الديمقراطية في المنطقة.. بين الفوضى وخطر الأحزاب الدينية
الديمقراطية في المنطقة.. بين الفوضى وخطر الأحزاب الدينيةالديمقراطية في المنطقة.. بين الفوضى وخطر الأحزاب الدينية

الديمقراطية في المنطقة.. بين الفوضى وخطر الأحزاب الدينية

بعد أعوام من دخول الغرب، والولايات المتحدة تحديدًا، إلى الشرق الأوسط، بزعم محاولة إرساء قواعد الديمقراطية، والقضاء على الأنظمة الاستبدادية، وجدت المنطقة نفسها تغوص شيئا فشيئا في نفق مظلم بعيد كل البعد عن الديمقراطية، ليثير ذلك تساؤلين عن مشروع واشنطن الحقيقي في هذه البقعة من العالم، وهل أصبحت الديمقراطية عبارة عن فوضى؟.

وحاولت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الإجابة على كيف تحولت الديمقراطية في الشرق الأوسط إلى "فوضى"، دون أن تتطرق لدور واشنطن في ذلك.

واعتبرت الصحيفة، أن الإسلاميين في الشرق الأوسط، لا يكترثون للديمقراطية، بل يستخدمونها وسيلة للوصول إلى السلطة أولًا، وتحقيق المشاريع الخاصة بعد ذلك.

وفي حديثها عن هذا الموضوع، أشارت الصحيفة إلى تركيا، حيث تشهد أحدث وأسخن مثال على "فشل الديمقراطية" في المنطقة، بعد انقلاب فاشل يشن على إثره الرئيس رجب طيب أردوغان حملة تطهير لمؤسسات الدولة، على رأسها الجيش والأمن.

وقالت الصحيفة إنه "في عام 1999، سُجن عمدة بلدية إسطنبول، رجب طيب أردوغان، ومُنع من ممارسة السياسة مدى الحياة لإلقائه قصيدة، قال فيها "المآذن حرابنا والقباب خوذاتنا والمساجد ثكناتنا". وأضاف معلنًا عن تدينه "مرجعية بلدي هي الإسلام، وإن لم أكن قادرًا على التحدث عن هذا، فما هي الفائدة من العيش؟".

وأضافت معتبرة أن أردوغان يمارس حاليًا نفس الشيء الذي مورس ضده، "لم يدم الحظر الذي فُرض على أردوغان، فهو الآن رئيس تركيا ورئيس الوزراء لمدة 11 عامًا قبل ذلك، ويشن حاليًا عملية لتطهير البلاد من المشتبه بهم كأعداء بعد فشل محاولة انقلاب عسكري ضد حكومته الأسبوع الماضي".

ولفتت إلى أنه "في عام 2005، وقع أردوغان -الذي تولى منصب رئيس وزراء تركيا وادعى أنه سيعمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وسعى للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي- في زلة لسان خلال رحلة لأستراليا، حيث قال إنه يرى الديمقراطية فقط وسيلة لتحقيق الغاية".

ومضت قائلة إنه "في العقد اللاحق، بعد أن قمع أردوغان المراكز الرئيسية للمعارضة في البيروقراطية، ووسائل الإعلام، والجيش، والقضاء. وفي أعقاب الانقلاب الفاشل الذي تدور حوله شكوك أنه لا أساس له من الصحة، فقد شن حملة على عشرات الآلاف من المعارضين المحتملين، بما يشمل احتجاز ما يقرب من تسعة آلاف شخص منذ فشل الانقلاب".

ويقول سونر جاغابتاي، وهو خبير في شؤون تركيا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "تم القضاء على جميع الضوابط والتوازنات الآن".

مصر أيضًا

وفي مصر، كانت الآمال للديمقراطية عالية في أعقاب ثورة 2011 ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك. ولكن أول رئيس بعد الثورة محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، استغرق الأشهر الأولى لانتخابه في عام 2012 لبدء توطيد مشروع الإخوان، ومنح نفسه حصانة من الرقابة القضائية.

لكنه لم ينجح في الاستيلاء على السلطة، فبعد وقت قصير خرجت ثورة ضده وأطاحت به.

