حماس تعيد "ربط خيلها" في طهران
حماس تعيد "ربط خيلها" في طهرانحماس تعيد "ربط خيلها" في طهران

حماس تعيد "ربط خيلها" في طهران

شكر إيران الذي جاهر به الجناح العسكري لحماس ورسالة القائد العسكري للقسام إلى حزب الله بعد الغارة التي استهدفت مجموعته في سوريا؛ وتصريح اسماعيل هنية؛ هذا كله لا يشير إلى توزيع أدوار كما يحلو للبعض أن يراه. فالمتابع للحراك في المنطقة، يدرك أن حماس كانت في طريق عودتها إلى إيران، منذ الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر، وتوتر العلاقات بين مصر وحماس، إلى حد اعتبار حماس جماعة إرهابية من قبل العديد من دوائر القرار والفعل السياسي في مصر. ولم تكن هجمة الإعلام المصري على حماس هجمة دونكيشوتية، وإنما هي بقرارات وتوجيهات سياسية مسؤولة في الدولة المصرية.

كان يمكن لحماس أن تطمئن ـ على رغم ما حصل مع مصر ـ إلى الدعم القطري والتركي. لكن حصار مجلس التعاون الخليجي لقطر سياسيا، زاد من صعوبة الأمور، حتى إن المعلومات التي رشحت أشارت إلى أن بعض دول الخليج طالبت قطر بقطع علاقاتها بحماس، وطرد ممثليها، وقد تمخض عن هذا الحصار مصالحة قطرية خليجية من جهة، وقطرية مصرية من جهة أخرى، الأمر الذي فاقم من معاناة حماس.

وفيما كانت أنظار حماس تتوجه إلى تركيا، كانت الأخيرة تضع نفسها في عزلة جديدة، برفضها الانضمام إلى التحالف الأمريكي العربي ضد داعش والنصرة، ما لم يتبنّ التحالف العمل على إسقاط النظام السوري. وهو الأمر الذي لا يبدو مطروحا حتى الآن في دوائر القرار الأمريكية لاعتبارات كثيرة، منها الموقف الروسي والإيراني بالطبع.

البدء بإيران له مبرراته الوجيهة بالطبع. فإيران لا ترفض ولا تضع العراقيل في وجه حماس حين تقرر الأخيرة الانفتاح على إيران وحلفائها. وفتح قنوات اتصال مع إيران يجعل من السهولة فتح مثيلاتها مع حزب الله، الذي أعلن منذ البدء وقوفه مع المقاومة الفلسطينية واستعداده لدعمها في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير، وأي عدوان. أما سورية، فهي ليست معنية بإلقاء مزيد من الحصى في نهر العداء لها، بل ستكون مرتاحة فيما لو نقص الحصى في مجرى النهر واحدة مثل حماس. وكل ما تطلبه سورية من حماس، هو وقف الحملات الإعلامية التي انطلقت ضد سورية مع بداية الأزمة السورية وحتى وقت قريب. وهو ما أخذنا نلمسه مؤخرا، وتحديدا منذ العدوان الأخير على غزة، حيث لم تعد حماس متحمسة لما سمي بالثورة السورية، ولم تعد تصريحات قيادييها تتغنى بحرية الشعب السوري في مواجهة النظام، بل أصبحنا نسمع تصريحات تشير إلى الوقوف مع خيارات الشعب السوري، وهو ما ينطبق على الانتخابات السورية الرئاسية مثلا. ولم تعد هنالك أعلام سورية كالذي رفعه خالد مشعل بعد وصول الإخوان إلى السلطة في مصر.

على هذه القاعدة، انطلق وفد حماس برئاسة أسامة حمدان إلى طهران، وثمة من يؤكد أنها زيارة للتمهيد لزيارة خالد مشعل نفسه، وهي الزيارة التي إن تمت، ستمحو مواقف حماس السابقة من الأزمة السورية وحزب الله. وسوف تجد حماس لها ملاذا قويا لا يهتز بتهديدات دول أخرى، عربية أم غير عربية. وما يشجع على هذا التوجه، هو أن الجهاد الإسلامي تحتفظ مع إيران وحزب الله بعلاقات وثيقة جدا، ما يعني أن حماس لن تكون"البطة السوداء"! وكل ما في الأمر هو أن حماس سوف تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول العربية، وهو الخطأ الذي ارتكبته في مصر وفي سورية من قبل، وقادها إلى هذه العزلة التي كانت أحد أسباب موافقتها على حكومة التوافق الوطني برئاسة الحمد الله في رام الله، على الرغم من احتفاظها بالعدد الأكبر من ممثلي الشعب الفلسطيني في البرلمان، الذي بدا عاجزا في ظل التنسيق الأمني بين الكيان والسلطة، وفي ظل الجفاء ـ لئلا نقول العداء ـ المتعين بين حماس والعدد الأكبر من الدول العربية، وخصوصا النافذة منها. فهل تعود طهران مربط خيل حماس قريبا؟ المؤشرات تقول نعم. ولكن الترميم يحتاج عادة إلى التخلص من آثار الهدم كليا ونهائيا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com