظام يتمتع بدعم أكبر مما يتمتع به في الواقع".



انعقاد الانتخابات في خضم أزمة اقتصادية عميقة

وتابعت الصحيفة أن الليرة السورية خسرت 57% من قيمتها في عام واحد، وارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة 313%.

وتشير مقابلات للصحيفة مع سكان من جميع المحافظات السورية إلى أن هذا الانهيار في مستويات المعيشة زاد من تضييق قاعدة دعم النظام، بعدما كان يرى العديد من السوريين النظام في السابق كمرتكز للاستقرار، فأصبحوا الآن يرون الفقر المدقع لدى المقربين من النظام.

وأكدت الصحيفة أن هذه الأزمة دفعت النظام إلى بذل جهود أكبر لحشد الناخبين والمشاركين في المسيرات الموالية له، حيث كان يجبر النظام موظفي الحكومة والطلاب قبل الانتخابات على التصويت تحت تهديد الفصل من العمل أو الدراسة.

واتسع نطاق القسر الحكومي الآن إلى منطقة مجهولة، حيث تشير الصحيفة إلى أن الشرطة السرية في دمشق وحلب وحماة أجبرت أصحاب المتاجر على طباعة وتعليق ملصقات موالية للأسد من خلال التهديد بإغلاق محلاتهم بالشمع، كما يضطر المواطنون إلى التبرع بتكاليف طباعة هذه الملصقات.

وتظهر مقابلات الصحيفة أن المباحث حذرت سكان المناطق التي كان يسيطر عليها المعارضون سابقا في شمال حمص والقلمون من احتمال اعتقالهم إذا لم يصوتوا.

وقال بعض السكان إن النظام أيضا جعل التصويت شرطا لتوزيع الخبز المدعوم في حمص، وكذلك سلال مساعدات برنامج الغذاء العالمي للفقراء في أحياء جنوب دمشق والنازحين في مدينة حلب.



رسائل مختلفة لجماهير مختلفة

وقالت الصحيفة إن امتلاء الشوارع بملصقات الأسد والطوابير الطويلة عند مراكز الاقتراع، بالرغم من أن النتيجة محددة سلفا، كلها مظاهر تعرض القوة.

فبالنسبة لقاعدة الأسد الآخذة في الانهيار، فإن استعراض القوة مطمئن، ويظهر لهم أنهم يدعمون الجانب الذي يملك القوة، وهذه الإشارات، بحسب الصحيفة، مطلوبة بشكل خاص الآن وسط عجز الحكومة عن توفير حتى أبسط الخدمات.

وتضيف الصحيفة: "بالنسبة للجمهور السوري الأوسع، فإن عروض دعم الناخبين تغرس اعتقادا في أذهانهم بأن التعبئة ضد النظام لا طائل من ورائها، وذلك من خلال رسالتين، الأولى أن النظام أكثر شعبية مما هو عليه في الواقع، بالإضافة إلى أن النظام قد يكون غير محبوب وغير قادر على تغيير معتقدات السكان، لكنه قادر، من خلال هيمنته، على خلق معيار الامتثال بين السوريين".

وبالنسبة لأولئك الذين لا يدعمون النظام، فإن الانتخابات تخلق إحساسا بالجهل التعددي، وهي ظاهرة التزام الأفراد بمعيار ما، مع رفضه بشكل خاص، إلى جانب افتراض أن امتثال الآخرين هو انعكاس لمواقفهم الخاصة.

ويسمي علماء السياسة هذا "تزوير التفضيل"، وهو نوع من إكراه المواطنين لخلق إحساس بأن النظام أكثر شعبية مما هو عليه في الواقع، لجعل الثورات تبدو مستحيلة.



الانتخابات طريقة لإثبات الولاء

وخلص تقرير الصحيفة إلى أن المجتمعات ذات الولاء للنظام في سوريا، والتي تتكون إلى حد كبير من الأقليات الدينية، تكشف عن دور تعزيز الانتخابات للمعتقدات السياسية.

وتشير الصحيفة من خلال مقابلات مع الطائفة العلوية المهيمنة سياسيا إلى أنه في حين يصرح الكثيرون منهم، بشكل شخصي، بمعارضة النظام، فإن الغرباء وكذلك أعضاء الطائفة نفسها، ينظرون إليهم على أنهم موالون للأسد.

وتابعت الصحيفة أن مظاهر الولاء المرتبطة بالانتخابات السورية تستهدف الذين يدركون أن النظام لا يحظى بشعبية، والهدف منها هو تحقيق الخضوع العام، وتعزيز الفهم بين معارضي النظام بأن القاعدة المجتمعية هي الطاعة، وبالتالي فإن التعبئة ضد النظام لا طائل من ورائها.

لم تنجح

على جانب آخر، ألمحت الصحيفة إلى أن هذه الجهود التي تحاول تغيير معتقدات السوريين المشاركين في الانتخابات وضمان الولاء للأسد، لم تنجح.

وقالت إن المنظمين يقومون بإخطار المشاركين في الانتخابات بأن الحضور إلزامي، وفي بعض الأحيان يعترف هؤلاء المنظمون بأنهم لا يريدون الحضور، ولكنهم يؤكدون أنه يتعين على الجميع القيام بذلك.

وقالت الصحيفة إنه تماشيا مع النتائج التي توصل إليها علماء النفس السياسي، تهدف عروض الولاء الزائف هذه إلى غرس المعتقدات حول معايير التزام الناس لأن القاعدة السائدة هي الطاعة العمياء لنظام مطلق السلطة.

واختتمت الصحيفة بأن رسالة الطاعة مفيدة في تثبيط المعارضة المحتملة للنظام السوري، من خلال تكرار الإثبات للسوريين أن الجميع تقريبا على استعداد للمشاركة في الدعاية التي ترعاها الحكومة، وهكذا، يشير نظام الأسد لأنصاره إلى أنهم ليسوا وحدهم، ما يرفع معنوياتهم.

أما بالنسبة للمعارضين المحتملين، يثبت النظام أن المجتمع طيع، ما يجبر أولئك الذين يفكرون في عدم الامتثال على المشاركة في التمثيلية الانتخابية أو على الأقل تجنب التعبئة ضد النظام.

وبالنسبة للسوريين، فإنه يخلق جوا من "الاستسلام المستمر" بين السكان للدكتاتورية، وهي رسالة واضحة للسيطرة الاجتماعية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com