لماذا على المستشار الألماني أن يمارس لعبة التوازن؟
لماذا على المستشار الألماني أن يمارس لعبة التوازن؟لماذا على المستشار الألماني أن يمارس لعبة التوازن؟

لماذا على المستشار الألماني أن يمارس لعبة التوازن؟

فاجأ المستشار الألماني، أولاف شولتس، الجميع، بمن فيهم بعض وزرائه في 27 شباط/ فبراير الماضي، عندما أعلن أمام البوندستاغ (البرلمان) أن "بلاده سترفع نفقاتها العسكرية إلى 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل 1,5 ٪ اليوم) وستخصّص صندوقًا خاصًا بقيمة 100 مليار يورو لجيشها".

جاء هذا الإعلان، بعد 3 أيام من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث قال شولتس: "نحن نعيش تغييرًا في العصر"، في إشارة إلى "الانفصال عن السياسة الدفاعية والأمنية التي انتهجتها بلاده منذ نهاية الحرب الباردة"، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أمس الخميس.

وقالت الصحيفة، إن "القطيعة لا تعني المغامرة؛ لأنه إذا كانت ألمانيا مستعدة لتغيير مسارها فهي تعرف أيضًا الحدود التي ينبغي ألّا تتجاوزها".

وأشارت إلى أن هذه المسألة "أوضحها شولتس، يوم الأربعاء الماضي، في خطاب أمام البرلمان، كان الهدف منه قبل كل شيء طمأنة الرأي العام بأن هذه الحرب، التي تجري على بعد ساعتين بالطائرة من برلين، تثير القلق بشكل متزايد".

ورأى التقرير الفرنسي، أنه "على هذا الصعيد أراد أن يكون المستشار واضحًا جدًا، أولاً من خلال فرض معارضة نهائية لأولئك الذين يطالبون بمنطقة حظر طيران أو إرسال بعثة حفظ سلام تابعة للناتو إلى أوكرانيا، كما اقترحت بولندا".

وأكد المستشار الألماني أنه "مهما كانت صعوبة الأمر فإننا لن نستسلم"، واعدا بأن "الناتو لن يكون طرفا في الحرب"، في إشارة إلى "مئات الرسائل والبريد الإلكتروني التي يتلقهاها كل يوم من قبل مواطنين يتساءلون عما إذا كانت هذه الحرب ستصل إلى ديارهم".

لعبة توازن

وذكر التقرير، أن "الالتزام الثاني: لن تتخلى ألمانيا عن إمدادات الغاز والنفط من روسيا على المدى القصير".

وحذر شولتس من أن "القيام بذلك بين عشية وضحاها سيعني إغراق بلادنا وكل أوروبا في الركود". مئات الآلاف من الوظائف ستصبح مهددة، قطاعات صناعية بأكملها ستغرق في ورطة كبيرة".

كان هذا التوضيح متوقعا خاصة من الدوائر الاقتصادية، إذ قال رئيس اتحاد الصناعيين الألمان، سيجفريد روسورم، يوم الأربعاء، إن "الاتحاد الأوروبي ليس مستعدًا لفرض حظر كامل وقصير الأجل على منتجات الطاقة".

وحذر روسورم من أن "مثل هذا الحظر سيعرض للخطر وحدة الاتحاد الأوروبي وقدرته على التصرف سياسيا واقتصاديا".

وقد استوعب المستشار الرسالة فقال: "يجب ألا تضرب العقوبات الدول الأوروبية أكثر من القادة الروس. نحن لا نقدم خدمة لأحد من خلال تعريض جوهر اقتصادنا للخطر"، حسبما أوردت "لوموند".

وذكر روسورم أن "أولاف شولتس يعرف أن عليه أن يلعب دور المشي على الحبل المشدود، أي لعبة التوازن، ويريد أن يثبت لأوكرانيا أيضا أنه يمكنها الاعتماد على مساعدة بلاده".

