بايدن يقول إنه طلب من إسرائيل عدم استهداف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة
رأى خبراء سياسيون أن الموقف الذي كشف عنه المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، قبيل عقد قمة جدة العربية الأمريكية، يمثل تناغما مع موقف السعودية الراغبة في نزع فتيل التوترات في المنطقة.
وكان قرقاش قال الجمعة الماضي، إن الإمارات "لن تكون جزءا من محور ضد إيران"، مؤكدا "انفتاحها على كل ما يحميها دون أن يستهدف دولة ثالثة"، الأمر الذي وصفه الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد خلفان الصوافي بأنه "لا يناقض توجهات السعودية وسياساتها نحو التهديد الإيراني".
تنسيق مشترك
وأكد الصوافي، في حديث خاص لـ"إرم نيوز"، أن "سياسة الإمارات متضامنة مع السعودية في كل المجالات، وبينهما تنسيق لمصلحة منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما".
وبين الكاتب الإماراتي أن "هناك خطوات عملية وملموسة في التنسيق بين البلدين"، مضيفا "نستطيع القول إن هناك مفاوضات سعودية إيرانية بوساطة عراقية، بل هناك حديث عن احتمال عقد اجتماع بين وزيري خارجية البلدين".
وفي الوقت نفسه أوضح الصوافي أن "الحقيقة المعروفة لدى الجميع هي أن إيران دولة مستفزة سياسيا بتدخلاتها في الشؤون الخليجية والعربية، كما أن ملفها النووي مزعج ويثير القلق في استقرار المنطقة".
وزاد بالقول: "لكن هناك نقطتان علينا وضعهما في الاعتبار، الأولى أن سياسات إيران مضرة لنفسها قبل الدول الخليجية، فهي تخسر أصدقاء في وقت الكل يبحث عن شراكات عالمية".
وأوضح أن "النقطة الثانية هي أن الإمارات تعتبر أن الحوار هو الحل بالنسبة لها، على غرار الحوار الذي يدور بين السعودية وإيران بوساطة دولة العراق"، معتبرا أن "الحوار أنسب طريقة لمعالجة الخلافات والأزمات، إلا أن هناك خطوطا حمراء تدركها إيران، فلا يوجد من يقبل المساس بسيادة الدول".
ونوه إلى أن "السمة العامة للدبلوماسية الإماراتية هي الشفافية"، وأن "الإعلان الإماراتي خرج بعد التشاور بين الشركاء".
وأشار إلى أن الإمارات "أرسلت مستشار الأمن الوطني في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى إيران، كما أنها أعلنت عن مبادئها العشرة للخمسين سنة المقبلة، والقائمة على توظيف السياسة لخدمة التنمية الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب علاقات متميزة مع جيرانها، وإيران جارة كبيرة في الإقليم".
سياسة تكاملية
في السياق، لفت المحلل السياسي فيصل الزعابي إلى أن "سياسة الإمارات كانت دائما بعيدة عن النمط الصدامي أو التصعيدي، وهو ما كان ولا يزال يميز السياسة الإماراتية في تعاطيها مع مختلف القضايا في المضي نحو الحل السلمي والسياسي المبني على احترام الجيرة والشراكات البناءة".
وأضاف: "لذلك فإن الموقف الإماراتي الحالي موقف غير مستغرب وغير جديد في التعاطي مع خطر إيران على المنطقة وسياستها العدائية".
وأشار الزعابي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "سياسة دولة الإمارات هي سياسة تكاملية وتضامنية مع المملكة العربية السعودية والدول الخليجية والعربية، ولا يخفى على أحد التنسيق التام بين البلدين فيما يتعلق بالملفات السياسية في المنطقة".
وأكد أن "عدم الاصطفاف في محور ضد آخر، سياسة رأيناها بوضوح في الأزمة ما بين روسيا من جانب والدول الأوروبية وأمريكا من جانب آخر، وقد التزمت بهذه السياسة دول الخليج، لذا فالموقف الإماراتي أيضا ليس موقفا مغايرا عن الموقف الذي تبنته السعودية".
