شعار "ارحل أخنوش" يفجر صراعًا محتدمًا بين حزبين مغربيين
شعار "ارحل أخنوش" يفجر صراعًا محتدمًا بين حزبين مغربيينشعار "ارحل أخنوش" يفجر صراعًا محتدمًا بين حزبين مغربيين

شعار "ارحل أخنوش" يفجر صراعًا محتدمًا بين حزبين مغربيين

في سابقة هي الأولى من نوعها بالبلاد، رفع عشرات المواطنين من المغرب، في الثامن من حزيران/ يونيو الجاري، شعار "ارحل"، في وجه عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، وذلك أمام عاهل البلاد، الملك محمد السادس.

وتأتي هذه الخطوة، في ظل تواصل حملة شعبية في البلاد، منذ الـ20 من نيسان/ أبريل الماضي، لمقاطعة منتجات 3 شركات في السوق المحلية، تبيع الحليب والماء والمحروقات.

وتطال "حملة المقاطعة" غير المسبوقة، شركة لبيع الوقود في ملكية عزيز أخنوش، وشركة للمياه المعدنية في ملكية مريم بنصالح، الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب "أكبر تجمع لرجال الأعمال في البلاد"، وشركة فرنسية للحليب "سونطرال دانون".

شعار "ارحل أخنوش"، كان كافيًا ليبرز جليًا الخلاف المستتر بين حزبي التجمع الوطني للأحرار "مشارك في الائتلاف الحكومي/يقوده أخنوش"، والأصالة والمعاصرة – معارض -، والذي وصل حد تبادل اتهامات بين قيادات الحزبين حول "فبركة" الوقفة والشعارات التي رددها مواطنون كانوا في استقبال الملك.

ورغم أن محمد أوجار، وزير العدل، أمر بفتح تحقيق فيما سماه بـ"إقحام المؤسسة الملكية في الصراع السياسي"، فإن الجدل لم ينته بعد، بين حزبين يتهمان على الدوام بأنهما قريبان من الإدارة.

وحتى وقت قريب اعتبر محللون أن حزب "الأصالة والمعاصرة"، المعروف اختصارًا بـ"البام"، ترك مكانه لحزب التجمع الوطني للأحرار، ليكمل المهمة القديمة/ الجديدة، في تقليم أظافر حزب العدالة والتنمية الإسلامي - قائد الائتلاف الحكومي الحالي -، الذي أضاف 19 مقعدًا في انتخابات 2016، إلى كتلته النيابية بالمقارنة مع انتخابات 2011.

إلا أن ما أفرزته حملة المقاطعة من تراجع أسهم حزب أخنوش، أعادت الأمل مجددًا لـ "الأصالة والمعاصرة" للعودة إلى مقدمة المسرح السياسي.

بداية المعركة

بعد أيام قليلة فقط من هزيمة حزب "الأصالة والمعاصرة"، في الانتخابات البرلمانية عام 2016، ومع حصول حزب التجمع الوطني للأحرار، على 37 مقعدًا برلمانيًا، قدم صلاح الدين مزوار، أمين عام "التجمع"، وقتئذ استقالته من الحزب فاسحًا المجال أمام عزيز أخنوش.

ومنذ ذلك الحين اشتدت المعركة بين حزبين قريبين من الإدارة، بدأت خفية وانتهت بالصراع المباشر حول استقطاب رجال الأعمال والأعيان.

وتمكن أخنوش، من استقطاب رجال المال من "الأصالة والمعاصرة" ومنافسته في معاقله على النفوذ، من منطلق إدراكه بأن أي تراجع لحزبه يعني توفير أسباب الحياة لـ"البام"، وإعادته لواجهة المشهد السياسي، بعدما اختفى لسنوات غارقًا في صراعاته التنظيمية.

وبقدر ما يفكر أخنوش، الآن في الخروج من حملة المقاطعة بأقل الخسائر السياسية الممكنة، بقدر ما يترقب عودة "البام"، الذي وجد أخيرًا في "المقاطعة" فرصة لا تعوض للعودة لصدارة المشهد السياسي.

وبعد فشل حزب الأصالة والمعاصرة، في الإطاحة بالإسلاميين خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يراهن حزب التجمع - رابع قوة في البرلمان -، على قيادة الحكومة المقبلة في 2021، بدعم من رجال الأعمال، إلا أن حملة المقاطعة أعادت بعثرة الأوراق، وجعلت الصراع بين الحزبين على أشده.

صراع رجال الأعمال

وانتقل الصراع بين الحزبين إلى ملعب رجال الأعمال، إذ كان آخر أشواط اللعبة فوز صلاح الدين مزوار، الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار، برئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب - أكبر تجمع لرجال الأعمال بالبلاد -، خلال آيار/ مايو الماضي.

