تدخل القضاء والانسداد السياسي يؤججان معركة النفط بين بغداد وأربيل
تدخل القضاء والانسداد السياسي يؤججان معركة النفط بين بغداد وأربيلتدخل القضاء والانسداد السياسي يؤججان معركة النفط بين بغداد وأربيل

تدخل القضاء والانسداد السياسي يؤججان معركة النفط بين بغداد وأربيل

يسعى وفد من إقليم كردستان العراق، وصل بغداد أخيرا، إلى تضييق هوة الخلاف مع الحكومة الاتحادية من أجل التوصل إلى تفاهمات بشأن ملف النفط والغاز، الذي أجج الخلافات بين الطرفين خاصة بعد تدخل القضاء في الملف، وفي ضوء الأزمة السياسية الحالية التي يعيشها العراق.

وأجج الانسداد السياسي الذي يعانيه العراق منذ الانتخابات النيابية التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الخلافات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان بشأن ملف النفط والغاز، فيما أرسلت أربيل وفدا لبغداد في محاولة للتوصل الى صيغ وتفاهمات مشتركة.

ومن ضمن القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العراقية خلال الأشهر الماضية، هو عدم دستورية تصدير إقليم كردستان نفطه بمعزل عن وزارة النفط؛ ما تسبب بغضب واسع في الإقليم، فيما رفضت القيادات السياسية هذا القرار، وصولا إلى القضاء الكردي، الذي طعن بدستورية المحكمة الاتحادية في بغداد.

وإذا كانت الخلافات السابقة، انحصرت في السجال السياسي، والمفاوضات الدائمة بين وفود من الحكومة الاتحادية، ونظيرتها في إقليم كردستان، فإن دخول القضاء على خط الأزمة أضفى تعقيدات أخرى على الأزمة بين الجانبين.

وفد كردي

وفي آخر مساعي حل الأمر بين الجانبين، وصل وفد من حكومة إقليم كردستان إلى العاصمة بغداد، يوم أمس الإثنين، لإجراء مفاوضات بين الطرفين، خاصة بعد الإجراءات الصعبة التي اتخذتها بغداد تجاه الشركات النفطية العاملة هناك، مثل: الطلب منها توقيع عقود جديدة معها، وعدم الاعتراف بالعقود الموقعة مع إقليم كردستان.

وبحسب بيان لحكومة الإقليم فإن "وفدا كرديا وصل إلى العاصمة بغداد، من أجل مواصلة المباحثات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية لضمان الحقوق الدستورية لشعب إقليم كردستان".

وأضاف البيان أن "الوفد يتألف من وزير الإقليم لشؤون التفاوض مع الحكومة الاتحادية خالد شواني، ورئيس ديوان مجلس الوزراء أوميد صباح، ورئيس مكتب التنسيق في حكومة الإقليم عبد الحكيم خسرو، ورئيس مجلس المراقبة المالية خالد هادي شوشلي".

وكانت المحكمة الاتحادية العليا - أعلى سلطة قضائية في العراق – قضت في الـ15 من شباط الماضي، بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان المقر عام 2007، وإلغائه، وإلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى التي قامت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة كردستان باستخراج النفط منها، إلى الحكومة الاتحادية والمتمثلة بوزارة النفط الاتحادية.

وعلى إثر تلك القرارات، تعرضت المحكمة الاتحادية العليا، السبت الماضي، إلى انتقادات حادة من قبل قضاء إقليم كردستان، طاعنا بشرعيتها الدستورية، وواصفا إياها بأنها لا سلطة لها لإلغاء هذا القانون.

وقال مجلس القضاء في الإقليم إن "المحكمة الاتحادية لا تملك صلاحية دستورية للقيام بذلك، لأنها لم تتأسس وفقا للمادة الـ92 الفقرة (الثانية) من الدستور الاتحادي"، مضيفا أن "قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان سيظل ساري المفعول".

