تقرير: النازيون الجدد يحرجون أوكرانيا
تقرير: النازيون الجدد يحرجون أوكرانياتقرير: النازيون الجدد يحرجون أوكرانيا

تقرير: النازيون الجدد يحرجون أوكرانيا

يضخم الرئيس الروسي بوتين اليوم أهميّة كتائب "النازيين" المتطرفة التي برزت بظرف تاريخي معقد ومضطرب لتبرير غزو قوات بلاده لأوكرانيا، وفق تقرير نشرته صحيفة لوبوان الفرنسية.

وقال التقرير إنه على بعد 12 كيلومترًا شمالي مدينة فينيتسا تقع بقايا تاريخ مضطرب، مدفون في وسط غابة صنوبر، بعض الكتل الخرسانية المحطمة، مغطاة بالنباتات وطبقة من الثلج، ومبعثرة في وسط حديقة تطوقها الآن القوات الأوكرانية بسبب الصراع.. فهنا كان أحد الأماكن الرئيسية للنازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وبين أن "ويرولف" Werewolf "غول ذِئْبي"، هو الاسم الرمزي لهذا المجمع القديم المكوّن من 80 شاليهًا وثلاثة ملاجئ، بناها أكثر من 4000 أسير حرب، وكان بمثابة المقر الرئيسي لهتلر على الجبهة الشرقية للحرب.

وأضاف التقرير: "مكث الفوهرر (القائد الزعيم النازي) هناك لأكثر من ثلاثة أشهر في صيف عام 1942، عندما شنّ هجومًا على ستالينجراد، وقد عاد إلى هناك مرّتين أخريين على الأقل قبل عام 1944، وقد دمرّه الجيش الألماني قبل أن يقاتل متراجعًا".

ولفت إلى أن المتحف الذي افتتح في عام 2018 يسرد "احتلال المنطقة والجرائم التي ارتكبها المحتلون الألمان والرومانيون، وكذلك حركة التحرير من قبل الأوكرانيين"، لكن القصة التي تُروَى فيه توضح الموقف الصعب لأوكرانيا في ماضٍ تاريخي معقد.

وأوضح أنه تمّ ذكر "الضحايا المدنيين" للنظام النازي، لكن مصير الجالية اليهودية في فينيتسا، التي كانت هدف المذابح التي ارتكبتها وحدات القتل المتنقلة، والتي شارك فيها سكان المنطقة أيضًا، مُقصاة ومهملة إلى حد كبير.

ويوصف الجيش الأحمر الذي حرّر المنطقة من نير النازية في آذار/ مارس 1944 والذي شارك فيه 500 ألف رجل، وصفًا إيجابيا نسبيًا، على الرغم من الانتهاكات التي ارتكبها هو أيضًا.

في عام 2015 صدر قانون تذكاري لـ "إزالة الآثار السوفييتية" من التاريخ، وحظر القانون أي سرد دفاعي أو تبريري للنظام السوفييتي، وأسماء الشوارع أو العروض المسرحية التي تكرم شخصيات أو أحداثا مرتبطة بتاريخ الشيوعية، وفق التقرير.

ولفت إلى أنه يُعاقَب على عزف نشيد اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية في الأماكن العامة بالسجن مدة تصل إلى خمس سنوات.

وقالت الصحيفة الفرنسية، إن التاريخ ساحة معركة أيضًا.. غالبًا ما تتنافس ذكرى الجرائم الستالينية والجرائم النازية فيما بينها.. فينيتسا هي أيضًا موقع المقبرة الجماعية السوفييتية الأكثر شهرة في أوكرانيا، وهي المعادل البولندي لكاتين.

وأوضحت أنه من الناحية النظرية يعاقب القانون أي شكل من أشكال الدعاية النازية، لكن من الناحية العملية تجد أوكرانيا صعوبة بالغة في تبديد أي غموض بشأن هذه القضايا، وهناك قانون آخر يقترح ضمان "شرف وذكرى المحاربين من أجل استقلال أوكرانيا في القرن العشرين" ومنحهم وضعًا قانونيًا.

المنطقة الرمادية من التاريخ

وأكدت "لوبوان" أن المعنيين في هذا السياق، هُم أعضاء جيش التمرد الأوكراني (UPA) المثير للجدل، الذي واجه الجيش الأحمر، والذي قبل محاربته كان قد تعاون مع النازيين، وارتكب المذابح في حق البولنديين واليهود على الخصوص.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المنطقة الرمادية من التاريخ الأوكراني تتيح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبرير غزوه بهدف "تخليص البلاد من الآثار النازية".

وقالت الصحيفة: "لقد تكرر المبرر مرات ومرات منذ بداية الصراع. الرئيس الروسي يلعب على هذا التراث وعلى تفسير ثنائي للتاريخ. في كييف يُنظر إلى الغزو الروسي على نطاق واسع على أنه تذكير بالإمبريالية السوفييتية".

هكذا حَيَّا فلاديمير بوتين جنوده، يوم الخميس 3 آذار/ مارس، على "حربهم الثمينة ضد النازيين الجدد" و "على حماية ضحايا الإبادة الجماعية من جانب كييف"، وفق التقرير.

ولفت إلى التلفزيون الروسي حيث "تؤكد القنوات أن حافلات مليئة بالنازيين الجدد الأوكرانيين تصل إلى دونباس لإبادة السكان المتحدثين باللغة الروسية"، وفق قول الأستاذة المحاضرة في جامعة باريس، نانتير كولين ليبيديف.

ووصف إيمانويل ماكرون هذا التفسير بأنه "قراءة مراجعة لتاريخ أوروبا".

وخلال واحدة من محادثاته العديدة مع الرئيس الروسي، تحدى الرئيس الفرنسي بوتين حول هذه المسألة، وقال له عبر الهاتف: "أنت تخترع لنفسك حكايا".

