ميركل في مرمى الانتقادات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا
ميركل في مرمى الانتقادات بسبب الغزو الروسي لأوكرانياميركل في مرمى الانتقادات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا

ميركل في مرمى الانتقادات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا

تصاعدت نبرة الانتقادات الحادة من جانب عدد من وسائل الإعلام في كل من النمسا وألمانيا، ضد المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، وذلك على خلفية الهجوم العسكري الواسع الذي تشنه روسيا على أوكرانيا، حيث تتصاعد الاتهامات بحق السياسية المخضرمة بزعم انتهاجها سياسات مهادنة ومتساهلة تجاه موسكو وفلاديمير بوتين مكنت الأخير من تهديد استقرار القارة الأوروبية بأكملها.

وقالت صحيفة "دير شتاندأرد" اليومية النمساوية، الاثنين، إن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ربما يكون لديها فرصة "غير متوقعة وكبيرة" لتصحيح جزء من أخطائها الفادحة التي ارتكبتها طيلة 16 عامًا من حكم ألمانيا في ملف العلاقات الروسية الألمانية، بعدما ثبت أن خطة احتواء موسكو بالحوافز والصفقات الاقتصادية تحولت إلى البطاقة الرابحة في يد بوتين لإخضاع أوروبا.

لعب دور الوسيط

وطرحت دوائر سياسية ودبلوماسية ألمانية وأوروبية خلال الساعات القليلة الماضية فكرة ترؤس ميركل لوفد مفاوضات أممي للوساطة لحل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية بطرق بعيدة عن البارود والرصاص.

وبحسب الصحيفة النمساوية، فإن المعاملة الوحشية المتزايدة للحرب الروسية ضد أوكرانيا تحتم البحث عن حل سياسي للصراع، خاصة أن اتصالات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حتى الآن مع رئيس الكرملين لا تزال تحقق أعلى معدلات الفشل.

وتراهن أصوات غربية على العلاقات الودية التي كانت تجمع ميركل ببوتين كفرصة ذهبية ملائمة قد تخلق بارقة أمل لحل الصراع، خاصة أن كل المعطيات على الأرض تؤكد أنه ربما تكون "الحرب الخاطفة" الروسية قد فشلت بالفعل، لكن بوتين سيفوز على الأرجح في المعركة العسكرية لا محالة، بحسب الصحيفة.

وكانت ميركل نددت مرات عدة على مدار الأيام القليلة الماضية بـ"الهجوم العدائي الروسي ضد أوكرانيا"، وذلك "بأشد العبارات". لكن ذلك لم يمنع من اتهام المستشارة الألمانية، بأنها كانت رأس الحربة الأساسي في السياسة الفاشلة التي اتبعتها برلين حيال روسيا خلال العقدين الماضيين، حيث طالما سوقت ميركل لإمكانية كسب بوتين بالتفاوض والدخول في علاقات تجارية ضخمة معه.

نورد ستريم 2 

ويلوم الأوروبيون ميركل على جعل ألمانيا تعتمد على موسكو في مجال الطاقة وإمدادات الغاز بدرجة متهورة سياسيًا، وكذلك تصوير مشروع نورد ستريم 2  لنقل الغاز الروسي لألمانيا ودون المرور في أراضي بولندا على أنه مشروع تجاري بحت، رغم كل ما يضمه من مظاهر تحكم ونفوذ سياسي واقتصادي كبير لموسكو تجاه برلين.

وقالت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، إنه نتيجة لحرب أوكرانيا، فقد اتضحت فداحة القرارات الرئيسية التي اتخذتها ميركل (CDU)، فقد "كانت ثقتها في قوة العقود الاقتصادية مع موسكو كبيرة للغاية وفي غير محلها".

وتهكم رئيس تحرير تلفزيون تست ديه إف الألمان، بيتر فراي، بأن ميركل استرضت بوتين في العام 2008 برفض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، حيث قدمت ساعتها الأمر باعتباره خطة سلام، بيد أنه قد اتضح اليوم أنه "كان عملا وخيم العاقبة على أوكرانيا".

