شرق الفرات يدخل "بازار التسويات".. تركيا تصعّد وأمريكا تسعى للتهدئة
شرق الفرات يدخل "بازار التسويات".. تركيا تصعّد وأمريكا تسعى للتهدئةشرق الفرات يدخل "بازار التسويات".. تركيا تصعّد وأمريكا تسعى للتهدئة

شرق الفرات يدخل "بازار التسويات".. تركيا تصعّد وأمريكا تسعى للتهدئة

ما إن هدأت نقاشات القمة الرباعية في اسطنبول حتى علت أصوات مدافع الجيش التركي مستهدفة، ولأول مرة، مواقع للوحدات الكردية في منطقة كوباني (عين العرب) شرق نهر الفرات، وسط مؤشرات على أن أنقرة مصممة على التصعيد الذي سبقته سلسلة طويلة من التصريحات النارية.

ويعتقد أن هذا الاندفاع التركي جاء في أعقاب القمة التركية الروسية الألمانية الفرنسية، التي عقدت السبت الماضي في اسطنبول، إذ نجح أردوغان في تضمين البيان الختامي بندًا يقضي بـ"رفض أي أجندة انفصالية في سوريا"، وهو ما اعتبره خبراء غطاء للتحرك الأخير لتركيا التي تتذرع، عادة، بأن التجربة الكردية في شمال سوريا هي "نواة لدولة مستقلة".

ولطالما أعربت تركيا عن خشيتها من أن تؤدي إقامة كيان كردي على حدودها إلى إحياء التطلعات الاستقلالية لدى أكرادها البالغ عددهم نحو 20 مليونًا.

وفي سياق الربط بين قمة اسطنبول وبين الهجمات التركية الأخيرة، يرجح مراقبون أن أردوغان ربما حصل على الضوء الأخضر من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كما حصل من قبل خلال عملية "غصن الزيتون"، مطلع العام الجاري، والتي انتهت بسيطرة تركيا على منطقة عفرين السورية.

وما يعزز صحة هذه الفرضية هو أن موسكو ودمشق أبدتا، في الآونة الأخيرة، انزعاجًا حيال تصلب موقف الأكراد أثناء المفاوضات مع دمشق، والتي تعثرت بعد جولتين؛ الأمر الذي شجع دمشق على إطلاق تصريحات "عالية النبرة" ضد مناطق الإدارة الذاتية والسعي لاستعادة فرض سيطرتها عليها بالحوار أو القوة العسكرية.

ولم يصدر حتى اللحظة أي موقف رسمي من دمشق أو موسكو إزاء الضربات التي توجهها تركيا نحو شرق الفرات، في مؤشر على رضا الطرفين، وفقًا لمراقبين.

وفي أول موقف رسمي أمريكي حيال الضربات التركية التي استهدفت حلفاءها الأكراد، شرق الفرات، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية شون روبرستون إن بلاده على اتصال مع أنقرة و"قوات سوريا الديمقراطية" بشأن هجوم أنقرة المخطط على شمال شرق سوريا، وتعمل على تهدئة الوضع.

وتعلق مصادر كردية أن هذا الموقف الأمريكي الخجول لا يتناسب مع حجم المخاطر التي تهدد تجربة الإدارة الذاتية شرق نهر الفرات، مشددة على أن هذا التطور يتطلب موقفًا أمريكيًا حازمًا.

ورأت القيادية الكردية فوزة يوسف أن الهجوم التركي الأخير "يخدم شيئًا واحدًا فقط، وهو إطالة عمر داعش في سوريا"، مستنتجة أن "حرب أردوغان ضد قوات سوريا الديمقراطية، هي بمعنى ما، حرب ضد التحالف الدولي وضد خطة البنتاغون في إنهاء داعش".

في غضون ذلك، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، الأربعاء، وقف معاركها ضد تنظيم داعش، موقتًا، بسبب القصف التركي، وهو ما يعد بمثابة ضربة للجهود الأمريكية الرامية إلى القضاء على تنظيم داعش بشكل نهائي.

وقالت القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، في بيان، تلقت إرم نيوز نسخة منه، إن "التنسيق المباشر بين هجمات الجيش التركي في الشمال وهجمات تنظيم داعش في الجنوب ضد قواتنا قد أدى إلى إيقاف معركة دحر الإرهاب مؤقتًا، والتي كانت تخوضها قواتنا في آخر معاقل التنظيم" في ريف محافظة دير الزور الشرقي.

ووصف البيان الضربات التركية بأنها "استفزازات ضد المناطق الوحيدة الآمنة في سوريا"، مؤكدًا أن "استمرار هذه الهجمات سيتسبب في إيقاف طويل الأمد لحملتنا العسكرية ضد تنظيم داعش وهو ما تبتغيه تركيا".

ويستبعد محللون سياسيون أن تنخرط واشنطن في نزاع مع حليفتها تركيا لأجل الأكراد، مشيرين إلى أن أمريكا تسعى إلى التفاهم مع أنقرة إزاء ترتيبات مقبولة شرق الفرات انطلاقًا من تجربة التعاون في منبج.

موقف فرنسا، الداعمة بدورها لقوات سوريا الديمقراطية، جاء "باهتًا"، بحسب المصادر الكردية، إذ أعربت باريس عن قلقها إزاء عمليات القصف التي نفَّذتها تركيا.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه لا مجال لحل النزاع السوري بالسبل العسكرية، ولا سبيل لإرساء الاستقرار الدائم إلا في إطار حل سياسي طبقًا للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن.

وكان أردوغان توعد الثلاثاء بمحاربة المقاتلين الأكراد شرقي نهر الفرات في شمال سوريا معلنًا عن عملية عسكرية كبرى ضد القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة في المنطقة التي تدعمهم فيها واشنطن بقوات على الأرض.

ووحدات حماية الشعب الكردية السورية هي القوة الرئيسية ضمن قوات سوريا الديمقراطية التي قاتلت تنظيم داعش بدعم جوي وبالسلاح والتمويل والتدريب من الولايات المتحدة وبمساعدة نحو ألفي جندي أمريكي من القوات الخاصة على الأرض.

وكانت تركيا نحجت في بسط نفوذها على مناطق واسعة غرب نهر الفرات تمتد من جرابلس في أقصى ريف حلب الشمالي الشرقي مرورًا بمدينة أعزاز شمال حلب وصولًا إلى منطقة عفرين، وهي تتطلع، حاليًا، إلى شرق الفرات التي تتواجد فيها قوات وقواعد عسكرية أمريكية قد تعيق المسعى التركي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com