خبراء: إعادة بناء الجيش أولى متطلبات المرحلة الانتقالية في اليمن
خبراء: إعادة بناء الجيش أولى متطلبات المرحلة الانتقالية في اليمنخبراء: إعادة بناء الجيش أولى متطلبات المرحلة الانتقالية في اليمن

خبراء: إعادة بناء الجيش أولى متطلبات المرحلة الانتقالية في اليمن

تبرز المؤسسة العسكرية اليمنية، كواحدة من بين أولويات التصحيح المطلوبة بشكل عاجل، خلال المرحلة الاستثنائية التي دخلها اليمن منذ أيام، بعد إعلان الرئيس السابق، عبدربه منصور هادي، إنشاء مجلس قيادة رئاسي، تنقل إليه السلطة، برئاسة رشاد العليمي، وعضوية 7 أعضاء من مختلف المكونات السياسية، "لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية".

وعلى مدى العقود الماضية، بقيت عقيدة الجيش اليمني، خاضعة لرأس النظام، بعيدًا عن هويته الوطنية، على الرغم من قوته التي جعلته من حيث التسلّح في المركز الخامس عربيًا، عام 2013، وهو ما أدى لتصدعه وتعدد ولاءاته، عقب الإطاحة بالرئيس الراحل، علي عبدالله صالح، ثم انهياره وتشظية بشكل متسارع مع سيطرة ميليشيات الحوثيين على أجزاء واسعة من البلاد.

ومع ارتباط الإصلاحات السياسية بالمعالجات الفورية على الصعيدين العسكري والأمني، يبدو الجيش اليمني أكثر حاجة لعملية إعادة البناء وتأهيل على أسس مؤسسية صحيحة ومدروسة، نظرًا لطبيعة المرحلة التي تمرّ بها البلاد، وبقاء الخيار العسكري، كخيار ثان لمجلس القيادة الرئاسي، في حال فشل أولوية السلام مع مليشيات الحوثيين.

مؤسسة مشتتة

وقال خبير الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، علي الذهب، إن المؤسسة العسكرية اليمنية – كمؤسسة – هي ليست موجود حتى نظريًا، لأن أجهزتها أو هيئاتها وبنائها الهيكلي، "لا تزال غير مكتملة القوام البشري، وليس لها وجود محدد على الأرض، وهي قوات مشتتة، بين قوات مندرجة ضمن هيكل وزير الدفاع وقوات أخرى تعمل بشكل مستقل".

وأشار الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "إعادة بناء الجيش وتأهيله في الوقت الراهن، يجب أن تكون إحدى أولويات التصحيح في أجندة مجلس القيادة الرئاسي، إلى جانب الأولوية السياسية والأمنية، حسب بيان التفويض لمجلس القيادة الرئاسي".

ورأى أن القوات المسلحة اليمنية، بحاجة إعادة بناء تنظيمي وبشري ومادي، يشمل النظريات والإستراتيجيات والتأهيل وما إلى ذلك، "لتكون مؤسسة محترفة مهنيًا بعيدة عن الصراعات السياسية، لا تتنازعها الهويات الضيقة".

وقال الذهب، إن الدستور لا يزال هو المحدد الواضح والساري، إلى جانب وجود اتفاق الرياض - الموقع في العام 2019، بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي - وقد حدد موضوع وآلية دمج الوحدات، فضلًا عن كون القادة الحاليين لمجلس القيادة الرئاسي، هم قادة الوحدات العسكرية المتعددة، "وبالتالي، فإنهم يدركون مسؤولية وأهمية هذا الدمج، ولم تعد هناك تخوفات في هذا الخصوص، لأن هؤلاء أصبحوا هم الحاكمين".

السيطرة الحزبية

من ناحيته، اعتبر عضو المشاورات اليمنية في الرياض، رئيس تحرير صحيفة "الشارع"، نائف حسان، أن أبرز مشاكل الجيش اليمني خلال السنوات الأخيرة، هي "خضوعه للسيطرة الحزبية، وافتقاده للتنظيم والبناء والتسليح اللازم".

