فرانسيا ماركيز أول نائب رئيس أسود في كولومبيا.. رحلة من الفقر إلى السياسة
فرانسيا ماركيز أول نائب رئيس أسود في كولومبيا.. رحلة من الفقر إلى السياسةفرانسيا ماركيز أول نائب رئيس أسود في كولومبيا.. رحلة من الفقر إلى السياسة

فرانسيا ماركيز أول نائب رئيس أسود في كولومبيا.. رحلة من الفقر إلى السياسة

تدخل فرانسيا ماركيز تاريخ بلادها من أوسع أبوابه، بعد أن أصبحت أول نائب أسود لرئيس كولومبيا، فيما تشكل سيرتها الذاتية ووصولها لهذا المنصب علامة فارقة تستحق الوقوف أمامها، باعتبارها شخصية استثنائية.

ماركيز البالغة من العمر 40 عامًا والتي أصبحت أمًّا في سن المراهقة، عملت خادمة وعاملة مناجم في منجم للذهب، وهي لا تنتمي إلى المؤسسة السياسية والاجتماعية الكولومبية المتنفذة، وفق تقرير لموقع بي بي سي.

ولقد شكل توليها هذا المنصب اختراقًا مهمًّا في بلاد كانت مؤسساتها تقليديًّا في أيدي رجال ينتمون إلى النخبة الحضرية والأثرياء البيض.

وستؤدي عالمة البيئة فرانسيا ماركيز اليمين الدستورية، اليوم الأحد، بوصفها أول نائب من أصل أفريقي للرئيس الكولومبي، في دولة حكَمَها تاريخيًّا نخبة من الذكور البيض.

ومن المقرر أن يؤدي جوستافو بيترو السيناتور السابق الذي تخلى عن التمرد المسلح قبل ثلاثة عقود، اليمين الدستورية أمام عدد كبير من المدعوين الكولومبيين والأجانب.

من  الفقر إلى السياسة

ولدت ماركيز في قرية يولومبورية التي تبعد عن العاصمة بوغوتا 437 كيلو مترا، وتقع القرية في ولاية كاوكا التي تعتبر واحدة من أفقر المناطق الريفية في البلاد.

وقد تأثرت ولاية كاوكا بشدة بالنزاع المسلح في كولومبيا بين الحكومة والجماعات شبه العسكرية والمسلحين المتمردين الذي استمر لما يقرب من 65 عامًا.

وتقول ماركيز في مقابلة مع "بي بي سي" في الـ23 من يونيو/ حزيران الماضي: "مجتمعي على سبيل المثال هو أوضح مثال عن التهميش التاريخي، لا توجد مياه صالحة للشرب، ولا توجد مرافق صرف صحي أساسية ولا كهرباء".

وتتابع ماركيز: "لست هنا لأظهر كوجه أسود، أو لأظهر نفسي كامرأة، أو لمجرد إظهار أننا حكومة شاملة لا تقصي أحدًا".

وماركيز هي ضمن 12 طفلا لأبويها، وكانت تكسب لقمة العيش في سنواتها الأولى من خلال العمل مع والديها في استخراج الذهب على ضفاف نهر أوفيجاس.

وعندما بلغت السادسة عشرة، أصبحت أمًّا عزباء وبدأت العمل كخادمة منازل من أجل إعالة ابنها الأكبر كارلوس، ودفع تكاليف دراستها الجامعية في الهندسة الزراعية، كما حصلت على إجازة في القانون منذ عامين.

وقد وجدت ماركيز ،أيضا، الوقت الكافي للانخراط في الدفاع عن البيئة بدءًا بالاحتجاجات ضد خطط إقامة سد على نهر أوفيجاس لتوليد الكهرباء في تسعينيات القرن الماضي.

كما كانت أحد مَن قادوا حملة شعبية أدت في النهاية إلى وقف المشروع من قبل المحكمة العليا في كولومبيا.

ضد الحكومة

وأخذت ماركيز في وقت لاحق زمام المبادرة في المقاومة ضد مبادرات الحكومة الفدرالية لمنح حقوق التعدين للشركات متعددة الجنسيات وطرد المزارعين الكولومبيين المنحدرين من أصل أفريقي من الأراضي التي كانت ستمنح لهذه الشركات.

وقد اكتسبت ماركيز شهرة في بلادها في عام 2014 من خلال قيادة عشرات النساء في مسيرة طولها 350 كيلومترا إلى العاصمة بوغوتا لمناشدة الرئيس خوان مانويل سانتوس باتخاذ إجراءات ضد الآثار الاجتماعية والبيئية للتعدين غير القانوني في كاوكا.

كما شاركت ماركيز ،أيضا، في مفاوضات السلام بين الحكومة الفدرالية ومجموعة فارك اليسارية المسلحة الرئيسة في كولومبيا.

وقالت خلال المحادثات إن الكولومبيين المنحدرين من أصل أفريقي قد تأثروا بشكل غير متناسب بعقود من الصراع المسلح.

وتقول ماركيز في مقابلتها مع "بي بي سي": "البيانات الواردة من دائرة الإحصاءات الوطنية تقول إن النساء السوداوات يعشن في المتوسط أقل بخمس سنوات من بقية النساء في كولومبيا، أعتقد أن هذا دليل على انتشار العنصرية في بنية المجتمع وآثارها".

حياة في خطر

حصلت ماركيز في عام 2018 على جائزة غولدمان البيئية المعروفة بشكل غير رسمي باسم "جائزة نوبل الخضراء".

لكن الاضطلاع بدور بارز على الصعيد السياسي الوطني يعني ،أيضا، أن نائبة الرئيس المقبلة ستتلقى قريبًا تهديدات بالقتل في بلد يشتهر بقتل نشطاء حقوق الإنسان.

ففي عام 2021 وحده قُتِل 138 منهم في كولومبيا وفقًا لمنظمة "فرونت لاين ديفندرز" غير الحكومية، وهذا العدد يمثل ثلث عمليات القتل المسجلة في جميع أنحاء العالم في ذلك العام.

وقد نجت ماركيز بأعجوبة في عام 2019، عندما اقتحم مسلحون اجتماعا كانت تشارك فيه في مدينة سانتاندير دي كويليتشاو في كاوكا.

وبسبب ذلك الحادث أصبحت أكثر عزمًا على النضال من أجل العدالة، فقد أعلنت ترشحها للرئاسة في أبريل/ نيسان 2021 واكتسبت حملتها زخمًا كافيًا لتحل في المركز الثاني في الانتخابات التمهيدية لتحالف "ميثاق التاريخ" الذي يضم الأحزاب اليسارية.

وكان الفائز الأول هو المقاتل السابق في صفوف "فارك" جوستافو بيترو الذي دعا ماركيز فورًا للترشح إلى جانبه لمنصب نائب الرئيس.

وتقول ماركيز: "الرسالة التي أحملها أنا وجوستافو بترو هي الدعوة إلى توافق وطني كبير يضع أسسًا متينة لأولوية السير قُدمًا في السلام والمصالحة والعدالة الاجتماعية".

واليوم تقف ماركيز والرئيس جوستافو بترو أمام اختبار الوفاء بالوعود المقطوعة للكولومبيين المحرومين والمهمشين الذين وصفتهم ماركيز في خطابات حملتها، بالأشخاص الذين لا وجود لهم في الحياة الاجتماعية في البلاد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com