مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة لا تعتقد أن إيران تريد الانجرار إلى حرب شاملة
نشرت صحيفة "فاينانشل تايمز" البريطانية مقالًا تناول "لوبيات" أمريكية تشكل حملة مناهضة للاستثمار في إيران بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة مؤخرًا معها.
وكشف المقال أن مجموعة ضغط سياسي أمريكي واسعة تعمل على شن حملة عالمية لتثبيط عزيمة الشركات الغربية العالمية التي تنوي إقامة علاقات تجارية مع إيران.
وتعمل هذه المجموعة، التي حاولت سابقًا التصدي للاتفاقية النووية الإيرانية، على تحذير المستثمرين من الأضرار التي قد تلحق بهم نتيجة العقوبات الاقتصادية التي ما زالت مفروضة على إيران.
ويضيف التقرير: "تعمل هذه المجموعة التي تدعى (متحدون ضد إيران النووية) والتي تحظى بدعم وتأييد شخصيات من الحزبين الأمريكيين على توظيف خليط من الإعلانات والرسائل العامة التي من شأنها أن تضغط على الشركات متعددة الجنسيات التي عادت إلى إحياء العلاقات التجارية مع إيران منذ الاتفاقية النووية وعلى الشركات التي تفكر بالتعامل مع إيران من جديد".
ويأتي هذا الاحتشاد المضاد لإيران في وقت حساس تشكو فيه طهران علنًا من نقص المنافع الاقتصادية التي حصلت عليها حتى الآن منذ توقيع الاتفاقية.
وأسست مجموعة "متحدون ضد إيران النووية" في عام 2008 من قبل مجموعة مدعومة من الحزبين الامريكيين، الديمقراطي والجمهوري، وشملت عددا من المسؤولين السابقين، بما في ذلك: مدير المخابرات المركزية السابق جيم وولسي، وريتشارد هولبروك ودينيس روس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط الذي لعب دورًا رئيسًا في العديد من الإدارات.
ويقول العديد من الدبلوماسيين الغربيين إن التوتر الناتج عن رفع العقوبات الاقتصادية لم يصل بعد إلى الحد الذي قد يسبب تدمير الاتفاقية، ولكنه قد وصل فعلًا إلى حد مضطرب تشعر فيه إيران أن هذا الاتفاق لم يكن في صالحها.
ويبدو أن هذا الأمر هو السبب وراء اجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف مرتين في الأسبوعين الماضيين لمناقشة كيفية تنفيذ الاتفاق وتبعاته.
وحسب الصحيفة تخطط مجموعة "متحدون ضد إيران النووية" لإرسال رسائل تحذر من مخاطر الاستمرار بالتعامل التجاري مع إيران إلى 140 شركة عالمية أكدت نيتها إنشاء علاقات تجارية مع إيران.
وتقوم المجموعة أيضاً بنشر مجموعة من الإعلانات في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية في أوروبا هذا الأسبوع وذلك قبل المؤتمر الكبير في ميونخ الذي يعمل على تشجيع التجارة والاستثمار في إيران.
بدوره قال مارك والاس، السياسي الجمهوري الأمريكي وسفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة "متحدون ضد إيران النووية": "لابد أن يَطَلِع مديرو الشركات وهم يصعدون إلى طائراتهم على الحقائق الصريحة ومن حقهم أن يعلموا المخاطر الحقيقية التي تترتب على الاستثمار في إيران. ففي الواقع، لم يختلف الأمر كثيرا قبل وبعد الاتفاقية النووية".
وأشار والاس إلى العقوبات الأمريكية التي ما زالت قيد التنفيذ بسبب انتهاكات إيران لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية الذي تديره الدولة. كما أن أي شركة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ما زالت خاضعة لهذه العقوبات.
ورداً على اتهامه باستخدام الضغوط العلنية على الشركات متعددة الجنسيات لمحاولة إلغاء الاتفاقية الإيرانية، قال والاس إن الاتفاقية قد عرضت "رفعًا محدودًا للعقوبات" عن إيران بالفعل، "ولكن عودة النشاط التجاري وتدفق التعاملات التجارية لم يكن جزءا من الاتفاق". وإنه لمن الخطير على أي شركة أن تربط نفسها بما سمّاه "واحدة من أكبر الدول الراعية للإرهاب في العالم".
ومنذ تنفيذ الاتفاقية الإيرانية في كانون الثاني، أظهرت البنوك الأوروبية ترددًا في التعامل مع إيران وذلك خوفًا من تعرضها لمشاكل بسبب العقوبات الاقتصادية المتبقية.
إن هذا الأمر هو أحد الأسباب التي دفعت صانع القرار الأول في الجمهورية، آية الله علي خامنئي، لاتهام الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بمنع إيران من ربط نفسها من جديد بالنظام المصرفي العالمي، حيث أعلن "كتب الأمريكيون على الورق أن البنوك يمكنها التعامل مع إيران من جديد، ولكن على الواقع، ينشر هؤلاء الإشاعات المغرضة لترهيب البنوك من التعامل معنا، زاعمين أن إيران ترعى الإرهاب وأنها يمكن أن تواجه عقوبات اقتصادية من جديد. هذا الأمر يرسل رسالة مفادها (لا تتعاملوا مع إيران) وبالتالي يشعر المستثمرون الأجانب والبنوك بالخوف من العمل معنا من جديد".
في حين يقول بيتر فيتيغ السفير الألماني في الولايات المتحدة: "نحن نعتقد أن التعويض التجاري جزء من الاتفاقية النووية. فهذا هو المعنى الحقيقي لرفع العقوبات." وعلى الرغم من أن الإيرانيين يقولون إنهم لم يتلقوا المنافع الاقتصادية التي وعدوا بها، إلا أن فيتيغ يرى "أننا لم نصل بعد الى نقطة الانهيار".
وفي المقابل، صرح تريتا بارسي رئيس المجلس الإيراني الأمريكي الوطني والداعم القوي للاتفاقية النووية: "أن الحملة الناجحة التي تضع علامة سلبية وتخيف المستثمرين من التعامل التجاري مع إيران هي في الحقيقة نوع من أنواع العقوبات والمحددات الاقتصادية بحد ذاتها".
ومع ذلك، أضاف بارسي أن الحملة لن ترى تأثيرا حقيقيا إذا ما كانت متبوعة "بخطابات وتصريحات حادة اللهجة من المرشح الجمهوري الذي يحاول أن يقنع الناس أن الاتفاقية الإيرانية ليست حاسمة بعد" ومع استمرار هذا الجو من الشك الذي يلمح الى احتمالية وجود عقوبات جديدة.
وكتبت مجموعة "متحدون ضد إيران النووية" رسائل عدة حتى الآن وجهتها الى بضع شركات، مثل: جينيرال إلكتريك، بومباردير، ميرسك، وسيمينز. وفي رسالتها الى شركة جينيرال إلكتريك، أشارت المجموعة إلى أن قرار الشركة سوف "يدعم ويساعد نظامًا غير قانوني يعمل على دعم الإرهاب والاضطراب". وفي المقابل، كتبت شركة جينيرال إلكتريك في ردها أن أي أعمال تقوم بها الشركة سوف تكون "متناسبة مع القوانين والتشريعات الأمريكية ومتوافقة مع السياسة الأجنبية للولايات المتحدة ومع مصلحة المساهمين في شركة جينيرال إلكتريك".