وترى الصحيفة أن ذلك "كان ذلك أحد أمثلة الصراع بين الدولة العميقة الراسخة، التي تسيطر عليها المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد، والأحزاب الإسلامية التي كانت حريصة على الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من السلطة بعد انتخابها، وكان هذا الصراع سببًا رئيسيًا في فشل توطيد الديمقراطية في دول الشرق الأوسط".

كما فشلت الأحزاب السياسية الإسلامية باستمرار في صناديق الاقتراع في باكستان، البلد المسلم الثاني الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، وهذا هو أحد الأسباب التي أدت إلى تبني المتطرفين الإسلاميين في باكستان استراتيجية الإرهاب بدلًا من الديمقراطية، على حد تعبير "وول ستريت جورنال".

وعلى الرغم من أن الجيش الباكستاني لا يزال يحتفظ بنفوذ كبير في الشؤون الخارجية والأمن، فقد تم تعزيز السياسة الديمقراطية هناك منذ انتهاء الحكم العسكري المباشر عام 2008، وأدت انتخابات عام 2013، إلى أول تسليم للسلطة في البلاد للأحزاب المتنافسة.

فشل الديمقراطية في إيران

بعد ثورة عام 1979، زعمت إيران أنها ستقيم قواعد الديمقراطية عن طريق إقامة "الجمهورية الإسلامية". لكن النظام في إيران يضمن احتفاظ المؤسسة الدينية الشيعية بالسلطة العليا والقدرة على تغيير قرارات المؤسسات الديمقراطية في البلاد والمسؤولين المنتخبين خاصة في القرارات الكبرى.

وتقع السلطة في نهاية المطاف في يد المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، وليس مع البرلمان، حيث أن الدستور الإيراني ينص صراحة على أن "جميع القوانين واللوائح يجب أن تستند إلى الشريعة الإسلامية" وهو ما يحدده رجال الدين.

وتقول الصحيفة إن "الثورة الإيرانية أدت أيضًا إلى الانقسام الطائفي في جميع أنحاء المنطقة، والذي كان عقبة أخرى في مواجهة الحياة السياسية الديمقراطية".

تونس وأندونيسيا.. نجاح ديمقراطي

وتقول الصحيفة إن "الاستثناء الديمقراطي لهذه القاعدة هي تونس.. الديمقراطية العربية الوحيدة التي خرجت من الثورات العربية في 2011. وهي البلد الوحيد المصنفة على أنها دولة حرة من بين 17 دولة ذات أغلبية مسلمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من قبل منظمة فريدم هاوس، وهي منظمة أمريكية تعمل على تحليل أوضاع الحريات المدنية والحقوق السياسية. ويعتبر ذلك أسوأ تصنيف لأي منطقة".

وأكدت الصحيفة على أن "هذه المشكلة في الديمقراطية، لا ترتبط بالإسلام في حد ذاته، فهو دين قديم، حيث أن المشكلة تكمن في الأيديولوجية السياسية الحديثة للإسلام التي تطورت في جزء من مصر في القرن العشرين".

وأضافت أن "العالم الإسلامي أكبر من منطقة الشرق الأوسط، ففي إندونيسيا البلد المسلم الأكبر من حيث عدد السكان في العالم، أثبتت الديمقراطية نجاحها منذ عام 1999. وظل الإسلاميون المحافظون على هامش السلطة، وتمت تلبية المطالب المحلية بمزيد من الحكم الديني من خلال اللامركزية في الحكم".

وأوضح صامويل معارف، وهو باحث في مركز الدراسات الدينية والثقافات في جامعة غادجاه مادا في يوجياكارتا في جزيرة جاوة الأندونيسية: "على الرغم من أننا في دولة ذات أغلبية مسلمة، إلا أن الطريقة التي يمارس بها الإسلام تتميز بخصائص محلية للغاية، فنحن في أندونيسيا نرغب في العيش معًا في تنوع، نحن مختلفون، وقد خلق هذا تحديًا للحركات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين".

وخارج منطقة الشرق الأوسط، أيضًا، نجحت الديمقراطية بشكل واضح، على الأقل حتى الآن، في الدول ذات الأغلبية المسلمة المتنوعة مثل السنغال وألبانيا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com