المد الإيراني يتسلل إلى أمريكا اللاتينية مع انحسار النفوذ الأمريكي
المد الإيراني يتسلل إلى أمريكا اللاتينية مع انحسار النفوذ الأمريكيالمد الإيراني يتسلل إلى أمريكا اللاتينية مع انحسار النفوذ الأمريكي

المد الإيراني يتسلل إلى أمريكا اللاتينية مع انحسار النفوذ الأمريكي

سلط تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الضوء على محاولات إيران للتوغل في دول أمريكا اللاتينية بالتزامن مع انحسار نفوذ الولايات المتحدة في تلك الدول.

وجاء في تقرير الصحيفة الأمريكية أن الأنظمة الاستبدادية في كل من فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا رحبت بالوجود الإيراني، لكن الدول الأخرى يتم غزوها من قبل إيران بشكل سري بدءا من السفارات ومراكز الثقافة والمساجد.

في هذا الإطار تستحضر الصحيفة ما صرح به المدير التنفيذي لمركز مجتمع حر آمن في واشنطن جوزيف هوماير قائلا "في الوقت الذي ينحسر فيه نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، تأتي أمريكا اللاتينية على رأس أولويات السياسة الخارجية الإيرانية خارج الشرق الأوسط".

وحسب ما نشرت الصحيفة حول المناطق التي تحاول إيران التوغل فيها واختراقها في دول أمريكا اللاتينية، فإن المجتمعات الريفية في جنوب دولة البيرو تعد من الأهداف النموذجية لإطلاق الشبكات الإيرانية، كما يتم استغلال شركات وهمية في صناعات لحم الأبقار والنفط في دول البرازيل وأوروغواي لتوفير غطاء لعناصر إيرانية، أما بالنسبة لشيلي فقد تسللت إيران فيها عن طريق الجامعات.

ولفتت الصحيفة في تقريرها إلى أنه ليس من الخفي رؤية كيف أن رفع العقوبات عن إيران قد حرر 150 مليار دولار من الأصول المالية الإيرانية، وأعاد فتح قنوات الاقتصاد الدولية ما سيزيد من إمكانية اختراق إيران للنصف الغربي من الكرة الأرضية.

إيران تصدر أيديولوجيتها الراديكالية

تأتي التحركات الإيرانية تجاه دول أمريكا اللاتينية في سياق سعى النظام الإيراني إلى تصدير أيديولوجيته الراديكالية باستخدام كل الوسائل.

ومن أهم الكيانات والشبكات الإيرانية التي تنشط في دول أمريكا اللاتينية "بيت أمريكا اللاتينية في إيران"، التي تهدف بحسب ما تعلن إلى تعزيز العلاقات بين الشعب الإيراني وشعوب أمريكا اللاتينية، غير أن هدفها الحقيقي يبدو أنه الإضرار بمصالح الولايات المتحدة.

وقد وثق الكونجرس الأمريكي مجهودا ممنهجا للإدارة الإيرانية استمر على مدى عقود، كشف عن زرع طهران عملاء استخباراتيين سريين إيرانيين تمكنوا من استخدام المنشآت الدبلوماسية الإيرانية الرسمية، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية كغطاء لنشاطاتهم.

في السنوات الأخيرة، أعرب المسئولون الأمريكيون عن قلقهم من الوجود المتنامي لأفراد من قوة القدس النخبوية الإيرانية التي تتزعم جهود طهران العالمية والضالعة في أنشطة النظام ذات الصلة بالمقذوفات والقدرة النووية - في أمريكا اللاتينية، وبالأخص في فنزويلا.

أبرز نشاطات إيران بأمريكا اللاتينية

من أبرز النشاطات الإيرانية في أمريكا اللاتينية تفجير جمعية الصداقة الأرجنتينية- الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في العام ، 1994 ، حيث برهن التفجير بوضوح على أن المنطقة زودت حزب الله بكل ما يحتاج إليه لتنفيذ عملية معقدة كهذه في ساحة الولايات المتحدة الخلفية.

كما يظهر من النشاطات الإيرانية التفجير الانتحاري في السفارة الإسرائيلية في العام 1992، حيث قاد مفجر انتحاري شاحنة صغيرة مليئة بالمتفجرات، واقتحم بها السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، وهو الهجوم الذي كان مقدمة لمزيد من الهجمات التي شُنت بعد ذلك بسنتين فحسب.

مزاعم بتورط إيران بالهجوم على الجالية اليهودية بالأرجنتين

وحول مزاعم تفيد بأن إيران قامت بالتغطية على تورطها بالتفجير الذي وقع في مركز الجالية اليهودية في بوينوس ايريس، في العام 1994، أشارت الصحيفة إلى احتمال تورط جهات إيرانية بمقتل المدعي الخاص بالتحقيق في الهجوم الأرجنتيني البيرتو نيسمان في يناير العام 2015 إثر طلق ناري في الرأس، قبل يوم واحد من الموعد المقرر لإدلائه بشهادته أمام الكونغرس الأرجنتيني.

ونوهت الصحيفة إلى أنه وعلى الرغم من أنه لا يوجد حتى الآن حكم قضائي رسمي حول حادثة القتل، إلا أنه من المقرر أن ينشر تقرير من لجنة التحقيق يوم الثلاثاء يثبت الدافع الحقيقي وراء الحادث.

