تواجه مصر مأزقا إستراتيجيا خطيرا، بعد محاصرة جماعة الحوثي في اليمن مضيق "باب المندب" الذي يشكّل رئة قناة السويس.
و "باب المندب" يعد الممر النافذ على المحيط ومنه تمر البواخر والسفن التجارية عبر البحر الأحمر إلى قناة السويس التي تعد الداعم الرئيس للاقتصاد المصري.
وعلى الرغم من استعادة مصر لدورها المؤثر في المنطقة، ولعبها دورا أساسيا في أكثر من ملف لا سيما في فلسطين، بقي الساسة المصريون بعيدين عما يجري في اليمن رغم تأثيره الإستراتيجي والاقتصادي على مصر، التي ستكون في حال إحكام الحوثيين السيطرة على "باب المندب" بشكل رسمي تحت رحمة الحوثيين –الذراع الإيراني في اليمن-.
يقول المحلل السياسي اليمني، المستشار خالد السودي، "على الرغم من أن اليمن لا ترتبط بحدود جغرافية مع مصر إلا أن علاقتهما الشعبية تاريخية ومميزة وتربطهما مصالح تجارية، وارتباط قناة السويس بمضيق باب المندب من أهم ما يحكم علاقة البلدين الشقيقين، إذ إن تأثر باب المندب سيؤثر حتمًا على حركة الملاحة العالمية في قناة السويس".
وأردف السودي في تصريحات خاصة لـ"إرم" قائلاً، "إن من أراد مضايقة مصر وخنق الاقتصاد المصري فأقصر الطرق عبر التأثير على باب المندب، خاصة أن الجهة المقابلة جغرافيًا هي الصومالالتي تعيش في ظل الفراغ السياسي".
وأضاف "نتذكر قبل سنوات أن مجموعة من القراصنة الصوماليين بوسائل بدائية أوقفوا أساطيل وناقلات نفط في باب المندب، فما الحال لو انفجر الوضع في اليمن، فلن تتمكن أي قوة عسكرية في تأمين خط الملاحة العالمية".
وأشار السودي إلى أن خطورة التأثير على باب المندب ليس من الحوثيين، متوقعًا أن تنصهر هذه الجماعة في الدولة اليمنية قريبًا، مشيرًا إلى أن الخطر الأعظم يأتي إذا ما ركب بعض السياسيين الانتهازيين موجة فصل جنوب اليمن عن شماله، هنا ستزداد الاضطرابات وتشتعل الصراعات الأكثر حدة وتغذي الاستقطابات الإقليمية على هذا الصراع.
وتابع: "على مصر أن تقف بكل طاقتها مع دولة يمنية قوية وموحدة يتم التعامل معها مستقبلاً بدلاً من دويلات ضعيفة متشظية، وأن تستخدم تأثيرها الفاعل عربيًا ودوليًا من أجل الحفاظ على اليمن من الصراعات والانقسامات التي ستضر بها وكل دول الأقليم"..
فيما أوضح السياسي والإعلامي اليمني، عبد الله إسماعيل، أن مصر ليست غافلة عن هذا التهديد، ومهتمة بهذا الأمر ولن تسمح بأن يهدد أمنها القومي والتجارة العالمية في باب المندب من جانب الحوثيين، مؤكدًا أن القاهرة سيكون لها دور في الفترة المقبلة، وأنها حاليًا في مرحلة قراءة أوراق اللعبة السياسية هناك.
وأكد "إسماعيل" لـ"إرم"أنه من المفترض أن يكون هناك حل سياسي تُشارك فيه مصر، بحل المشكلة اليمنية وعدم سيطرة الحوثيين، لافتًا إلى أن باب المندب يهم كل العالم، وسيكون هناك ضغط دولي مساند للتحرك المصري المقبل والخليجي القائم.