لضمان أمن جنودها وتقليص النفوذ الإيراني... روسيا تسعى إلى إصلاح الاستخبارات السورية عبر 3 سيناريوهات
لضمان أمن جنودها وتقليص النفوذ الإيراني... روسيا تسعى إلى إصلاح الاستخبارات السورية عبر 3 سيناريوهاتلضمان أمن جنودها وتقليص النفوذ الإيراني... روسيا تسعى إلى إصلاح الاستخبارات السورية عبر 3 سيناريوهات

لضمان أمن جنودها وتقليص النفوذ الإيراني... روسيا تسعى إلى إصلاح الاستخبارات السورية عبر 3 سيناريوهات

مع تقليص رقعة المعارك والعمليات العسكرية في سوريا، شرعت موسكو في بحث ملف الاستخبارات السورية، ذلك أن أمن منشآتها العسكرية والاقتصادية في البلاد ستعتمد على هذا القطاع الحيوي، بالنسبة لروسيا التي سيساعد إصلاحه على تأمين حضورها العسكري في سوريا، من جهة، وتقليص النفوذ الإيراني، من جهة أخرى.

ووفقًا لدراسة نشرها مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإنه ليس من الواضح تمامًا ما الذي ينبغي أن تعمله روسيا لإصلاح القطاع الأمني المغلق في سوريا، خاصة أن هذا القطاع مرتبط مباشرة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولا يخرج تعيين قياديه الكبار عن الدائرة المقربة من الأسد الذي يبدي حساسية عالية إزاء اي مشاركة روسية في هذا المجال الذي سيحظى بالمزيد من الأهمية مع تراجع قعقعة السلاح.

وتوجد في سوريا 4 كيانات أمنية مستقلة، وهي مقسمة بين "الكيانات العسكرية" التي تضم مديرية الاستخبارات العسكرية، والقوات الجوية وهي تابعة لوزارة الدفاع، وبين "الكيانات السياسية" التي تضم مديرية الاستخبارات العامة، ومديرية الأمن السياسي، والمدرجة ضمن هيكلة وزارة الداخلية.

وفي حين أصبحت أجهزة الأمن العسكرية، أي الاستخبارات العسكرية واستخبارات القوات الجوية، أكثر توجهًا نحو إيران منذ بداية الحرب السورية، فإن مديرية الاستخبارات العامة ومديرية الأمن السياسي لهما علاقات أوثق مع روسيا، ومن هنا يرى مركز كارنيغي أن المنافسة ستبقى قائمة بين طهران وموسكو حتى بعد انتهاء المعارك في سوريا.

وكانت الحكومة السورية قد أعادت في حزيران (يونيو) من العام الماضي، هيكلة أعلى مستويات جهاز الاستخبارات الأمني، وقد نُقِلَ أو تقاعد العديد من المسؤولين رفيعي المستوى، بينما تمت ترقية رجل الأمن البارز "علي مملوك" رئيس مكتب الأمن القومي، ليصبح نائب الرئيس للشؤون الأمنية.

وشاع تكهن، آنذاك، بأن روسيا تدخلت في التعديل، لكن مصادر أخرى زعمت أن دور روسيا مبالغ فيه، إذ حاول الأسد من خلال هذه التعيينات تقليص التوتر الروسي الإيراني.

3 سيناريوهات

وفي ضوء هذه العوامل والمعطيات تسعى موسكو إلى تطبيق 3 سيناريوهات لإصلاح جهاز الاستخبارات السوري تضمن استمرار نفوذها في بلد استطاعت فيه أن تحول ميزان القوى لصالح النظام في وجه المعارضة المسلحة منذ بدء تدخلها العسكري في أيلول (سبتمبر) 2015.

ووفقًا لمركز كارنيغي، يشبه السيناريو الأول، إلى حد كبير، مخطط إنشاء وزارة الأمن والشؤون الداخلية الروسية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ويقضي هذا السيناريو بتحويل مديرية الأمن العام ومديرية الأمن السياسي في سوريا من إدارات مستقلة فعلية إلى وحدات تابعة رسميًا لوزارة الداخلية. وهذا من شأنه أن يعزز وزارة الداخلية تعزيزًا كبيرًا ويمنحها صلاحيات حقيقية.

وبموجب هذا السيناريو، فإن العديد من الفصائل الموالية لروسيا من صفوف الجيش السوري النظامي، مثل (فرقة القوات الخاصة 25) أو فيلق الهجوم الخامس، بالإضافة إلى القوات الميدانية ومختلف الجماعات الموالية لروسيا التي لا تكون ميليشياتها من الأفراد العسكريين، مثل "صائدي داعش"، يمكن إدراجها ضمن اختصاص وزارة الداخلية وهيكلتها.

