دمشق- بحث تقرير أعدته "الهيئة الصحية السورية" واقع حياة نحو 90 ألف لاجئ سوري يقيمون في 57 مخيما داخل سوريا وخارجها بالقرب من الحدود السورية التركية، ممن هربوا من نيران الحرب المشتعلة في مدنهم وقراهم قريبا من الحدود التركية.
التقرير الذي جاء في أكثر من 100 صفحة، مدعمة بالعديد من الجداول التوضيحية والإحصائية الدقيقة، تناول الوضع الطبي والغذائي في كافة المخيمات التي تعتبر، حسب التقرير، من المخيمات البائسة جدا، التي لا تحقق أدنى معايير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتمتد المخيمات على منطقة جغرافية واسعة من جبل التركمان وحتى منطقة الدانا الحدودية.
تقرير "الهيئة الصحية السورية"، التي تأسست لتقوم بتأمين الخدمات الصحية لكل السوريين وإدارة وتنظيم المجهود الطبي والإغاثي والعلاجي والإسعافي في الداخل والخارج، أشار إلى وجود ثمانية مستوصفات وتسع نقاط طبية فقط في المخيمات الـ 57، واحد منها فقط يعمل على مدار الـ 24 ساعة، حيث يتجاوز عدد المعاينات للطبيب الواحد 200 معاينة يوميا.
كما أكد التقرير على وجود نقص حاد في الأدوية، وخاصة الأدوية العصبية وأدوية الربو والغدد والسكري والثلاسيميا والأنسولين، ما يدفع الأطباء لإعطاء جرعات قليلة من المضادات الحيوية بسبب قلتها، الأمر الذي تسبب بانتكاسات مرضية لمئات اللاجئين، فضلا عن تلف بعض الأدوية بسبب عدم وجود كهرباء لتشغيل البرادات، مع عدم وجود أي مخبر أو عيادة، فيما تخدم هذه المخيمات خمس سيارات إسعاف، واحدة فقط مجهزة بتجهيزات الإسعاف، فيما يبلغ عدد الأطباء 33 طبيبا يعالجون نحو 90 ألف لاجئ.
ولا يختلف الواقع الغذائي كثيرا عن الواقع الطبي المتردي، ويقول الدكتور مأمون سيد عيسى، المشرف على التقرير: "يبلغ عدد الرضع في هذه المخيمات 5887 رضيعا، ولا يوزع حليب الرضع بانتظام إلا في ستة مخيمات فقط (10% منها)، وأغلب الحوامل والمرضعات لا يحصلن على المتطلبات الغذائية الأساسية الطبيعية لهن، مشيرا إلى أن ملامح سوء التغذية بدأت تظهر على الأطفال، كما توفي 16 طفلا نتيجة البرد لأن بعض الناس ينامون في هذه المخيمات تحت العوازل البلاستيكية الرقيقة التي لا تقي من البرد ولا من المطر.
وأوضح تقرير "الهيئة"، أن النقص في التغذية مرده إلى أن توزيع المعونات على اللاجئين لا يتم إلا عن طريق النظام السوري كونه السلطة المعترف بها في الأمم المتحدة، فيما يقوم النظام بمعاقبة هذه الحاضنة الشعبية للثورة بتقنين الحصص المرسلة إليهم عن طريق منظمة الهلال الأحمر التي أكد التقرير أنها تخلت عن حياديتها كمنظمة إنسانية.
وبين الدكتور عيسى أن أغلب المخيمات تقع ملاصقة للحدود التركية.
وتتردد قوات النظام كثيرا في ضرب هذه المخيمات خوفا من استفزاز تركيا، ومع ذلك هنالك حوادث قصف بالقرب من المخيمات آخرها مطلع الشهر الجاري حيث قامت طائرات النظام بقصف منطقة مخيمات باب الهوى ولم تحدث سوى إصابات طفيفة.
وبحسب الدكتور عيسى فإن هذا التقرير، الذي تم إرساله إلى الأمم المتحدة ولمنظمات إنسانية ومؤسسات المعارضة في سوريا، هو بمثابة نداء استغاثة للتحرك لإيجاد حل لهذه المعاناة.