انفجار كبير قرب مطار بيروت في أحد محطات الوقود
لم تسلم مياه البحر بين بورنيو وجنوب الفلبين من شيء .. من متشددين وقراصنة وتجار مخدرات إلى مهربي السلاح. غير أن ظهور تنظيم "داعش"على مسرح الأحداث في الأسابيع الأخيرة جعل هذا الركن من جنوب شرق آسيا يشعر بمستويات جديدة من انعدام الأمن.
وكانت إندونيسيا وماليزيا، وغالبية سكانهما من المسلمين، ودول توجد بها أقليات مسلمة كبيرة مثل الفلبين في حالة تأهب تحسبا لعودة مقاتلين من الجبهات التي يقاتل فيها التنظيم في سوريا والعراق.
ولذلك تَجسد سيناريو كابوسي فجأة عندما ظهر عشرات من الماليزيين والاندونيسيين والعرب والشيشان في مدينة ماراوي بجزيرة مينداناو وقاتلوا في صفوف جماعة فلبينية بايعت التنظيم.
وأدركت الحكومات فجأة مدى انكشافها بسبب خطر إقامة مجموعة من المتشددين من خارج المنطقة قاعدة لهم في الفلبين وإدارة خلايا تابعة لشن هجمات في مختلف أنحاء المنطقة.
وقال الجنرال جاتوت نورمانتيو قائد الجيش الإندونيسي يوم الاثنين "من السهل القفز من ماراوي إلى إندونيسيا ويجب أن نتحلى جميعا بالحذر من تنشيط الخلايا النائمة في إندونيسيا".
ويقدر الجنرال أن خلايا نائمة تابعة لداعش موجودة تقريبا في كل أقاليم إندونيسيا الأربعة والثلاثين.
وقد دعت إندونيسيا إلى عقد مؤتمر مع الفلبين وماليزيا لبحث الأحداث في ماراوي حيث مازال الجيش الفلبيني يقاتل مدعوما بقوات أمريكية خاصة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من سقوط المدينة في أيدي مقاتلين يقودهم الإخوة ماوتي الذين يستلهمون فكر داعش.
وحتى الآن كانت الهجمات التي تمت بإيعاز من داعش محدودة النطاق نسبيا في اندونيسيا. غير أن وتيرتها تصاعدت. وفي الشهر الماضي قتل مفجرون انتحاريون ثلاثة ضباط شرطة في محطة للحافلات في جاكرتا.
من ناحية أخرى استخدمت ماليزيا قوانينها الأمنية الصارمة في اعتقال العشرات ممن تحوم الشبهات حول اعتناقهم الفكر المتطرف والمتعاطفين مع داعش.
مراقبة جوية وبحرية
تبدأ الدول الثلاث الأسبوع القادم، بمساعدة سنغافورة، عملية مراقبة مشتركة جوا لمنطقة بحر سولو من خلال استخدام طائرات استطلاع وطائرات دون طيار وتعزيز الدوريات البحرية المشتركة.
وخططت بحريات هذه الدول لتسيير دوريات مشتركة في العام الماضي بعد موجة من عمليات الخطف التي نفذتها جماعة أبو سياف المتشددة التي أعلنت دعمها لـداعش غير أن الثغرات مازالت كثيرة.
وقال الأميرال الأول فريال فاتشروني قائد قاعدة تاراكان البحرية الإندونيسية في شمال كاليمنتان "ليس لدينا اتصالات عن طريق اللاسلكي في هذه المرحلة. ونسير دوريات في مياهنا الإقليمية. ولم نبحث تبادل الأفراد".
وقال لـ "رويترز" إن العمليات المشتركة ستبدأ هذا الشهر. وقاعدة تاراكان الواقعة على ساحل بورنيو الشمالي الشرقي هي أقرب قاعدة بحرية إندونيسية للأراضي التي ينشط فيها الخاطفون في بحري سيليبس وسولو.
وسيكون من الصعب متابعة مئات السفن التجارية ومراكب الصيد والعبارات التي تنتشر بين الجزر وتحديد توقيت وطريقة التدخل لتفتيش سفينة من السفن.
وستكون الخلجان الصغيرة تحت الغطاء النباتي الكثيف في مجموعة الجزر ملاذا ممتازا لأي سفينة سريعة تسعى للهرب من الملاحقة.
وقال نويل شونغ رئيس المكتب البحري الدولي في آسيا ومقر عمله في كوالا لمبور "بحر سولو شهد على الدوام حوادث متفرقة مثل خطف السياح من قبل لكن بدءا من العام الماضي وهذا العام ازدادت الأحداث فعلا".
وأضاف "بدأوا بزوارق القطر ثم انتقلوا إلى السفن التجارية ولذا فهم يستهدفون سفنا كبيرة في البحر. الوضع مختلف عما كان عليه قبل سنوات عندما كانت الهجمات قاصرة على نطاق محدد".
ورأى شونغ أوجه شبه مع ما يحدث في خليج عدن حيث يعمل قراصنة صوماليون غير أن الفرق هو أن بحر سولو ليس طريقا تجاريا رئيسا؛ لذلك فإن المجتمع الدولي لا يميل للاستثمار في تأمينه.
ويقول الخبراء إن عدد السفن المطلوبة لمراقبة المنطقة وما يتطلبه ذلك من تكاليف سيكون رادعا.
شعور بالاحباط
رغم وجود تاريخ طويل من التشدد وقطع الطرق في المنطقة فقد استغرقت الفلبين وماليزيا وإندونيسيا وقتا طويلا قبل حشد مواردها.
وقد لعبت نزاعات إقليمية خاملة إلى حد كبير والارتياب المتبادل والقدرات المحدودة دورا في الحد من توثيق التعاون.
غير أن مشهد راية داعش السوداء وهي ترفرف في مينداناو كان من الممكن أن يدفع حكومات المنطقة لرفع مستوى التعاون.
وبخلاف تعزيز الدوريات الجوية والبحرية تحتاج الأجهزة الأمنية في هذه الدول لتحسين التنسيق والتحرك بشكل أسرع في تبادل معلومات الاستخبارات.
وقال مسؤول بالحكومة الماليزية إنه رغم تبادل المعلومات عن المشتبه بهم من المتشددين فإن ثمة شعورا بالاحباط بسبب ما يبدو من عدم المتابعة في الفلبين.
وقال مسؤولون فلبينيون إن أجهزة الأمن تبذل "كل ما في وسعها" لعلاج تصاعد التشدد في المناطق ذات الغالبية المسلمة في البلد الذي يغلب عليه المسيحيون الكاثوليك.
ووصف خبير الإرهاب الإقليمي سيدني جونز الفلبين بأنها هي "الحلقة الضعيفة" وانتقد الافتقار للتعاون بين أجهزة الشرطة والجيش والمخابرات.