معركة بالوكالة بين طهران وواشنطن تحرم الموصل من النهوض
معركة بالوكالة بين طهران وواشنطن تحرم الموصل من النهوضمعركة بالوكالة بين طهران وواشنطن تحرم الموصل من النهوض

معركة بالوكالة بين طهران وواشنطن تحرم الموصل من النهوض

قبل ثلاثة أعوام احتفل العالم عندما حررت القوات العراقية بدعم من الولايات المتحدة وإيران مدينة الموصل القديمة من الحكم الوحشي في ظل تنظيم داعش.

وثارت الآمال في نفوس سكان الموصل في إعادة بناء حياتهم بعد ما لحق بها من دمار، واليوم تدور رحى معركة مختلفة.

تدور وقائع هذه المعركة إلى حد كبير خلف الكواليس، من قاعات الحكومة المحلية التي تطل على شوارع خربها القصف في المدينة إلى قاعات الاجتماعات بفنادق في بغداد.

وما تلك المعركة سوى صراع على النفوذ بين أحزاب وساسة ورجال فصائل مسلحة، بعضهم تدعمهم إيران وآخرون يفضلون الولايات المتحدة.

وعلى المحك، السيطرة السياسية في محافظة نينوى التي تمثل الموصل عاصمتها وهي منطقة غنية بمواردها الطبيعية وتمثل همزة وصل في طريق إمداد يمتد من طهران إلى البحر المتوسط. ويخدم هذا الطريق فصائل تدعمها إيران وتعد ألد أعداء الولايات المتحدة هنا منذ هزيمة تنظيم داعش.



وسجل حلفاء إيران انتصارات في هذه المعركة. فقد عينوا محافظا تفضله إيران قبل عام لكن النفوذ الإيراني واجه تحديات تمثلت في احتجاجات مناهضة للحكومة وعقوبات أمريكية واغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني.

واستطاع المعسكر المؤيد للغرب إبدال محافظ نينوى بحليف قديم للولايات المتحدة.

ويعكس هذا التنافس صراعا أوسع على مستقبل العراق نفسه.

وعلى مدار عام  شارك حوالي 20 مسؤولا عراقيا في هذا الصراع السياسي على نينوى، وروى هؤلاء كيف كونت إيران وحلفاؤها شبكات لبسط النفوذ على الحكم المحلي وكيف حاول مسؤولون مؤيدون للغرب التصدي لهم وكيف عرقل هذا الشد والجذب نهوض الموصل من كبوتها.

ويعتقد كثيرون من المطلعين على بواطن الأمور أنه إذا كان لجانب من الجانبين أن ينتصر فسيكون في النهاية الطرف المتحالف مع إيران.

وقال علي خضير عضو مجلس محافظة نينوى إن إيران تدعم حلفاءها بالمال والمساندة السياسية ولا تفارقهم.

وأضاف أنه على النقيض فإن "سياسة الولايات المتحدة لم تؤثر على العراق".



وقد أصبح جانب كبير من الموصل عبارة عن أطلال حيث تتعثر حركة السيارات عبر جسور مدمرة ويبيع المعاقون من ضحايا الحرب المناديل الورقية والسجائر والشاي عند التقاطعات. وتلك صورة من البؤس يخشى المسؤولون العراقيون أنها تمثل الأرض الخصبة المثالية لعودة  تنظيم داعش  للظهور.

وكان من شأن تغيير المحافظ مرتين في 2019 عدم قيام الإدارة المحلية بإحالة عقود مشروعات جديدة لا تقل قيمتها عن 200 مليون دولار في العام الماضي.



ويقول مسؤولون، كما توضح وثيقة من الإدارة المحلية إن من هذه المشروعات مستشفى جديدا للطواري وشراء عربات لنقل الركام من البيوت التي تهدمت في القصف وتدعيم أسطول فرق الدفاع المدني التي لا تملك المعدات الكافية.

واتهمت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إيران ببذل جهد كبير "للهيمنة على كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية في العراق".

وأضافت المتحدثة مورجان أورتاجوس أن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة العراق على بناء قدراته الاقتصادية وتحسين الاستقرار والأمن.



وقال علي رضا مير يوسفي المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك "إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق".

واعترف رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي ردا على سؤال عن الموصل أن الفساد والخلافات السياسية يعرقل النهوض بالمدينة لكنه نفى وجود صراع بالوكالة.

 

تغيير في مجلس المدينة

يمثل الصراع السياسي على نينوى جانبا من الصورة الأوسع في المحافظات الشمالية ذات الغالبية السنية وهي من المعاقل السابقة لصدام حسين وتمثل قيمة استراتيجية لطهران وتريد واشنطن أن تحد من النفوذ الإيراني فيها.

وتحد سهول نينوى الخصبة من الغرب سوريا التي حارب فيها الحرس الثوري الإيراني إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد. وخلفها يقع لبنان حيث حزب الله المتحالف مع إيران الشيعية.

وتشكل بقية هذا القطاع من الأراضي التي يغلب عليها السنة محافظات الأنبار التي يشقها نهر الفرات وصلاح الدين التي يقع فيها ضريح شيعي مهم وديالى المتاخمة لإيران.