في السياق، أكدت الصحيفة أن المدير التنفيذي لمركز "مجتمع حر آمن" في واشنطن جوزيف هوماير، يستعين بآلاف الوثائق وتسجيلات المحادثات الهاتفية القانونية من أجل إظهار كيف كان مقتل المدعي العام بمثابة إزالة حجر عثرة كان أمام إيران ومهد الطريق لها لتتحرك نحو مرحلة جديدة من المعلومات والاستخبارات في دول أمريكا اللاتينية.

واعتبر أنه حتى لو لم تكن الحكومة الدينية الإيرانية التي تعتبر الراعية الأولى للإرهاب في العالم لم تقم بقتل نيسمان فقد استفادت استفادة كبرى من موته، إذ كان نيسمان هو المدعي الخاص بالتحقيق في الهجوم الإرهابي على مركز الجالية اليهودية.

وذكرت الصحيفة أنه تم اتهام ثمانية مسؤولين سابقين إيرانيين في العام 2006 من ضمنهم الرئيس السابق علي رفسنجاني، وأنه بناء على طلب نيسمان أصدر الإنتربول مذكرات حمراء لاعتقال ستة من المتهمين الإيرانيين لكن إيران لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك.

وبينت الصحيفة أن نيسمان قبل موته اعتقد عن طريق استخدامه لتسجيلات المحادثات الهاتفية القانونية، بأن حكومة رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر عقدت اتفاقية لإخفاء ومحو آثار طهران من الهجوم الإرهابي على جمعية الصداقة لأرجنتينية - الإسرائيلية في مقابل النفط الإيراني وإعادة فتح السوق الإيرانية أمام صادرات الأرجنتين من الحبوب ولحم الأبقار.

في الوقت الذي قدم فيه نيسمان شكوى جنائية ضد أعضاء حكومة كيرشنر في الأسبوع السابق لموته، ورغم أن موته لم يمنع الرأي العام من الاطلاع على محتويات التقرير إلا أن مقتله أوقف خطته لوضع الجريمة الإيرانية على الساحة الدولية الأمر الذي كان سيؤدي لتقويض أهداف السياسة الخارجية الإيرانية الأساسية.

وأفادت الصحيفة عبر تقريرها بأن المحققين اكتشفوا بعد شهور من موت نيسمان، وثيقة كان قد وقعها بنفسه يعود تاريخها إلى العام 2014، تضمنت مناشدة للسلطات الأرجنتينية بالتقدم بطلب رسمي للأمم المتحدة لكي تتدخل في قضية الهجوم الإرهابي.

وكان نيسمان كتب في الوثيقة "فإن رفض إيران تسليم المتهمين جعلها غير خاضعة لالتزاماتها الدولية بدعم قضية قانونية خاصة بالإرهاب الدولي مع دولة عضو أخرى بالأمم المتحدة".

وحسب المدير التنفيذي لمركز مجتمع حر آمن في واشنطن جوزيف هوماير فقد أصدر المدعي العام نيسمان أكثر من 1500 صفحة من مصادر علنية حول إيران وحزب الله و1500 صفحة أخرى من المواد السرية حول هجوم بوينوس ايريس التي مازالت غير معلنة للرأي العام.

وطبقا لما يعتقد هوماير، فإن هذه الأوراق والوثائق عرقلت على أقل تقدير إنكار إيران دعمها للإرهاب، منوها إلى أن المواد السرية يجب أن يتم عرضها على المواطنين الأرجنتينيين ليكون لديهم المعرفة اللازمة لفهم مدى النفوذ الإيراني في بلادهم كما يستحق بقية العالم معرفة خطط إيران.

إيران تقدم نفسها بديلا عن العالم العربي

لقد أدركت إيران خيبة أمل أمريكا اللاتينية في العالم العربي، فقدمت نفسها كبديل خاصة وأنها تمتلك الكثير من المؤهلات وتشترك مع أمريكا اللاتينية في الرؤية الإستراتيجية للمستقبل المتجلية في عالم متعدد الأقطاب وحضور متميز لدول الجنوب في الخريطة جيوسياسية العالمية وسياسة مناهضة للولايات المتحدة و إن إيران تَعتبر نفسها دولةً عظمى عالمية ناشئة وذات مصالح تتعدى الشرق الأوسط.

تعمل إيـران على ترسيـخ وجـودهـا السـياسي والاقتصادي في أمريكا اللاتينية التي تشكل الساحة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية، وتستغل وجودها للقيام بحملات تشيع وتصدير الثورة الإسلامية ما يشكل تحديا للولايات المتحدة الأميركية.

في المقابل تقيم إيران بنى تحتية استخباراتية بواسطة حزب الله وتعززها، ويتم استغلال هذه البنى لتنفيذ الأجندات الإيرانية وعقد صفقات مع الولايات المتحدة على حساب الدول العربية وخصوصا دول الخليج وذلك لتخفيف الضغط الأمريكي والدولي عليها في حال اعتدت أو تدخلت في الشؤون الداخلية لتلك الدول وأثارت اضطرابات كما حصل في اليمن والبحرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com