ولفت في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه بالإمكان "إصلاح الجيش بالتدريج، من خلال إدماج جميع القوات في وزارة الدفاع بشكل تدريجي، كي لا يتحول ذلك إلى نقطة خلاف قد تؤدي إلى فشل مجلس القيادة الرئاسي، كما يجب البدء حاليا بتنظيمه وتأهيل أفراده، وتزويده بالأسلحة اللازمة، وضم إليه الضباط والجنود الذين تم تسريحهم والتخلص منهم خلال السنوات الماضية لأسباب حزبية وسياسية، للبدء في الدفاع عن مأرب وتحرير بقية المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي".

وقال إن الحوثيين "لم يلتزموا بالهدنة، لهذا فالضرورة تقتضي تعيين محافظ مأرب، بشكل عاجل وسريع، وتجهيز قوة عسكرية للدفاع عن مأرب وتحريرها بالكامل.. ضروري تتحقق انتصارات وتحدث تغييرات حقيقية وملموسة اقتصادية وعسكرية كي يطمئن الناس ويدركون أهمية التغيير الذي حدث في الرئاسة، ويثقون بالحكومة".



وأشار حسان إلى أن أهم الأولويات الحالية، تتمثل في "إعادة ترتيب وضع الجيش، وتعيين قادة عسكريين مؤهلين لقيادته، بالتزامن مع إصلاح الوضع الاقتصادي وتحسين الخدمات، خاصة في عدن؛ يجب أن يشعر الناس بحدوث فارق، بعد نقل الرئيس هادي صلاحياته لمجلس القيادة الرئاسي".

تغييرات جذرية

وبدأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أولى مهامه يوم الجمعة، باتصال هاتفي، أجراه مع رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن، صغير بن عزيز، أكد فيه على ضرورة بناء الجيش اليمني، وفق أسس عملية ووطنية صحيحة، بعيدًا عن المحسوبية والولاءات الضيقة، من أجل تجسيد روح الوطن الواحد في كل وحدة عسكرية.

وقال المحلل العسكري، العميد، محمد جوّاس، إن مؤسستي الجيش والأمن، تحتاجان إلى عملية كبيرة من المعالجات التي تحقق تغييرات جذرية، عموديًا وأفقيًا، وتصنع قيادات جديدة تمثّل منهاجًا سياسيًا جديدًا، "وهو أمر تفرضه تحديات الواقع ومتطلباته، وأحد أهم مرتكزات البناء في المؤسسة العسكرية، يكمن في خلق عقيدة وطنية قتالية، ولن يتحقق ذلك إلا بمشروع سياسي واضح يقبله الجميع، مشروع يؤسس لإستراتيجية عسكرية، ولا يمكن أن يحدث هذا الأمر إلا بقيادة تتعامل بمصداقية ووضوح في مشروعها السياسي تجاه الآخرين، وتلك المصداقية تجعلها تمتلك المقومات في تحقيق إصلاحات وتجاوز معوقاتها مهما كانت حجمها".



ورأى جوّاس، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن عملية دمج الوحدات العسكرية في الوقت الحالي، يمكن أن تحدث على مراحل، بشكل يمنع الصدام، "مثلا المرحلة الأولى، توزّع فيها المهام ويعاد فيها التموضع في جغرافيا معينة، تسهم في عملية الدمج وزيادته في القادم، وبالتالي تأتي بعدها مرحلة التدريب وصياغة الوعي، وهكذا تكون الممهدات الأساسية قد صُنعت، ولا يمكن دونها تحقيق شيء".

وبشأن الصعوبات والتحديات التي تواجه عملية إعادة بناء وتأهيل القوات المسلحة اليمنية في الوقت الحالي، عاد خبير الشؤون الإستراتيجية والعسكرية، علي الذهب، ليؤكد أن الحديث عن إعادة بناء مؤسسة عسكرية على مستوى البلاد كلها، أمر مرتبط بإنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل في اليمن، لكن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الحالية المعترف بها دوليًا، هو التحدي المادي لمواجهة أعباء عملية إعادة البناء.

وأشار الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن التحدي الآخر، هو إعادة دمج مختلف القوات والتشكيلات المسلحة الموجودة على الأرض، والخارجة على منظومة وزير الدفاع، بسبب تعدد اتجاهاتها وعدم التقاء أهدافها، إضافة إلى تحديات الفساد المالي التي تضرب المؤسسة العسكرية، وهو ما يستدعي بأسرع وقت ممكن، كما قال "غربلتها من الفائض الوهمي (القوة الشبحية) التي هي موجودة ضمن كشوف الرواتب، لكنها ليست موجودة على الأرض".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com