فزاعة "آزوف"

هذه الرؤية التاريخية الروسية المبتورة تُغذيها إلى حد كبير حجة لا يمكن دحضها.. إن وجود كتائب متطرفة داخل القوات المسلحة الأوكرانية أمر حقيقي لا شك فيه.. تضم المجموعات، مثل "عيدار" (Aidar) أو القطاع الصحيح، العديد من القوميين الذين تعتبر أيديولوجيتهم راديكالية بشكل علني، وفق "لوبوان" الفرنسية.

وقالت الصحيفة إن أفراد قوات الدفاع الإقليمية وجنود الاحتياط في الجيش الأوكراني، يستعرضون أحيانًا رموزًا مشكوكًا فيها، مثل صورة ستيبان بانديرا، زعيم جيش التمرد الأوكراني Ukrainian Insurgent Army) (UPA)).

وكان أحد المتطوعين تم الالتقاء به أثناء تدريب في كييف يرتدي بفخر نقش "Adolf" على زيه العسكري.

ولتعقيد الوضع أكثر، تم تمويل العديد من هذه الجماعات من قبل الأوليغارشي الأوكراني-الإسرائيلي-القبرصي المثير للجدل، إيغور كولومويسكي، وهو شخصية بارزة في المجتمع اليهودي الأوكراني.

وقال التقرير، إنه تم إدماج التشكيل الأكثر إثارة للجدل، وهي كتيبة آزوف، أو مفرزة العمليات الخاصة في آزوف، ضمن الحرس الوطني الأوكراني في عام 2014. وتم بالفعل تسليط الضوء على دور هذه الكتيبة في ثورة ميدان وفي حرب دونباس عام 2014، حتى وإن حاولت كييف التقليل من دورها. ولا شك أن تنظيمها الجيد وضعف الجيش الأوكراني قد حفزا كييف على غض الطرف.. وفي هذا الشأن قال الرئيس السابق بيترو بوروشينكو في عام 2014: "إنهم أفضل مقاتلينا".

وتشير التقديرات إلى أن آزوف تضم اليوم ما بين 2000 و4000 رجل، ولا تزال المجموعة تكافح لإخفاء المعتقدات النازية الجديدة لجزء من أعضائها، لكنهم، وفقًا لضباطها يمثلون أقلية فقط من قوى المجموعة، "10 إلى 20٪، عن قناعة شخصية".

ومع ذلك فالمجموعة تتبنى إلى حد كبير صور ورموز الرايخ الثالث، وأعلام الصليب المعقوف، وتحية هتلر، مستوحاة من فرق Waffen SS الأوكرانية السابقة.

ويرتدي مقاتلون في هذه المجموعة شعار "Wolfsangel" الأصفر والأزرق الذي كان شعار الحزب الفاشي سفوبودا Svoboda الذي أسّسه Andriy Biletsky، والذي كان نائبًا من 2014 إلى 2019، وفق التقرير.

وقال التقرير إنه في عام 2010 قدر هذا الأخير أن الهدف الوطني لأوكرانيا هو "الدفاع عن العرق الأبيض في العالم ضد الأونترمينش الساميين Untermenschen" (أونترمينش كلمة ألمانية وتعني الإنسان الأدنى أو الأجناس الدنيا وجمعها أونترمينشن).. ولدعايتها أعادت الكتيبة أيضًا إنشاء "كاتدرائيات النور" على غرار النازيين في نورمبرج في الثلاثينيات، وهو عرض مسرحي أنشأه في الأصل المهندس المعماري الهتلري ألبرت سبير.

وعرض التقرير مقاتلي آزوف، وهم نشِطون بشكل كبير على جبهة دونباس، إذ تم حشدهم على نطاق واسع منذ 24 شباط/ فبراير حول ميناء ماريوبول، مقره التاريخي المحاصر من قبل الجيش الروسي.. ففي عام 2014 استعادوا السيطرة على مقرهم.

وتتهم موسكو اليوم مقاتلي آزوف بقصف المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا. لكنهم لم يتمكنوا من منع الاستيلاء على ميناء بيرديانسك، الواقع إلى الغرب قليلا، حيث تعرضوا لهزيمة شنعاء.

دور هامشي

على أيّ حال تظل أهميّة وتأثير كتائب النازيين الجدد مبالغًا فيها بشكل كبير من قِبل الدعاية الروسية، وفق "لوبوان".

وتابعت الصحيفة الفرنسية: "من الناحية السياسية ليس لليمين المتطرف في أوكرانيا وزنٌ يذكر. حزب سفوبودا لا يضم سوى عضو واحد فقط، من أصل 450، في البرلمان الأوكراني.. الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وهو نفسه يهودي، أهلِكت عائلته خلال الهولوكوست، رفض بشدة اتهامات السلطة الروسية في اليوم الأول من الغزو الروسي.. وقال في 25 شباط /فبراير : "كيف يمكن أن أكون نازيًا؟ اشرحوا هذا لروح جدي الذي قاتل في الحرب العالمية الثانية لصالح الجيش السوفييتي، والذي مات كعقيد في أوكرانيا المستقلة".

وأكدت أنه على العكس من ذلك، تُقلل موسكو إلى حد كبير من وجود مقاتلين في صفوفها يحملون أفكارا يمينية متطرفة.. وربما يكون وجود مجموعات من النازيين الجدد على الجانب الروسي أهم من عددهم مقارنة مع الجانب الأوكراني.. وخير مثال على ذلك دميتري أوتكين، وهو سبيتسناز (قوات خاصة) سابق مقرب من دوائر النازيين الجدد، ومؤسس شركة فاغنر المرتزقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com