المغرب .. "مدونة الأسرة" تفتح نقاشا واسعا بعد دعوة الملك لمراجعتها
المغرب .. "مدونة الأسرة" تفتح نقاشا واسعا بعد دعوة الملك لمراجعتهاالمغرب .. "مدونة الأسرة" تفتح نقاشا واسعا بعد دعوة الملك لمراجعتها

المغرب .. "مدونة الأسرة" تفتح نقاشا واسعا بعد دعوة الملك لمراجعتها

فتح خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الـ23 لتربعه على العرش، نقاشا واسعا في المجتمع المغربي بشأن تعديل "مدونة الأسرة" في المملكة.

وكانت المدونة (قانون الأسرة) محط انتقادات واسعة طوال السنوات الماضية.

ودعا ملك البلاد في "خطاب العرش"، يوم السبت الماضي، إلى "تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها مدونة الأسرة، ومراجعة بعض بنودها، لتكريس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات".

وزاد: "بصفتي أمير المؤمنين، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لا سيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية".

ووصفت وجوه حقوقية في البلاد دعوة الملك محمد السادس إلى مراجعة "مدونة الأسرة" بالمنعطف الجديد في تعزيز مكتسبات المرأة المغربية.

بينما رأى التيار المحافظ في المغرب أن "تشبث الملك بالنصوص القرآنية القطعية في مراجعة هذه المدونة من شأنه أن يقطع الطريق أمام بعض الجمعيات النسائية التي تنادي بـ"شرعنة المحرمات" تحت غطاء المساواة واحترام حقوق الإنسان".

قطع الطريق أمام "الحداثيين"

وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس "الجمعية المغربية للسلام والبلاغ" وأحد رموز السلفية في البلاد، الشيخ محمد الفيزازي، أن "العاهل المغربي شدد في خطابه على ضرورة تمتع المرأة المغربية بكافة حقوقها وأقرّ بضرورة معالجة أعطاب مدونة الأسرة".

وأكد الفيزازي أن "هذه المدونة ليست وحيا من السماء وتحيينها كلما تطلب الأمر سيساعد الأسرة المغربية على التكيف مع المتغيرات".

ورأى في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الهدف الأسمى الذي يصبو إليه الملك هو أن يرى المرأة في مملكته متمتعة بحقوقها، وأن لا تكون منتقصة أو تشعر بالتحقير أو التبخيس".

وفي سياق آخر، اعتبر المتحدث أن ملك البلاد "أخرس أصحاب الفكر المتطرف ومن ينادون بضرورة تعديل مدونة الأسرة لشرعنة الزنا تحت مسمى العلاقات الرضائية، أو من يريد منع وتجريم تعدد الزوجات".

"وكذلك السعي إلى تحقيق المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، وغيرها من النقاط التي حسمها القرآن"، وفق المصدر نفسه.

ولفت إلى أن الملك شدد في خطابه على أنه "لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله".

وزاد الفيزازي: "الملك أراد من خلال هذا المحور الذي استهل به خطابه أن يعطي للمرأة المغربية ما تستحقه في ظل التطورات الحاصلة في المجتمع، كما حرص على أن لا يُبقي الباب مفتوحاً أمام التأويل باسم الحرية الفردية".

ودعا رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ "الجمعيات النسائية وبعض الوجوه السياسية والحقوقية في البلاد إلى أن تحترم الملك".

وشدد على أن "مدونة الأسرة تتضمن بعض الأشياء التي وجب تحيينها دون التطاول على شرع الله".

وأشار إلى أن المدونة "ليست وحيا بل هي مجموعة اجتهادات من علماء مغاربة".

وبين أن المجتمع "يتغير ولهذا وجب تدارك بعض النقائص وإضافة بعض المحسنات إليها لبناء أسرة طبيعية".

الاجتهاد ضرورة

من جهتها، أكدت رئيسة المؤسسة الأورومتوسطية للنساء والرئيسة الشرفية لفيدرالية رابطة حقوق النساء في المغرب، فوزية عسولي، أن
"خطاب العرش جاء حاملا لرسالة تُرسّخ للمساواة بين الرجل والمرأة".

وقالت عسولي في تصريح لـ"إرم نيوز"، إنها "تثمن رغبة الملك في النهوض بأوضاع المرأة المغربية من خلال مراجعة مدونة الأسرة".

وزادت: "هي إرادة ملكية لإبراز الدور الهام لمكانة المرأة في النسيج المجتمعي المغربي باعتبارها لبنة أساسية في التقدم".

وشددت على أنه في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع المغربي خلال السنوات الماضية، فقد أظهرت "مدونة الأسرة" بعض النقائص، خاصة أن الكثير من النساء يعانين التمييز.

ولفتت إلى أن "الخطاب استحضر روح وفلسفة دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين الجنسين".

وفي ردها على التيار المحافظ - الذي يرفض تمرير بنود جديدة ضمن "مدونة الأسرة" تتخالف مع النصوص القرآنية- أكدت عسولي أن الملك محمد السادس نصّ على الاجتهاد والمقاصد.

وتابعت: "البعض يريد أن يتشبث بقراءة معينة".

وحيال ذلك، استطردت رئيسة المؤسسة الأورومتوسطية للنساء، أن "الهدف الأسمى هو رفع الضرر عن المرأة، ولهذا على العلماء الذين سيقومون بمراجعة بعض بنود المدونة أن يكونوا ملمين بنبض المجتمع".

وشددت المتحدثة على أن المملكة "تتبع المذهب المالكي والذي يؤكد على أنه أينما كانت المصلحة فهناك شرع الله"، وفق تعبيرها.

نافذة الاجتهاد ومقاصد الشريعة

بدوره، قال الكاتب والباحث المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، إن "الخطاب فيما يتعلق بمطالب تعديل مدونة الأسرة كان صريحا؛ أنه لن يحل حراما ولن يحرم حلالا خصوصا ما يتعلق بما هو قطعي في القرآن".

وأضاف الكنبوري أن الخطاب "ترك نافذة للاجتهاد؛ من خلال إشارته إلى مقاصد الشريعة".

وتابع في تدوينة نشرها عبر "الفيسبوك" أن "مقاصد الشريعة واسعة ولا توجد لها مرجعية واضحة مجمع عليها؛ وهي اليوم مطلب اليسار واليمين والوسط؛ غير أنه في ما يتعلق ببلادنا؛ فإن مؤسسة إمارة المؤمنين تظل مرجعية حاكمة كسلطة لها دور تحكيمي".

وزاد: "التيار الفرانكوفوني يرفع منذ مدة طويلة مطلب تعديل مدونة الأسرة. إنه لا ينظر إلى عيوبها ولا إلى انتشار الطلاق بشكل مرعب في المغرب؛ بحيث تحول الزواج من مؤسسة إلى صفقة؛ بل ينظر إلى ما بقي فيها من الثوابت الشرعية للإجهاز عليه".

وكان ملك المغرب قد دعا في "خطاب العرش" إلى تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها تجربة "مدونة الأسرة".

ودعا إلى مراجعة بعض بنودها، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية.

واعتبر الملك أن المدونة "تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال".

وبين أنه "حرص منذ اعتلائه العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com