دمشق تتقدم وأنقرة تحشد .. ما احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين الجانبين في إدلب؟‎
دمشق تتقدم وأنقرة تحشد .. ما احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين الجانبين في إدلب؟‎دمشق تتقدم وأنقرة تحشد .. ما احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين الجانبين في إدلب؟‎

دمشق تتقدم وأنقرة تحشد .. ما احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين الجانبين في إدلب؟‎

على وقع التقدم الذي تحرزه القوات الحكومية السورية في أرياف إدلب الشرقية وحلب الغربية، تقرع أنقرة طبول الحرب عبر حشد المزيد من التعزيزات العسكرية، في شمال شرق سوريا، وتطلق تحذيرات وتهديدات قد تخلط الأوراق وتنتهي بمواجهة عسكرية في آخر معاقل المعارضة المسلحة في سوريا، رغم عدم ترجيح الخبراء لمثل هذا الاحتمال.

وكشفت أحدث بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تركيا أدخلت إلى محافظتي إدلب وحلب، منذ مطلع الشهر الجاري، 1450 شاحنة وآلية عسكرية، تحمل على متنها دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص، ورادارات عسكرية، وسواها من المعدات القتالية.

كما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين دخلوا شمال غرب سوريا نحو ستة آلاف جندي، منذ مطلع شباط فبراير الحالي، وهو رقم يرفع التوقعات بشأن احتمال مواجهة عسكرية.

ونقلت وكالة "رويترز" من جانبها عن مسؤول تركي وصفته بالبارز، قوله، إن بلاده أرسلت تعزيزات كبيرة لمحافظة إدلب، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي للشاحنات والآليات وصل إلى نحو ألف مركبة هذا الشهر.

بيد أن المسؤول التركي لم يوضح بالتحديد عدد القوات التي تم نشرها في شمال غرب سوريا، لكنه وصفها بأنها كبيرة الحجم، مشيرا إلى أن مواقع المراقبة التابعة لبلاده جرى تعزيزها بالكامل.

وتأتي هذه التحشيدات التركية على وقع التقدم الذي حققته القوات الحكومية السورية التي استعادت مدينتي معرة النعمان وسراقب وأكثر من 80 منطقة أخرى في الأسبوعين الأخيرين، وباتت على وشك السيطرة على كامل طريق (إم فايف) الذي يربط مدينة حلب، بالعاصمة دمشق، وهو ما سيعتبر إنجازا عسكريا إضافيا في حال تمكن الجيش السوري من السيطرة على كامل الطريق الذي يوصف بالحيوي.

تحذير تركي

وحذر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار في تصريحات نشرت، يوم الأحد، من أن تركيا ستغير مسارها في شمال غرب سوريا إذا تواصل خرق اتفاقات وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة.

وقال الوزير التركي في مقابلة مع صحيفة "حرييت"، إذا تواصل خرق الاتفاق، لدينا خطة ثانية، وخطة ثالثة"، مضيفا: "نقول في كل مناسبة، لا تضغطوا علينا، وإلا فخطتنا الثانية وخطتنا الثالثة جاهزتان".

ولم يعط الوزير التركي تفاصيل حول الخطتين، لكنه أشار إلى العمليات العسكرية الثلاث التي نفذتها أنقرة في سوريا منذ عام 2016، واحتلت بموجبها مناطق واسعة متاخمة لحدودها، في شمال سوريا.

ورغم هذه التعزيزات التركية الضخمة، استبعد خبراء أن يتطور الأمر إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين القوات الحكومية السورية والقوات التركية التي تعرضت قبل أسبوع لقصف سوري نادر أدى إلى مقتل ثمانية جنود أتراك، لترد أنقرة التي قالت إنها قتلت العشرات من الجنود السوريين خلال ردها الانتقامي.