وكجزء من وزارة الداخلية، ستسيطر قوات الحدود على الحدود الشمالية الغربية والحدود العراقية والأردنية، والسيطرة على هذه المناطق أمر مهم، لأنها المكان الذي يربط فيه ما يُسمى بالممر الشيعي الممتد من إيران والعراق مرورًا بسوريا وصولًا إلى لبنان، وستكون لروسيا، بحسب كارنيغي، مواردها العسكرية الخاصة على الحدود السورية، دون أن يكون مرتبطًا بإيران.

أما السيناريو الثاني فيهدف إلى القضاء على ازدواجية المهام بين وكالات الأمن السورية، لا من خلال تعزيز أي منها تعزيزًا كبيرًا أو تقليل عددها، بل من خلال التعديلات الهيكلية الأوسع نطاقًا.

ومثال ذلك، وفقًا لكارنيغي، سيتحول جناح الاستطلاع التابع للقوات الجوية، باعتباره الهيكل الأقرب إلى القيادة السورية، إلى ما يشبه خدمة الحماية الاتحادية الروسية، بحيث تكون هذه الإدارة الجديدة مسؤولة عن حماية كبار المسؤولين وأمن المنشآت الحكومية المهمة، ويمكن فصلها أيضًا عن القوات المسلحة.

وبحسب هذا السيناريو، ستصبح مديرية الأمن العام، ومديرية الأمن السياسي أيضًا، كلًا منهما على حدة، وكالة أمنية مستقلة، وبالتالي يجري تقسيم مهام الأمن الداخلي والاستخبارات الأجنبية بما يشبه الاستخبارات الخارجية الروسية.

ومن شأن هذا السيناريو، أن يبقي دور وحدة الاستخبارات العسكرية، عندئذٍ، عسكريًا بدرجة خالصة، وسيشمل ذلك الوصول إلى المعلومات حول الإصلاحات في القوات المسلحة، وتوفير المعلومات الاستخباراتية عن الأعداء المحتملين ومواقع المنشآت العسكرية للعدو، وفي هذا السيناريو، ستُنقل وحدة الاستخبارات العسكرية نفسها بأكملها إلى سيطرة هيئة الأركان العامة.

أما السيناريو الثالث، فهو إنشاء وزارة للأمن، إذ أفاد محللون، وفقًا لكارنيغي، أن الحل الأبسط لإعادة هيكلة الاستخبارات السورية، هو إنشاء هيئة واحدة للأمن السياسي والاستخبارات مثل وزارة أمن الدولة، بحيث يمكن وضع هذه الوزارة تحت سيطرة البرلمان، الذي سيوافق على مختلف الوزراء في الحكومة وبالتالي تمنع إساءة استخدام السلطة.

وستكون إدارة الأمن العام وإدارة الأمن السياسي، وكذلك الإدارات المسؤولة عن الأمن الداخلي والاستخبارات السياسية الخارجية من وحدات الاستخبارات العسكرية والقوات الجوية، جزءًا من هذه الوزارة.

ويجمع هذا السيناريو الأخير بين جوانب السيناريوهين الأولين، فهو يقترح دمج مهام الاستخبارات التابعة لوحدات القوات الجوية والاستخبارات العسكرية في وكالة استخبارات واحدة، وإلغاء قدرتها على جمع المعلومات السياسية. ويسمح أيضًا بإنشاء وكالة أمنية تكون مسؤولة مباشرةً عن الحماية الشخصية للرئيس وكبار المسؤولين والمنشآت الحكومية.

وفي جميع الأحوال، تبقى روسيا الشريك الرئيس لسوريا الذي يمكنه توطيد سلطة الاستخبارات في البلاد، فمن الضروري أن تستمر روسيا في مساعدة هذا القطاع الأمني من خلال تدريب موظفي الاستخبارات السورية في روسيا وكذلك تدريب فرق الاستجابة السريعة لمكافحة الإرهاب، لتوطيد سيادة سوريا وحمايتها الأمر الذي يتطلب قدرًا كبيرًا من النقاش بهدف إجراء تغيير ملموس في هذا القطاع الأمني الحساس الذي يكبح، إلى حد ما، بهيكليته الحالية وطبيعة عمله المغلق والصارم، طموحات روسيا في سوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com