الحرب بين حزبي الأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار، حول استقطاب رجال الأعمال، لم تعد خافية أو حبيسة الصالونات كما كانت من قبل، إذ يحاول الحزبان جاهدين استقطاب رجال الأعمال، خصوصًا أن لهم حظوظًا كبيرة في الفوز بالانتخابات التشريعية المقررة في 2021.

احتدام الصراع

ويؤكد عبد اللطيف وهبي، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، أن حزبه  "يتوافر على مشروع سياسي مختلف عن الأحرار، ويختلفان في كل شيء".

وأوضح أن "الأصالة والمعاصرة، يوجد في المعارضة، ومن الطبيعي جدًا أن يوجه انتقادات لحزب التجمع؛ لأن ذلك جوهر العملية السياسية".

واتهم وهبي، التجمع الوطني للأحرار، "بمحاولة تعليق فشله السياسي على حملة المقاطعة الشعبية التي استهدفت أمينه العام أخنوش".

بالمقابل، اتهم محمد المودن، عضو المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار، ضلوع قيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، في رفع شعار "ارحل أخنوش"، إبان زيارة الملك لمدينة طنجة – شمال-.

وقال المودن، إن "قيادي في الأصالة والمعاصرة، لم يسمه، هو من استقدم الشباب لهذا الغرض، ومن وثق الحادث هو مرافقه ومصوره الشخصي، الذي نشر فيديو من عين المكان لحظة ترديد الشباب للشعار، وشجعهم وحثهم على ذلك قبل وصول الملك إلى مكان التدشين".

وتابع "طموح الحزب على جميع المستويات، أزعج قيادات حزب الأصالة والمعاصرة، خصوصًا أن الأخير على يقين بأن حزب التجمع، قوي ويشكل البديل اليوم، ويحظى بثقة المواطن، لهذا يتم استهدافه من الأحرار وقيادته".

وأوضح أن "حزب التجمع الوطني للأحرار، يراهن على إيجاد أفضل السبل لتخليق العمل السياسي والدفاع عن مكتسبات الوطن والإجابة عن الأسئلة الحارقة التي يطرحها المواطن في مجالات مصيرية".

و"الأصالة والمعاصرة" – يمين -، حزب أسسه "فؤاد عالي الهمة"، الوزير المنتدب السابق لدى وزارة الداخلية في 2008 ، والذي يشغل حاليًا منصب مستشار الملك محمد السادس.

وحل "الأصالة والمعاصرة"، ثانيًا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 - حصل على 102 مقعد من أصل 395 مقعدًا في مجلس النواب -، بعد حزب العدالة والتنمية - 125 مقعدًا -".

وتمخض تراجع "الأصالة والمعاصرة" إلى المركز الثاني في انتخابات 2016، عن تقديم أمينه العام إلياس العماري استقالته أمام المكتب السياسي لحزبه  - أعلى هيئة تنفيذية -، ليقر المجلس الوطني للحزب  - أعلى هيئة تقريرية - خلال تشرين الأول/ أكتوبر 2017، تأجيل البت في الاستقالة، وهو ما أوجد نوعًا من الصراع داخل الحزب، حتى انتخاب حكيم بنشماش، أمينًا عامًا جديدًا له، في آيار/ مايو 2018 .

أما حزب التجمع الوطني للأحرار، فحصل على 37 مقعداً بالبرلمان، خلال انتخابات 2016، ليصبح القوة الرابعة في البرلمان، والرقم الصعب في مفاوضات 2017، التي أفرزت تشكيل الحكومة بتركيبتها الحالية برئاسة سعد الدين العثماني.

وتأسس "التجمع الوطني للأحرار" في 1977، عقب الانتخابات البرلمانية، بقيادة رئيس البرلمان، أحمد عصمان، صهر الملك الحسن الثاني، الراحل، وتشكلت نواته الأولى من عشرات البرلمانيين الذين ترشحوا مستقلين، وظل الحزب محسوبًا على "الأحزاب الإدارية"، رغم أنه يصف نفسه بأنه يتموقع في "الوسط".

وشارك "التجمع الوطني للأحرار"، في جميع الحكومات المتعاقبة، إلاّ أنه خرج إلى موقع المعارضة بعد تصدر حزب "العدالة والتنمية" انتخابات 2011، وتشكيله الحكومة، لكن "التجمع الوطني للأحرار" عاد للمشاركة في هذه الحكومة في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، بعد خروج حزب "الاستقلال" منها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com