وشدد الزعابي على أن "التنسيق السعودي الإماراتي بلغ أعلى مستوياته، وأن القيادة في دولة الإمارات على ثقة تامة بالقرارات التي ستصدر من المملكة العربية السعودية، بأنها قرارات صحيحة تحقق مصالح دول الخليج والعالم العربي".
احترام متبادل
من جهته، أكد المحلل والخبير الاقتصادي الدكتور علي أحمد الحوسني، أن "نهج دولة الإمارات في علاقاتها يقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، والإمارات منذ البدايات بادرت بفتح جميع بوابات الحوار والتلاقي والبحث عن حلول للمشكلات بالطرق الدبلوماسية على أمل حل المشكلات العالقة بين الجانبين".
وشدد الحوسني على أن "الإمارات لم تؤسس سياساتها على مبدأ المحاور والتكتلات، ولم تسعَ يومًا للتحزب نحو جهة ضد أخرى".
وأضاف: "تحرص الإمارات على علاقات متوازنة.. وشكلت على مدى تاريخها منبرا للسلام والتصالح وردم الفجوة بين الدول، وضمن هذا الإطار لم تكن الإمارات ولن تكون جزءا من أي محاور على الصعيد الإقليمي ولا على الصعيد العالمي".
ولفت الحوسني إلى أنه "لا غرابة إطلاقا من مبادرة الإمارات لبناء علاقات متوازنة مع جمهورية إيران، لأن هناك دائما مسارات مختلفة قد توصل إلى حلول أكثر نفعاً وتحقيقا لمصالح المنطقة".
وأكد في الوقت ذاته أن الإمارات "شأنها شأن الدول الرافضة لسباق التسلح النووي، تحرص على مواجهة أي نوع من السياسات التي تهدد سلام وأمن شعوب المنطقة والعالم".
وأكد الحوسني أن "السعودية دولة شقيقة، وأن الإمارات كانت وستبقى داعمة ومساندة لجميع التوجهات والسياسات التي من شأنها حماية أمن السعودية واستقرارها وأمن الخليج".
وبين أن "اتفاقات الرياض وواشنطن خلال قمة جدة للأمن والتنمية، ستكون داعمة لسلام المنطقة وازدهارها، وأن الإمارات ستعزز هذه الاتفاقيات وتدعمها لإيمانها بوحدة الخليج العربي ووحدة مصالحه".
توازن
بدوره، بين الباحث في الشأن السياسي علي ليتيم، أن "ما تحدث به الدكتور أنور قرقاش يعكس السياسة المتجذرة لدولة الإمارات في علاقاتها مع الدول، حيث أن سياستها دائما ما تقوم على التوازن السياسي والدبلوماسي".
واعتبر ليتيم في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه "بالرغم من السلوك الإيراني السلبي في المنطقة، إلا أن التزام الإمارات الدائم على نهجها يعكس شراكتها الداعمة للاستقرار والازدهار، مستخدمة السلام والتنمية كأداة صادقة لتحقيق ذلك".
وشدد على أن "الموقف الإماراتي من إيران يتوافق بشكل عميق مع سياسة مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسه الحليف الشقيق السعودية التي تهدف دائما إلى بناء العلاقات ومد جسور التواصل مع جميع الدول".
وأضاف: "على إيران أن تقابل هذا النهج بنهج مماثل يساعد في تحقيق السلام والاستقرار للمنطقة، ومن المهم الابتعاد عن التصادم بين الدول، لأن ذلك ليس في صالح أمن واستقرار المنطقة".
ولفت ليتيم في ختام حديثه إلى أن "لغة الدبلوماسية والتوازن السياسي لا تزال هي الرهان الأفضل لمستقبل المنطقة ولدرء الخلافات"، مبينا أن "هذا ما أكد عليه البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية".