حاولت بعض الأوساط السياسية اللبنانية التسويق لفكرة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبنان لمدة عامين لا أكثر كمرحلة انتقالية يتم بعدها تصعيد سمير جعجع للمنصب عن طريق "الانتخاب" أو "التزكية" بغض النظر عن المسمى.
وجاءت تلك الفكرة التي فاجأت الوسط السياسي اللبناني كنوع من الترضية للجنرال وتحقيقاً لحلم عمره بسماع لقب "الرئيس اللبناني" مقترناً باسمه ولو كآخر عمل يقوم به في حياته السياسية.
وجاء تسريب ذلك الطرح "مستتراً" كأي طرح غير عقلاني أريد به اختبار ردات الفعل، وهو ما أكدته الأحزاب والقوى اللبنانية التي رفضت بشدة تلك الفكرة، مقدمة أسباباً وجيهة وقوية لذلك.
وترى الأحزاب اللبنانية أن إقرار خطوة انتخاب عون لمدة عامين، يتطلب اجتماعاً شاملاً يضم كافة الكتل النيابية المعنية بمثل هذا القرار، وهو ما سيعجز عنه عون أو المسوقين لقرار رئاسته المؤقتة، خاصة وأن الساسة اللبنانيون عاجزون عن إقرار قانون الانتخاب الجديد، فضلاً عن أن كافة الاجتماعات التي دارت على مدار عامين لإنهاء أزمة الملف الرئاسي فشلت بجدارة.
وزاد صمت العماد عون من سخونة المواقف السياسية، حيث افترض الشارع اللبناني رداً سريعاً على تلك المبادرة، إلا أن عون لم يرد عليها لا نافياً ولا مؤكداً، واكتفى، بحسب مقربين منه، بالتأكيد على أنه لا يملك رداً مناسباً على ما يشاع.
وانبرى المكتب الإعلامي لعون للرد على الشائعات المنسوبة لعون حيال رئاسة السنتين، مؤكداً أن مواقف "الجنرال" يعلنها هو بنفسه مباشرة أو عبر مكتبه ومسؤوليه الإعلاميين الرسميين، موضحاً أن ما حاول البعض إسقاطه على موقف العماد عون مجاف للواقع والحقيقة كلياً.
من جهته، أكد سعد الحريري زعيم تيار المستقبل، أن الدستور واضح في هذه القضية، وينص على أن ولاية الرئيس 6 سنوات، وأي أمر آخر يحتاج إلى تعديل دستوري.
وقال علينا أن لا نلجأ إلى حلول جزئية بل إلى حلول دائمة تعالج مشاكل البلد، مضيفاً: "اليوم لبنان بلا رئيس منذ حوالى السنتين وقد عانى البلد ما عاناه خلال هذه الفترة، وإذا انتخبنا رئيسا لمدة سنتين كأننا نعيد فتح المشكلة نفسها بعد سنتين"، وفقاً للأنوار.
من جانبه، شدد رئيس حزب "النجادة" مصطفى الحكيم، في موقف معلن، أن ما طُرح من أفكار لانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين غير قابل للحياة وليس جدياً لأن ذلك بحاجة إلى تعديل للدستور وتوقيع رئيس الجمهورية الغائب قسراً عن قصر بعبدا منذ عامين.
وأكد نائب الجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت، أن اقتراح انتخاب رئيس جمهورية لسنتين لم يكن جدياً في أي لحظة، وإنما كان مجرد بالون اختبار لمعرفة مدى قبول الفرقاء السياسيين لفكرة تعديل الدستور فيتم بعد ذلك طرح تعديلات جذرية للدستور تحقيقا لفكرة المؤتمر التأسيسي.
ووصف عضو اللقاء الديمقراطي النائب فؤاد السعد، في بيان له، الحديث عن ولاية رئاسية لسنتين هو هرطقة وكفر وانحلال على كافة المستويات، مقترحاً "من باب الاستهزاء" بهذا الطرح أن يتحول رئيس الدولة الى موظف إما بالتعاقد وإما بأجر يتم احتسابه على القطعة".
واعتبر النائب عاصم عراجي أن "حزب الله" يتحكم بكل مفاصل البلد، فهو لا يريد رئيساً، لا عون ولا فرنجية، بل يريد الفراغ، فهو يناسبه بانتظار الوضع في سوريا".
في المقابل، شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأربعاء، على ضرورة الالتزام بالدستور ومبادئه خلال مناقشة قانون الانتخابات النيابية.
ودعا اللجان المشتركة لمناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات بمسؤولية وجدية للوصول إلى أقل نسبة من الاختلافات والفروقات، لمناقشتها في الهيئة العامة.
وتبدي مصادر نيابية مسيحية عن مخاوفها من أن تؤدي محاولات تحالف عون وجعجع إلى خلق مناخ يمنع التفاهم على الحصص المسيحية لنحو 12 عضواً في بلدية بيروت من أصل 24 عضواً، وبالتالي سينعكس هذا الوضع سلباً على إمكان تحقيق المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
من جهة أخرى، يؤكد فريق آخر من الساسة اللبنانيون على أن تبعثر أوراق الملفين السوري واليمني سيؤجلان انتخاب الرئيس اللبناني استناداً إلى تورط "حزب الله" في الملفين بالتحالف مع النظام السوري ودعم الحوثيين في اليمن.
وذكرت مصادر موثوقة أن "حزب الله" أبلغ مرشحي الرئاسة ميشال عون وسليمان فرنجية، أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية في المدى المنظور، وأن الشغور مرشح لأن يستمر للسنة الثالثة على التوالي، طالما أن الأمور لم تحسم في سوريا، وفقاً للسياسة.
وذكرت المصادر أن "حزب الله" أكد عدم استعجاله لطي صفحة ملف الرئاسة اللبنانية، داعياً عون وفرنجية لتفهم مبرراته في ذلك التأجيل، مطمئناً حليفيه بأن الرئاسة لن تكون إلا من نصيب أحدهما وأنه لن يسمح بانتخاب رئيس من خارج “8 آذار”، بعدما تم حسم هذا الأمر نهائياً.
ويتعارض ذلك التوجه، مع تصريحات قريبة لوزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي، أكد فيها على أن الرئيس اللبناني لن يكون عون ولا فرنجية، وأن سيكون شخصية من خارج الفريقين المتنازعين على كرسي الرئاسة، لكنه اتفق مع "حزب الله" في زاوية التأجيل، حيث أكد أن انتخاب الرئيس لن يتم قبل 6 أشهر.