وفي 17 آذار/مارس الجاري، عندما خاطب الرئيس فولوديمير زيلينسكي "البوندستاغ" انتقده كثيرون - بمن فيهم الأغلبية - لعدم صعوده إلى المنصة للإجابة عليه.

"بعد حين تبين أن ذلك الترف لم يكن جيدًا"، اعترف المستشار الألماني، يوم الأربعاء، بهذا الخطأ في مقابلة مع صحيفة دي تسايت "Die Zeit" الأسبوعية.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أنه "بعد قليل في ذلك اليوم وعدت حكومته أيضًا بتسليم أسلحة جديدة إلى أوكرانيا، في حين أن الأخيرة تلومه على تأخره في تزويدها بالمعدات التي وعد بها منذ بداية الحرب".

ووفقًا للعديد من وسائل الإعلام الألمانية ستكون وزارة الدفاع على استعداد لتسليم حوالي ألفي قاذفة صواريخ إلى مدينة كييف، والتي ستضاف بشكل خاص إلى 2700 صاروخ مضاد للطائرات من نوع ستريلا التي تعهدت برلين بإرسالها إلى أوكرانيا في بداية شهر آذار/ مارس، ولكن تم إرسال خمسمئة منها فقط.

الغالبية لا تزال متماسكة

وأشار التقرير الفرنسي إلى أنه "في الوقت نفسه يجب على المستشار أن يسهر على أغلبيته، سواء تعلق الأمر بالاشتراكيين الديمقراطيين، أو برواد البيئة الذين هم على استعداد لقبول زيادة غير مسبوقة في الإنفاق العسكري".

وأردف: "لكن بشرط عدم التخلي عن الظروف الاجتماعية والمناخية التي حددتها الحكومة أو تعلق الأمر بالليبراليين العالقين بين التزاماتهم بالعودة إلى "كبح الديون" ابتداء من عام 2023 وبين أفق مفاقمة العجز لتمويل صدمة الحرب في أوكرانيا، بعد وباء كوفيد -19".

وقالت "لوموند" إنه "في الوقت الحالي لا تزال الغالبية متماسكة، لكن المناقشات ستكون مكثفة، ولا سيما بشأن تمويل خطة 100 مليار يورو الموعودة للدفاع".

وأشارت إلى "رغبة أولاف شولتس في الواقع هي تكريس هذه الخطة من خلال إدراجها في الدستور، الأمر الذي يتطلب أغلبية الثلثين وبالتالي دعم المحافظين (CDU-CSU)، المعارضين الآن".

ويوم الأربعاء، أعلن زعيمهم، فريدريك ميرز، أنه مستعد للعب اللعبة، لكنه حدد أن أي تصويت تقدمه مجموعته سيكون مشروطًا بتخصيص دقيق للوسائل المخصصة للجيش الدفاعي (البونديسفير)، الأمر الذي قد يؤدي إلى توترات داخل الأغلبية.

"يريد اليسار، في الواقع، تخصيص جزء من هذه الـ100 مليار يورو للإنفاق الأمني ​​الذي ليس ذا طبيعة عسكرية بحتة"، وفق "لوموند".

وقالت إنه "بصرف النظر عن أغلبيته يتعين على أولاف شولتس أن يساير كل الألمان، الذي أضحت معنوياتهم منهارة".

وفقًا لمعهد "Allensbach" فإن " 19٪ منهم فقط يتطلعون إلى الاثني عشر القادمة بتفاؤل".

"ومنذ تأسيس الجمهورية الفيدرالية في العام 1949 لم ينخفض ​​هذا المعدل أبدًا إلى هذا الحد، حتى بعد بداية الحرب الكورية في العام 1950 (27٪)، وبعد أول صدمة نفطية في العام 1973 (30٪)، أو في اليوم التالي للهجمات الإرهابية في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 (31٪)". بحسب تقرير الصحيفة الفرنسية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com