تحسين شروط التفاوض 

وأكد الخبراء أن التحرك التركي العسكري يهدف إلى تحسين شروط التفاوض مع روسيا، التي تخوض نقاشات مع أنقرة بحثا عن حلول واتفاقات جديدة ترضي دمشق وروسيا من جهة، وتلبي مطلب تركيا التي تبحث عن تثبيت موطئ قدم للمعارضة المسلحة في شمال غرب البلاد، وتسعى لمنع تدفق أي موجة لاجئين جديدة نحو أراضيها، علما أنها تستضيف فعليا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري.

ودفع هجوم قوات الحكومة على إدلب، الجيب الرئيسي الأخير لمعارضي الرئيس بشار الأسد، أكثر من نصف مليون شخص للفرار من منازلهم باتجاه الحدود التركية المغلقة مما يهدد بأزمة إنسانية جديدة في سوريا.

وتقول تركيا، إنها لا تستطيع استيعاب المزيد، وطالبت دمشق بالانسحاب من إدلب بحلول نهاية هذا الشهر وإلا واجهت إجراء تركيا.

وأجرى وفد روسي، يوم السبت، محادثات مع مسؤولين أتراك في أنقرة حول خطوات تحقيق السلام والدفع بعملية سياسية في إدلب، غير أن المباحثات انتهت دون التوصل إلى حلول، لكن الجانبين اتفقا على استئناف المباحثات الأسبوع المقبل.

ومحافظة إدلب، التي تسيطر على غالبية مساحتها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) مشمولة باتفاق أبرمته روسيا، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة في سوتشي في أيلول (سبتمبر) 2018، ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل المسلحة.

ورغم أن مسؤولا تركيا أبلغ رويترز أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة وهو ما يعني احتمالية المواجهة العسكرية، غير أن ذلك ليس مرجحا؛ فالجيش السوري، المنهك جراء تسع سنوات من الحرب، ليس مستعدا، من جانبه، لخوض مواجهة من هذا النوع، وهو ما سيدفع الحليف الروسي إلى البحث عن خيارات بديلة.

حفظ ماء الوجه

كما أشار الخبراء إلى أن التحرك العسكري التركي يأتي في سياق حفظ ماء الوجه، والإيحاء للمعارضة المسلحة، التي باتت عناصرها مرتزقة في خدمة الأهداف التركية التي أرسلت بعضهم إلى ليبيا، بأنها فعلت كل ما بوسعها لحمايتهم من هجمات القوات الحكومية السورية، المدعومة من روسيا.

ويضيف الخبراء أن الدفء الذي عاد إلى العلاقات الروسية التركية يصعب المجازفة بالتفريط فيه من قبل الجانبين، مشيرين إلى أن ما يهم أنقرة، في نهاية المطاف، هو الحؤول دون قيام كيان كردي متماسك في شمال سوريا، وهو الأمر الذي لا تعارضه روسيا صراحة، بل تقول بضرورة عودة كامل الجغرافيا السورية إلى سيطرة القوات الحكومية، وهو ما يعني ضمنا رفض تجربة الإدارة الذاتية الكردية.

وأدى القتال في إدلب إلى زعزعة التعاون الهش بين تركيا، التي تساند معارضين كانوا يطمحون ذات يوم إلى الإطاحة بالأسد، وروسيا التي ساهم دعمها للرئيس في استعادة سيطرته على أغلب أراضي البلاد، لكن مثل هذا التعاون، حتى في حدوده الدنيا، هو ما يطمح إليه البلدان حاليا، واللذان يعملان لمنع أي مواجهة عسكرية مباشرة قد تطيح بجهد سنوات من التعاون، والاتفاقات التي قضت بعضها باحتفاظ تركيا باثنتي عشرة نقطة مراقبة عسكرية في محافظة إدلب، باتت بعضها الآن مطوقة من قبل الجيش السوري.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمهل دمشق حتى آخر الشهر الحالي لتنسحب من النقاط التركية، وحضّ روسيا على إقناع النظام بوقف عمليته العسكرية في إدلب.

ويرى خبراء أن تقدم القوات الحكومية في إدلب يأتي بضوء أخضر روسي؛ بهدف الضغط على أنقرة وإجبارها على تحمل المسؤولية في نزع سلاح هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وحلفائها، مقابل تعهد روسي بوقف هجمات القوات الحكومية السورية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com