ويرابط عدد كبير من 5000 جندي أمريكي في العراق في قواعد منتشرة عبر ثلاث من هذه المحافظات وكثيرا ما تتعرض لهجمات صاروخية يحمل المسؤولون الأمريكيون مسؤوليتها لفصائل تعمل لحساب إيران وتريد إخراج القوات الأمريكية.

وكانت إيران قد أكدت هيمنتها على بغداد والمحافظات الجنوبية الشيعية في العراق بعد الاجتياح الأمريكي عام 2003 والإطاحة بصدام. غير أن المناطق السنية في البلاد والتي تعيش فيها أيضا أقليات من الأكراد والمسيحيين والتركمان الشيعة واليزيديين كانت تمثل تحديا.

وأصبحت هذه المناطق مراكز لتمرد سني على القوات الأمريكية في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة ومعاقل لتنظيم داعش  الذي اتخذ من الموصل عاصمة له في 2014.



وبعد أن ساعدت الفصائل المدعومة من إيران في إخراج داعش من الموصل في 2017 بقيت الفصائل في المنطقة.

وترفرف أعلام هذه الفصائل في مختلف أنحاء شمال العراق جنبا إلى جنب مع رايات ولوحات إعلانات تكرم قياداتها بمن فيهم القائد الإيراني المقتول سليماني.

روى 20 من مسؤولي الحكم المحلي والنواب في بغداد والقيادات العشائرية حاورتهم "رويترز" كيف عملت إيران على تدعيم نفوذها السياسي إلى أن أصبح لها حلفاء في كل إدارة إقليمية تقريبا.

وقالت تلك المصادر إن من الشخصيات المحورية لتلك الجهود في نينوى اثنين من أصحاب النفوذ من السنة هما خميس الخنجر وهو رجل أعمال من محافظة الأنبار اتجه إلى العمل بالسياسة وأحمد الجبوري المعروف على نطاق واسع بكنيته أبو مازن وهو محافظ سابق لمحافظة صلاح الدين وعضو في البرلمان العراقي حاليا.



كان الخنجر خصما جريئا لإيران؛ فقد أيد احتجاجات السنة على الحكومة العراقية المدعومة من إيران في 2013 واتهم فيما بعد الفصائل الشيعية المسلحة المتحالفة مع إيران بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وكان أبو مازن في فترة من الفترات حليفا للولايات المتحدة. وقد وصف كيف تعاون بشكل وثيق مع القوات الأمريكية بعد اجتياحها العراق في 2003.

وفي 2018 انضم الخنجر وأبو مازن على غير المتوقع إلى تكتل من قيادات الأحزاب والفصائل المدعومة من إيران في البرلمان العراقي.



وقال الخنجر في تفسير هذا التحول مشيرا إلى حل مشاكل مثل النازحين والسجناء "من يقدر ينفذها؟ الأقوياء على الأرض أو الضعفاء؟ الأقوياء اللي يستطيع أن ينفذ ولذلك أذهب مع التحالف اللي موجود على الأرض. هذا التحالف عنده امتدادات إيرانية ... مو إحنا متهمين، وكأنه عندنا امتدادات خارجية".

ونفى أنه حليف لإيران. أما أبو مازن فامتنع عن التعليق في هذا التقرير.



ثم تدخل الخنجر وأبو مازن في مايو/ أيار 2019 في اختيار محافظ نينوى الجديد وفقا لما قالته تسعة مصادر منها عدد من أعضاء المجلس الإداري الإقليمي وأقارب للاثنين.

وقالت المصادر إن أغلبية من أعضاء مجلس نينوى التسعة والثلاثين المكلفين بانتخاب المحافظ الجديد أيدوا في البداية مرشحا ينتقد إيران. لكن أبو مازن والخنجر وجها الدعوة لنحو 24 عضوا تقريبا من أعضاء المجلس قبل يومين من موعد التصويت لحضور اجتماع في فندق في أربيل التي تقع على مقربة من الموصل وفقا لما قاله عدد من الأشخاص حضر أحدهم الاجتماع.

وكشفت المصادر أن أعضاء المجلس حصلوا على وعود بتولي مناصب في الحكومة المحلية أو بتلقي مبالغ تصل إلى 300 ألف دولار للواحد إما من الرجلين أو من مكتبيهما إذا صوتوا لمرشح مختلف هو منصور المرعيد وهو سني كانت تؤيده إيران وحلفاؤها في بغداد.

وقال عضو بالمجلس إنه قبل المال واستخدمه في شراء منزل جديد، وتم انتخاب المرعيد بأغلبية 28 صوتا من أعضاء المجلس.

وأكد الخنجر أنه وأبو مازن التقيا بأعضاء المجلس في أربيل للاتفاق على الحاكم والتفاوض على المناصب الإقليمية، كما أكد أنه أيد المرعيد لكنه نفى شراء الأصوات.

وقال: "لا أدفع مبالغ من أجل تحقيق مكاسب سياسية ... لم أدفع دينارا واحدا".

على الساسة تدور الدوائر
  مدينة مدمرة
نفوذ باق

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com