وطالب فراي "بعدم عقد شراكات مع الدكتاتور الروسي وأمثاله بعد الآن"، على حد قوله.

التكفير عن الخطأ

من جانبها، أشارت صحيفة ميركور الألمانية، إلى أن أقل طريقة للتكفير عن أخطاء ميركل، أن يضمن خليفتها الحالي، أولاف شولتس، أن تكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن نفسها ضد الغزاة الروس بالأسلحة الألمانية.

وقدمت ألمانيا الدعم فعليًا لأوكرانيا بمعدات عسكرية، حيث تم تسليم 1000 سلاح مضاد للدبابات و 500 صاروخ أرض - جو من نوع "ستينجر" رسميا، وسيتبع ذلك 2700 صاروخ مضاد للطائرات من نوع "ستريلا".

ونقلت الصحيفة عن الخبير العسكري إريك فاد، وهو مستشار عسكري سابق لميركل، قوله: "يمكن للصواريخ المضادة للطائرات على وجه الخصوص أن تغير قواعد اللعبة لصالح الأوكرانيين".

وفي تقرير للبرنامج الإذاعي الألماني"دويتشلاند فونك كولتور"، تساءل القائمون عليه: "لماذا لم ترغب السياسة الألمانية الفيدرالية في حقبة ميركل تجاه روسيا الاعتراف بأنها كانت كارثية؟".

وفق التقرير، فإنه منذ عام 2006، حذر الخبراء مرارًا وتكرارًا من بوتين، ومن نظامه الروسي القمعي الداخلي، ومن خطر سياسته الخارجية والأمنية على أوروبا، ومن الزيادة الساذجة المستمرة في واردات الغاز الألمانية من روسيا.

وتابع التقرير: "لم ترغب برلين في زمن ميركل تحديدًا في سماع مثل هذه التحذيرات حتى النهاية. بيد أن ذلك يتعلق في المقام الأول بظاهرتين ألمانيتين للغاية للثقافة السياسية.

إحداها هي "النزعة السلمية الوطنية الألمانية" الخاصة بنزع السلاح العسكري والتسوية السلمية لجميع نزاعات السياسة الخارجية.

وهي استراتجية على مثاليتها لا تعني تحقيق السلام أو ضمانه، ولا تعني انتهاء الحرب والعنف.

العداء لأمريكا

أما الظاهرة الثانية فتتعلق بالروابط الألمانية الروسية التاريخية، التي حجبت رؤية الحقائق السياسية لنظام بوتين الاستبدادي، وهي روابط تقوم بالأساس على الجوانب السياسية المشتركة المعادية للغرب والديمقراطية والمعادية لأمريكا.

يقول التقرير إن ميركل كانت تعرف بوتين جيداً. كانت هي ومسؤولوها الحكوميون يعرفون ما الذي جعله يتحرك في جورجيا وأوكرانيا عامي 2008و2014. وبصفته عميلاً في المخابرات السوفييتية (KGB) ينتمي إلى نخبة الاتحاد السوفييتي ، فإنه يفكر دوما بطريقة الخدمة السرية والاتحاد السوفييتي. ومع ذلك ارتكنت برلين حصريًا إلى عالم الدبلوماسية. فيما أن الدبلوماسية دون قوة سياسية جادة وردع لا تعني شيئًا مع بوتين ومن الواضح أنها كانت غير ناجحة.

وبهذه الطريقة تمكنت ميركل من الاختباء وراء كواليس الدبلوماسية حتى لا تضطر إلى إجراء مناقشة فعلية بشأن السياسة الأمنية في ألمانيا.

ويتمثل الفشل التاريخي الحقيقي لسياسة ميركل تجاه روسيا، وفق التقرير، في أنها لم تقدها بجدية على الإطلاق لأسباب تتعلق بالسياسة المحلية الألمانية والتكتيكات الانتخابية البحتة. لذلك أصبحت حكومتها مسؤولة بشكل مشترك عن الحرب الرهيبة في أوكرانيا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com