دعوات لحياد القضاء

وأثار تدخل القضاء في الإقليم، وأيضا المحكمة الاتحادية العراقية، بشأن الملف النفطي، انتقادات واسعة، بداعي أن على الجهات القضائية التزام الحياد، وعدم الانغماس في السجال السياسي، ومراعاة الظروف المحيطة عند إصدار الأحكام.

وقال قاض متقاعد، رفض الكشف عن اسمه، إن "تدخل القضاء في الشأن السياسي، وإصدار أحكام بصبغة سياسية، يمثلان ابتعادا عن روح المهمة المناطة به، وهي إحقاق العدالة، كما يؤشر هذا التدخل على عهد قضائي جديد مرتبك ومنحاز في بعض قراراته، وهو ما سيضعف النظام بشكل عام، وحتى العملية السياسية".

ويرى القاضي خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن "على الكتل السياسية في الإقليم وبغداد، حل الخلافات بالجلوس إلى طاولة الحوار، ورفض التدخل القضائي في هذا الأمر، إلا بما يستدعي إصدار أحكام قضائية واقعية، دون الجنوح نحو تراشق البيانات، وتبادل الاتهامات بعدم الشرعية".

وتسعى أربيل حاليا إلى تأجيل الدعاوى المقامة من قبل وزارة النفط الاتحادية ضد الشركات العاملة هناك.

ويوم أمس الإثنين، قالت وسائل إعلام كردية إن محكمة تحقيق أربيل طالبت بتأجيل دعاوى رفعها وزير النفط الاتحادي إحسان عبدالجبار، ضد شركات عاملة في الإقليم.

ونقلت تلك الوسائل عن مصدر، في وزارة الثروات الطبيعية أن "محكمة تحقيق أربيل أكدت وجوب تأجيل عدد من الدعاوى المدنية التي رفعها وزير النفط الاتحادي على شركات النفط والغاز العالمية (IOCs) العاملة في إقليم كردستان".

قانون النفط والغاز

وكانت العلاقة بين أربيل والمحكمة الاتحادية العليا توترت منذ إصدار الأخيرة حكما باستبعاد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، من سباق الترشيح على منصب رئاسة الجمهورية في فبراير الماضي، على خلفية اتهامه بملفات فساد.

وفي هذا الشأن يرى القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، غازي فيصل كاكائي، أن "حل الخلافات بين حكومتي الإقليم والاتحادية، يجب أن يكون عبر الحوار، وأن يحتكم الطرفان إلى الدستور، إذ تنص المادة (111) على أن جميع النفط والثروات ملك للشعب العراقي".

وأضاف كاكائي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "دون تشريع قانون النفط والغاز (في البرلمان الاتحادي) ستكون هناك حلول آنية وترقيعية لن تفضي لحل جذري، والأفضل هو إيجاد حلول طويلة الأمد بتشريع قانون النفط والغاز لحل الخلافات بين أربيل وبغداد، وتجاوز التحديات معا، فالاتحاد الوطني يرى أن العمق الإستراتيجي لأربيل هو بغداد، وقوة حكومة بغداد تنعكس إيجابا على أربيل، والعكس كذلك".

والخلاف بين بغداد وأربيل قديم ويعود إلى ما قبل عام 2007، لكن مساره القانوني بدأ عام 2012، استنادا إلى شكوى قُدمت إلى المحكمة الاتحادية العليا التي تأخرت في البت بها بسبب التطورات الأمنية والخلافات السياسية، حتى أصدرت حكمها في الـ15 من فبراير/ شباط الماضي.

وبدأ إقليم كردستان في بيع نفطه بمعزل عن الحكومة الاتحادية، بعد أزمة مالية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط خلال اجتياح تنظيم داعش لمناطق في العراق عام 2014، بالإضافة إلى الخلافات مع بغداد التي دفعت الأخيرة لإيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم.

وتقول بغداد إن شركتها الوطنية للنفط "سومو" هي الجهة الوحيدة المخول لها بيع النفط الخام العراقي، لكن كل جانب يزعم أن الدستور في صفه، وهذا يعود إلى أن قانون النفط والغاز العراقي بقي محبوسا في مرحلة الصياغة بسبب الخلافات السياسية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com