سياسيون سودانيون: اعتقالات أعضاء لجنة "تفكيك نظام البشير" تصفية حسابات
سياسيون سودانيون: اعتقالات أعضاء لجنة "تفكيك نظام البشير" تصفية حساباتسياسيون سودانيون: اعتقالات أعضاء لجنة "تفكيك نظام البشير" تصفية حسابات

سياسيون سودانيون: اعتقالات أعضاء لجنة "تفكيك نظام البشير" تصفية حسابات

استمرت حملة الاعتقالات ضد أعضاء لجنة التفكيك وإزالة تمكين نظام البشير، في السودان، وإيداعهم السجون بتهمة "خيانة الأمانة"، وسط تنامي الاستياء من الإجراءات التي اعتبرها سياسيون محاولة لتصفية الحسابات.

ووصل عدد المعتقلين، حتى اليوم الثلاثاء، 19 معتقلًا، بعضهم قيادات بارزة في المعارضة السودانية، وأعضاء سابقون في حكومة عبدالله حمدوك، التي تم حلها من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلن حالة الطوارئ، بعد خلافات عميقة بين شركاء الحكم "العسكريين والمدنيين".

ومن بين القرارات التي أصدرها البرهان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تجميد عمل "لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران، وإزالة التمكين"، وتشكيل لجنة جديدة "لمراجعة وحصر واستلام الأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين".

وفي السادس من يناير/ شباط الماضي، أعلنت لجنة المراجعة عن شبهات فساد مالي وإداري صاحبت عمل اللجنة المجمدة، مؤكدة استمرار أعمال المراجعة لتحديد التكييف القانوني لنوعية التجاوزات، وتسمية المسؤولين عنها، واتخاذ الإجراءات ضدهم، لتبدأ بعدها حملة الاعتقالات التي طالت حتى الآن 19 شخصًا جميعهم من المدنيين.

وكان آخر المعتقلين، أحد مقرري اللجنة، وقائد حزب التجمع الاتحادي، بابكر فيصل، الذي اقتادته قوة عسكرية، اليوم الثلاثاء، من مدينة بحري لمقر القسم الشمالي للشرطة في الخرطوم.

وذكر التجمع الاتحادي في بيان أنه "تم اعتقال بابكر فيصل، رئيس المكتب التنفيذي للحزب، من بحري/شمبات".

وقال عضو القطاع القانوني بالتجمع الاتحادي، مأمون فاروق، لـ "إرم نيوز" إن "بابكر فيصل، اعتقل بواسطة قوة أمنية مشتركة، ذهبت به للقسم الشمالي بالخرطوم، حيث اتضح أن الاعتقال بسبب بلاغ وزارة المالية المدون ضد أعضاء لجنة إزالة تمكين نظام البشير المحلولة".

وأوضح فاروق، أن "بابكر فيصل كان أحد مقرري لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989"، مضيفًا: "لايزال فيصل موجودًا في قسم الشرطة ولم يتم التحري معه حتى الآن، لكن يتوقع أن يجري تحويله بعد ذلك إلى سجن سوبا حيث بقية المحتجزين".

وأكد فاروق، أن "الحزب سيناهض الإجراءات قانونيًا، وسيقوم بكتابة مذكرة للنائب العام للمطالبة بإطلاق سراحه بالضمان، وفقًا للقانون".

وألقت السلطات، في وقت سابق، القبض على 18 من أعضاء لجنة التفكيك المدنيين أبرزهم عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، ووزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، بجانب وجدي صالح، وطه عثمان إسحق، وآخرين، على ذمة بلاغ دونته وزارة المالية.

وجرى ترحيل جميع أعضاء لجنة التفكيك بعد التحقيق معهم في القسم الشمالي، إلى سجن "سوبا"، جنوب الخرطوم، حيث لا يزالون خلف قضبانه.

تصفية حسابات سياسية

ووصف القيادي بقوى الحرية والتغيير، عبد المطلب الختيم، الإجراءات ضد أعضاء لجنة التفكيك بأنها "تصفية حسابات سياسية" لجهة أنها طالت حتى الآن الأعضاء المدنيين فقط وبالتحديد التابعين لقوى الحرية والتغيير.

وقال في تصريح لـ "إرم نيوز"، إن "اللجنة مشكلة من أعضاء يمثلون 13 مؤسسة حكومية منها الجيش، والأمن، والنيابة العامة، ووزارات العدل، والدفاع، وديوان المراجع العام، لكن قرارات القبض استثنت هؤلاء واقتصرت فقط على المدنيين مع أن مسؤولية قرارات اللجنة تضامنية يتحملها كل الأعضاء وفقًا للقانون".

وأشار إلى أن "جميع المقبوض عليهم في بلاغ واحد ومن دون تحريات تقود إلى المحكمة"، مضيفًا: "يفترض أن تحدد مسؤولية كل شخص، ونوعية المخالفات التي ارتكبها، لكن للأسف بحسب معلوماتي لا توجد أي قضية ولا تحريات، و مازال المراجع العام يوالي أعمال المراجعة لتحديد نوعية المخالفات".

ونوه إلى أن "الإجراءات ضد أعضاء لجنة التفكيك تزيد من غضب الشارع، وتشعل الاحتجاجات ضد السلطات، لأن الجميع يرى أنه لا علاقة لها بالقانون، وأن ما يجري هو مصادرة لقيمة العدالة التي كانت أحد شعارات الثورة السودانية".

وتابع: "للأسف ما يجري هو اعتقال سياسي مغلف بالقانون، سيؤدي إلى تأزيم الأوضاع، ويساهم بحالة عدم الاستقرار السياسي، وهو ما لا يجب أن يحدث لأن البلاد لا تتحمل مزيدًا من الشقاق".

وكانت هيئة الدفاع عن أعضاء لجنة التفكيك، قالت، يوم السبت الماضي، إن البلاغ ذو طابع سياسي وليس له أساس قانوني يقود لتوجيه تهمة مبدئية في مواجهة المعتقلين.

وذكرت أن "لجنة التفكيك هي شخصية اعتبارية كان يفترض أن يتم فتح البلاغ في مواجهة كل أعضاء اللجنة وليس الأعضاء المنتمين للحرية والتغيير فقط".

وأكدت هيئة الدفاع أن النيابة تجاوزت صلاحياتها وسلطاتها، ورفضت للمحامين مقابلة موكليهم المعتقلين في مخالفة واضحة لنص المادة "83" من قانون الإجراءات الجنائية في حق مقابلة المقبوض عليه محاميه وذويه فور إلقاء القبض عليه".

تسميم أجواء الحوار

وظلت الاحتجاجات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين من أعضاء لجنة "التفكيك" تكاد تكون مستمرة، حيث نظمت أسر المعتقلين أكثر من مرة وقفات احتجاجية أمام النيابة العامة للمطالبة بإطلاق سراحهم أو تقديمهم إلى المحكمة، كما ظلت صور المعتقلين حاضرة في مواكب الاحتجاجات التي تنظمها لجان المقاومة السودانية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، خالد الفكي، لـ "إرم نيوز" إن "الاعتقالات ستساهم بتسميم الأجواء، وتعقّد عملية الحوار بين الفرقاء التي يفترض أن تقود إلى توافق ينهي الأزمة السياسية".

وأشار إلى أن حالة حقوق الإنسان في السودان مراقبة الآن دوليًا، بواسطة الخبير المستقل التابع لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، موضحًا أن هذه الاعتقالات قد تجلب على البلاد عقوبات دولية تزيد من عزلة السودان الخارجية.

وأضاف أن "بقاء المعتقلين هكذا في الحراسات لفترات طويلة أمر يخالف القانون الدولي والمحلي ويشي بأن هذه الاعتقالات كيدية، وهذا لا يتسق مع روح وشعارات الثورة خاصة تحقيق العدالة".

ونوه إلى أن "ملابسات الاعتقالات تدل على عدم قانونيتها لجهة أن بعض المعتقلين تجاوزت مدة احتجازهم شهرًا دون أن يقدموا إلى محاكمة أو حتى يسمح لهم بمقابلة محاميهم، ما يدل على الغرض السياسي وراء الاعتقال".

وكانت أسر المعتقلين، قالت في بيان الأسبوع الماضي إن "جميع المعتقلين عرفوا بنزاهة اليد وصلابة الموقف في وجه كل مستبد وظالم، وهم يقبعون بالسجون بتهم باطلة، وتنتهك غالب حقوقهم الأساسية، بعضهم قضى 4 أشهر وغالبهم قضى قرابة الـ 3 أسابيع دون تمكينهم من مقابلة محامين أو أسرهم أو حتى الاتصال لمعرفة أحوالهم".

وفي المقابل قال رئيس فريق مراجعة عمل لجنة التفكيك، عبد الله إسماعيل، خلال مؤتمر صحفي، في فبراير/ شباط الماضي، إن المراجعة أثبتت وجود تجاوزات في عمل اللجنة السابقة منها "إدارة بعض الأموال المستردة في مخالفة للقانون الذي ينص على تسليم المستردات إلى وزارة المالية".

وتشكلت "لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران"، وفقًا للوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، من أجل تفكيك بنية نظام البشير السابق الاقتصادية وإزالة عناصره من مفاصل الدولة.

وتقول "الحرية والتغيير" إن اللجنة سددت ضربات موجعة للشبكات المالية لنظام البشير ورموزه، كما جردت أعدادًا كبيرة من قياداته ومن الأفراد النافذين وأصحاب المصالح المرتبطين به، من الممتلكات والأراضي والشركات التي حازوا عليها دون وجه حق، فضلًا عن استرداد الأموال والاستثمارات التي منحها النظام للحركات التابعة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

ويرى مناصرو لجنة لجنة "التفكيك" أن ما قامت به هو ما جلب عليها غضب مجموعات المصالح التي تضررت من قرارات اللجنة، وأصبحت هدفًا للحملات الإعلامية الموجهة ضدها حتى انتهت بحلها.

وكان مستشار رئيس مجلس السيادة العميد الطاهر أبوهاجة، قال في وقت سابق إن "أعضاء لجنة التفكيك مقبوض عليهم في بلاغ لا يجوز الإفراج عن المتهمين فيه بالضمان العادي، وإنما فقط بإيداع المبالغ محل البلاغ"، ولكن حتى الآن لم تكشف السلطات حجم المبالغ المطلوبة وفق البلاغ.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com